مع تصاعد الاعتماد على التكنولوجيا في الحياة اليومية، يزداد الإقبال على وجهات سياحية تقدّم تجربة مختلفة: انفصال مدروس عن الأجهزة والشاشات بهدف استعادة التركيز والهدوء. 

لكن هذه التجربة لا تعني التخلّي عن الراحة أو الفخامة، بل تأتي في إطار منتجعات راقية تدمج بين العزلة والرفاهية. وفيما تختلف المواقع والأساليب، يبقى القاسم المشترك بينها جميعًا هو السعي لإعادة التوازن عبر الانفصال الرقمي.

نستعرض في ما يأتي 5 منتجعات حول العالم، توفّر تجارب متكاملة لمن يرغبون في الانفصال الواعي وإعادة التواصل مع أنفسهم بعيدًا عن الإيقاع المتسارع للعالم الخارجي.

Eremito – إيطاليا

داخل إيريميتو Eremito في أومبريا الإيطالية، تتحوّل الوحدة إلى فلسفة حياة، داخل دير تاريخي يعود إلى القرن الرابع عشر وقد أُعيد ترميمه بعناية على يد مصمم أزياء سابق. المكان يُعد وجهة سياحية مثالية لمن يبحث عن العزلة والهدوء في بيئة خالية تمامًا من المشتتات، إذ لا وجود لهاتف أو خدمة إنترنت أو تلفاز.

كل ضيف يقيم في وحدة مستقلة بمساحة لا تتجاوز 100 قدم مربعة، مصممة بأسلوب بسيط يراعي النقاء البصري والراحة الوظيفية، مع استخدام خامات طبيعية مثل الحجر والخشب والنسيج القطني.

التجربة لا تكتمل من دون أسلوب الضيافة المعتمد: وجبات نباتية من أربعة أطباق، تعتمد على محاصيل موسمية عضوية تُزرع داخل الموقع، وتُقدَّم في قاعة طعام جماعية، ضمن أجواء هادئة.

أوقات النهار مخصصة لأنشطة مثل المشي وسط الغابة، وجلسات اليوغا والتأمل، إلى جانب مرافق العافية التي تشمل غرفة ساونا، وحوض جاكوزي، وحمّامًا بخاريًا، وعلاجات تدليك بأسلوب تايلاندي. فكل عنصر في إيريميتو مصمم ليمنح الضيوف مساحة للانفصال الواعي عن العالم الرقمي، وإعادة التوازن بين الجسد والعقل.

Eremito – إيطاليا

Eremito

Six Senses Vana – الهند

وفي انتقال من عزلة أوروبا الروحية إلى جبال آسيا، يقع منتجع سيكس سينسيز فانا Six Senses Vana على مساحة 21 فدانًا في دهرادون - أتراكند بالهند، وهو وجهة متخصصة في العافية ترتكز على مفاهيم التوازن الجسدي والذهني. 

منذ لحظة الوصول، يُعرض على الضيوف خيار تسليم هواتفهم وأجهزتهم، لتقتصر إمكانية استخدامها لاحقًا على مناطق مخصصة داخل الغرف فحسب. لكن هذه الخطوة لا تُعد سوى مدخل لتجربة أعمق.

المنتجع يقدّم برامج مخصصة لإزالة السموم تمتد من خمسة أيام إلى 14 يومًا، تجمع بين تمارين اليوغا والتأمل، وتمارين التنفس العلاجية، إلى جانب علاجات الأيورفيدا الهندية والتقنيات العلاجية المستوحاة من أساليب الطب في التبت.

ويكتمل البرنامج بنظام غذائي نباتي غني بالبروتين، مصمم لدعم عملية تنقية الجسم من الداخل وتحفيز النشاط الخلوي واستعادة صفاء البشرة. لا يوجد إفراط في الصرامة، بل توازن مدروس بين ما يحتاج إليه الجسد وما يعيده إلى حالته الطبيعية.

الضيوف يملكون حرية الاختيار: السير في الغابة، أو المشاركة في جلسات الاسترخاء، أو الاستسلام لروتين علاجي مكثف. لكن المشترك بين التجارب كلها هو التركيز الكامل على الانفصال المؤقت عن الإيقاع السريع للعالم الخارجي، واستعادة علاقة صحية مع الذات من الداخل إلى الخارج.

Six Senses Vana – الهند

Six Senses Vana

منتجع نيمو باي – كندا

أما من تقودهم الطبيعة إلى العزلة من دون أن يطلبوها، فيجدون ضالّتهم في منتجع نيمو باي Nimmo Bay، الواقع في قلب غابة غريت بير الكندية، حيث لا سبيل إلى الوصول سوى جوًا أو بحرًا، ولا مجال للتواصل سوى مع الذات. 

هناك، تغيب التغطية الخلوية بالكامل، ويصبح الانفصال الرقمي واقعًا تفرضه الجغرافيا. ورغم توفر شبكة الواي فاي في النزل الرئيس، إلا أنه بالإمكان قطعها تمامًا عن الأكواخ الخاصة بناءً على رغبة الضيف، بل تسليم الهواتف لإيداعها في صناديق مخصصة، لضمان تجربة نقية لا تشوبها أي إشعارات أو وميض شاشات.

