خمسة مصممين يزاوجون في إطلالاتهم بين المهنية و التأنق

 تصوير: مارك مان Mark Mann

 

تنشأ في العادة نزعة بعض الناس إلى التميز في أسلوب الأناقة في سن مبكرة لتتجلى إذ ذاك في إطلالة قوامها معطف، وسترة غير رسمية، والتزام راسخ (يندمون عليه لاحقًا بعض الشيء) بانتعال زوج من الأحذية المرتفعة التي تزهو بألوان معدنية. وفيما يتعلق بأولئك الذين يتنبهون في مرحلة مبكرة إلى إمكانات الانتقال بالملبس من شأن تفرضه الضرورة إلى مغامرة ماتعة، غالبًا ما يكون هذا التحول سريعًا وفوريًا. فالملبس يتجسد فيما ترتديه الجموع. أما الأسلوب، فيُختزل بالمظهر المتميز الذي يتحدى المألوف ليكرّس ما هو أفضل على مستوى المظهر.

 

لطالما جاور عالم التصاميم الداخلية عالم الأزياء، إنما في معظم الأحيان من باب الإعجاب. لكننا فيما يأتي نسلط الضوء على جانب آخر من هذا التقارب من خلال خمسة رجال ناشطين في قطاع التصميم يشكّل أسلوبهم الشخصي في الأناقة حالة عفوية لا تنفصل عن نشاطهم المهني.

 

لم نلجأ في مقاربتنا إلى خبراء في مجال تنسيق الأزياء، ولم نحتج إلى اختيار ملابس بعينها. طلبنا عوضًا عن ذلك من كل واحد من هؤلاء الرجال، الذين يشتهرون بابتكار التصاميم الداخلية وقطع الأثاث، والبحث عن المواهب، وتمثيل علامات تجارية ناشطة في عالم التصاميم، أن يختار من خزانته الخاصة ما يمثل نسخته الفردية عن إطلالة تليق بيوم عادي في حياته بوصفه مصممًا. وهذا ما اختاره المصممون الخمسة لإطلالاتهم.

 

 إريك تشانغ

 

 " الخبير في تصميم قطع الأثاث، والمؤسس المشارك مع دانيال هيلمان في دار هيلمان – تشانغ "

-بروكلين

 

قواعد التأنق

أعتمد أسلوبًا شخصيًا تقليديًا في جوهره. لطالما حرصت على تثمين التفاصيل، وقد ورثت هذه السمة عن جدي الذي كان يشغل منصب جنرال بثلاث نجوم في جيش القائد العسكري تشيانغ كاي – شيك في تايوان. كان جدي يقول لي: «احرص على تقديم نفسك بأفضل مظهر ممكن دلالة على احترامك للآخرين من حولك».

 

تأثير عميق

في بدايات مسيرتي المهنية، كنت أحضر الاجتماعات ولا أعرف حقيقة ما ألقي به على مسامع الآخرين. لكن أسلوب تأنقي كان يجعل الآخرين ينصتون إلى ما أقوله. فإطلالتي كانت تعزز على الفور مصداقيتي.

 

السر في التفاصيل

للتفاصيل دور جوهري في أي قطعة ملابس تزهو بتصميم بديع يتصدى للتغيرات التي يشهدها عالم الأزياء. يمكن للمرء أن يفصّل بذلة بتصاميم مختلفة كثيرة. لكن ما الذي يميز بذلة رائعة عن أخرى عادية؟ بعيدًا عن طبيعة القصة وتناسق الأبعاد، يكمن السر في التفاصيل الدقيقة. ينطبق الواقع نفسه على عالم تصميم المفروشات. فكما هو الحال مثلاً في عروة الزر المحاكة يدويًا وفقًا لأسلوب الخياطة في ميلانو، والمميزة لطية الصدر في سترة البذلة التي أرتديها هنا، ثمة تشطيبات يدوية الصنع تزين بشكل خفي الجهة السفلية لتصميم مائدة طعام. إنها واحدة من تلك الحالات حيث المحصلة النهائية تكون أكثر تأثيرًا من أجزائها المنفردة. أنت تتأمل في بذلة ما وتشعر بأنها خلّفت لديك أثرًا ما. وإننا نسعى إلى تحقيق التأثير نفسه في عالم المفروشات».

