في أمسية يسكنها الضوء وتختلط فيها الأزمنة، عاشت الدرعية مشهدًا استثنائيًا حين احتضن مطل البجيري عرضًا لفن الكابوكي الياباني، في احتفال أنيق بعنوان "ثقافتان على مسرح واحد.. كابوكي في الدرعية". جاء الحدث بمبادرة من هيئة تطوير بوابة الدرعية وبالتعاون مع سفارة اليابان في المملكة، احتفاءً بمرور سبعين عامًا على العلاقات الدبلوماسية بين السعودية واليابان.
وكان من بين الحضور السفير الياباني السيد ياسوناري مورينو، الذي عبّر عن سعادته برؤية فن الكابوكي يُعرض للمرة الأولى بين جدران الدرعية، مؤكدًا أن الثقافة "تمتلك قدرة نادرة على عبور الحدود وتوحيد الشعوب"، ليجسّد بذلك معنى التواصل الحضاري بأبهى صوره.
DIRIYAH
لم يطل الوقت حتى تُترجم كلمات السفير إلى مشهد حي، إذ أطلّ المسرح محمّلاً بإرث القرون. فقد التقت اليابان بعبقها التقليدي مع روح الدرعية المتجددة. وتألق الفنانون اليابانيون في أداء رقصة شاكيوو، التي تنبض برمزية الأسد الأسطوري وتمتزج فيها الدقة اليابانية بإيقاعات الوا دايكو وأنغام آلة تسوغارو شاميسن، فيما انضم الأداء السعودي بفن السامري ليصوغ مشهدًا يجمع الشرقين في حوارٍ موسيقيٍّ وثقافيٍّ واحد.
DIRIYAH
ذلك المشهد كان جزءًا من احتفال أوسع استقطب كبار الشخصيات الرسمية والثقافية. فقد حضر العرض معالي نائب وزير الخارجية المهندس وليد بن عبدالكريم الخريجي، وسعادة سفير اليابان، إلى جانب نخبة من الشخصيات الدبلوماسية والثقافية. وأكد الوزير في كلمته أن العلاقة بين الرياض وطوكيو لم تعد تقف عند حدود الاقتصاد والسياسة، بل تمتد لتلامس جوهر الإنسان وروح ثقافته، مشيرًا إلى أن الرؤية السعودية اليابانية 2030 تمهّد لقيام شراكة استراتيجية تُثمر استقرارًا وازدهارًا يمتدان إلى المنطقة والعالم.
DIRIYAH
وفي ليلةٍ امتلأت بالفن والإبداع، بدا أن كلمات الوزير تجد صداها في كل تفصيلٍ على المسرح؛ فالعرض لم يكن مجرد احتفاءٍ فني، بل تجسيدًا لثقافة الاحترام والتفاهم بين الشعبين السعودي والياباني، واستحضارًا لسبعة عقودٍ من العلاقات المتينة التي تمضي بخطى واثقة نحو المستقبل. ومن هذا الامتداد الحضاري، يواصل موسم الدرعية 25/26 رسم ملامح المشهد الثقافي عبر أكثر من مئة وعشرين يومًا من الفعاليات الفنية والتراثية، لتبقى الدرعية بوابة الجمال والإرث، ومنصتها الدائمة لحوار الحضارات.