بدلاً من تصفح التطبيقات، يمكن للضيوف السباحة في الخليج وصولاً إلى غرفة الساونا العائمة، أو الانغماس في جلسات تدليك واستشفاء ويوغا. 

كما تُنظَّم جولات مشي ورحلات على متن طائرة مروحية لاستكشاف الحياة البرية، من الدببة إلى الحيتان، في مشاهد لا تُضاهى. وتُختتم الأيام بوجبات محضّرة على نار مفتوحة باستخدام مكونات طبيعية مستخرجة من محيط المنتجع نفسه.

تتوزع في الموقع تسع فلل شاطئية يتميّز كل منها بتفاصيل توحي بالدفء، مثل الأرائك الجلدية، وأغطية الصوف الطبيعي، وتكتمل بشرفات خارجية خاصة تُطل على شلال جارٍ يزوّد المنتجع بنحو 80% من طاقته.

منتجع نيمو باي – كندا

Nimmo Bay

ماندابا – إندونيسيا

وبالذهاب إلى أدغال بالي، يُعيد منتجع ماندابا Mandapa تعريف معنى التجدّد الداخلي من خلال برنامج Disconnect to Reconnect (الانفصال بهدف إعادة التواصل)، الذي يحثّ الزوّار على الانفصال المؤقت عن الأجهزة الرقمية والانغماس في تجارب مستوحاة من التراث البالي.

يمتد المنتجع على تلة مكسوّة بالأدغال الاستوائية، وقد شُيّد بأسلوب يُحاكي القرى التقليدية، إذ تتناثر الأجنحة والفلل الخاصة المجهزة بأحواض سباحة بين حقول الأرز، ومعبد يعود تاريخه إلى أكثر من قرن. 

في مركز هذا العالم المتناغم، يُقدَّم برنامج شامل يشمل جلسات يوغا وتأمل علاجية، وعلاجات تُركز على استعادة الهدوء الذهني والتوازن النفسي، إلى جانب جلسات فردية مصممة لمساعدة الضيوف على تجاوز التوتر وتعزيز الصفاء الذهني.

لكن التجربة لا تقتصر على الاسترخاء، بل تتّسع لتشمل زيارات إلى المعابد، ورحلات مشي تأملية في الطبيعة المحيطة. حتى الأطفال والعائلات يجدون مساحة تفاعلية تدمج دروس الطهو وجلسات اليوغا والزيارات إلى المزارع، في إطار هادف يُرسّخ روح المشاركة والانفصال الرقمي الجماعي.

داخل المساحات الداخلية، تهيمن المواد الطبيعية مثل خشب الساج والحجر والخيزران على التصميم، في توليفة تتناغم فيها اللمسات المعمارية المحلية مع عناصر التصميم العصري، فيما تكرس الأعمال الفنية والمنسوجات المحلية سردًا بصريًا يُكمل قصة المكان.

ماندابا – إندونيسيا

Mandapa

فيلا ستيفاني - ألمانيا

وتُختتم الرحلة في مدينة بادن-بادن الألمانية الشهيرة بمياهها العلاجية. هناك، على أطراف الغابة، تقف فيلا ستيفاني Villa Stéphanie بوصفها وجهة استثنائية تُزاوج بين طابع القصور التاريخية ومفهوم العيادة المستقبلية. يعود تاريخ بناء الفيلا إلى عام 1890، وكانت مقرًا ملكيًا لستيفاني دو بوارنيه، حفيدة نابليون بالتبني، ولا تزال إلى اليوم تحتفظ بروح الرفاهية الأوروبية الكلاسيكية.

الفيلا، التي تتبع مجموعة أوتكر الفندقية الفاخرة Oetker Collection، وهي المجموعة نفسها التي تضم فندق لو بريستول باريس Le Bristol Paris وفندق كاب إيدن روك Hotel du Cap-Eden-Roc، تتألف من 15 غرفة فقط، تُكرّس جميعها لصحة الضيف وراحته.

فيلا ستيفاني - ألمانيا

Villa Stéphanie

 يمتد مركز العافية الطبي على خمسة طوابق بمساحة 54 ألف قدم مربعة، ويشمل حوض سباحة كبيرًا، وغرفة ساونا، وحمّامًا تقليديًا، وصالات علاج ولياقة بدنية، إلى جانب فريق طبي متكامل من أطباء وخبراء تغذية ومعالجين متخصصين.

لكن من بين تلك المرافق كلها تبقى واحدة من أكثر الميزات إثارة للانتباه، وهي الزر الموجود بجانب السرير، والذي يسمح للضيف بفصل الأجهزة الإلكترونية وخدمة الإنترنت في الغرفة بلمسة واحدة، لتبدأ بذلك تجربة انفصال رقمي حقيقي من دون تعقيد.