 

«احرص على تقديم نفسك بأفضل مظهر ممكن دلالة على احترامك للآخرين من حولك»

 

www.hellman-chang.com

 

توماس لافان

 سترة من يوجي ياماموتو، وسروال من كوم دي غارسون، وقميص من درايز فان نوتن.

 سترة من يوجي ياماموتو، وسروال من كوم دي غارسون، وقميص من درايز فان نوتن.

 

" مؤسس معارض توماس لافان للمفروشات ومستلزمات المنازل "

- لوس أنجلوس

 

مغامرة يومية

تنجم تأثيرات كثيرة عن مسار ارتدائي لملابسي كل صباح. إني أرى في الأمر مسارًا إبداعيًا أبدأ به نهاري. فأناقتي كفيلة بالترفيه عن الآخرين وإلهامهم إذ إنها تضع بين أيديهم موضوعًا للحديث. صحيح أني لا أتأنق من أجل هذه الأسباب، لكني أدرك أن الإطلالة التي أكون عليها لدى مغادرتي المنزل ستلقى بعض ردود الفعل من الآخرين.

 

حضور مميز

منذ بضعة أسابيع، زار بعض الزبائن معرضنا في لوس أنجلوس، وكنت آنذاك أرتدي سروالاً فضفاضًا من تصميم دار كوم دي غارسون. كان السروال يبدو بطيّات اللباد التي تراكبت فوقه أشبه بتنورة اسكتلندية الطراز. لاحظت أن أولئك الزبائن كانوا يتمعنون في مظهري، وشعرت بعض الشيء بعدم الارتياح. لكني تصديت للإحساس بالانزعاج واقتربت منهم وألقيت التحية، فبادروني بالسؤال التالي: «هل قصدت اسكتلندة مؤخرًا؟ فالتنورة التي ترتديها تبدو رائعة». أدركت آنذاك أن الأزياء قد تشكل وسيلة للتفاعل مع الآخرين، لا سيما في كاليفورنيا حيث المظهر التقليدي السائد يُختصر بقميص من طراز تي-شيرت وسروال جينز. إنها موضوع مثالي للمحادثة.

 

أناقة سابقة لأوانها

إن الملابس التي أقتنيها تتجاوز حدود المتوقع والمألوف. بل إن ارتداءها قد يشكّل تحديًا حتى إليّ شخصيًا، وقد يكون مزعجًا، وهذه أمور أواجه مثلها كل يوم في سياق عملي. إنها إذًا فرصة لاكتساب عبرة رائعة عن كيفية اختبار حالة من الإزعاج أو الإثارة والانتقال إلى الخطوة التالية.

 

«قد تشكل الأزياء وسيلة للتفاعل مع الآخرين. إنها موضوع مثالي للمحادثة»

 

www.thomaslanvin.com

 

 جيمي درايك

 قميص من توم فورد، وسترة من كالفن كلاين، وسروال من لانفان، ونظارات من روبرت مارك، وسوار من سيمان شيبز.

 قميص من توم فورد، وسترة من كالفن كلاين، وسروال من لانفان،
ونظارات من روبرت مارك، وسوار من سيمان شيبز.

 

 " خبير التصاميم الداخلية والمؤسس المشارك مع كاليب أندرسون في دار درايك/أندرسون،

والناشط في مجال الأعمال الخيرية. "

- مدينة نيويورك

 

في خبايا الذاكرة

أنجزنا العام الفائت مشروعًا تصميميًا لزبون تذكّر أنه كان قد التقاني قبل خمسة عشر عامًا في مطعم مزدحم بالزائرين في فرانكفورت. قال لي هذا الزبون: «كانت ملابسك تعكس إطلالة بالغة الأناقة». بل إنه وصف إطلالتي بأدق تفاصيلها، مشيرًا إلى أني كنت أرتدي آنذاك سروالاً بنيًا من بول سميث يزدان بمربعات كبيرة الحجم باللون الفيروزي، وقميصًا فيروزيًا يزهو بالنقوش المربعة المتعرجة، وسترة غير رسمية مشغولة من النسيج البني المضلع عرضيًا. ظل هذا الزبون يحتفظ في ذاكرته بصورة لإطلالتي تلك طيلة 15 عامًا. وعندما احتاج هو وزوجته إلى الاستعانة بخدمات خبير في التصاميم الداخلية، بادرها قائلاً: دعينا نتصل بجيمي درايك».

 

لغة عالم الأزياء

قالت لي إحدى الزبونات مرة: «لقد مللت من أسلوب فيرساتشي. آن الأوان لاعتماد أسلوب لورو بيانا». لقد استعانت باسمي اثنتان من العلامات التجارية للتعبير عن مرادها، وأنا فهمت مقصدها بالكامل.

 

مصدر إلهام متفرد

لطالما خلّف عالم الأزياء تأثيرًا بالغًا في تصاميمي، فاستلهمت منه توجهات عامة وتفاصيل دقيقة أختارها مثلاً من ثوب يحمل توقيع فالنتينو، أو من مقبض أو سلسلة أو طية تتزين بها حقيبة من دار سان لوران. ففي هذه التفاصيل وجدت إلهامًا مصدره العمالقة في عالم صناعة الأزياء.

 

تناسق بديع

عندما كنت طالبًا، قدّمت عرضًا متكاملاً لمشروع تصميمي. وعندما فرغت من العرض، قال لي الحاضرون جميعهم: «لا نعرف إن كان يجدر بنا أولاً التمعن في ملابسك أو في لوحات العرض». فالزي الذي اخترته آنذاك كان يتناسق مع عرضي التصميمي، وقد زاوجت فيه بين حذاء عال من فيوروتشي من طراز أحذية رعاة البقر مصنوع من الجلد باللون الذهبي، وسروال جينز مستدق القصة باللون العاجي، وقميص فضفاض يستلهم قمصان القراصنة، وكنزة محبوكة من صوف الأنغورة بلون الخزامى.

 

«استلهمت تفاصيل دقيقة أختارها مثلاً من مقبض أو سلسلة أو طية تتزين بها حقيبة.

ففي هذه التفاصيل وجدت إلهامًا مصدره العمالقة في عالم صناعة الأزياء»

 

www.drakeanderson.com

 

 رون وودسون

 سترة من بروكز براذرز، وقميص من توماس بينك، وسروال من تيد بايكر، ورابطة عنق من فيرساتشي، وحذاء من برادا، ومنديل للجيب وزهرة لزينة طية صدر السترة من بينغوينز، وساعة من آليسي، وأزرار أكمام بتصميم عتيق الطراز مشغول بتقنية النقش تعود إلى ستينيات القرن الفائت، ونظارات من سابين بي لدى محال غوغوشا.

 سترة من بروكز براذرز، وقميص من توماس بينك، وسروال من تيد بايكر، ورابطة عنق من فيرساتشي،
وحذاء من برادا، ومنديل للجيب وزهرة لزينة طية صدر السترة من بينغوينز،
وساعة من آليسي، وأزرار أكمام بتصميم عتيق الطراز مشغول بتقنية النقش تعود إلى ستينيات القرن الفائت،
ونظارات من سابين بي لدى محال غوغوشا.

 

" الخبير في التصاميم الداخلية، والمؤسس المشارك مع جيم رامرفيلد في

دار وودسون أند رامرفيلد هاوس أوف ديزاين،

والناشط في مجال الحفاظ على المواقع العمرانية. "

- لوس أنجلوس

 

حكاية لوس أنجلوس

كان والداي يبديان اهتمامًا بالغًا في التأنق، وكانا مولعين بعالم الأزياء. كان والدي عازفًا لموسيقا الجاز، ولا أذكر أني رأيته مرة يرتدي سروال جينز. وأذكر أن جدّينا كانا يصحباننا نحن الأحفاد كلاً على حدة إلى مطعم كليفتون في وسط المدينة. كان جدي، آنذاك، يظهر بكامل أناقته وقد ارتدى بذلته ورابطة عنقه واعتمر قبعته. كانت جدّتي هي الأخرى ترتدي ثوبًا وتعتمر قبعة وتكمّل إطلالتها بزوج من القفازات. كانت أناقتهما تختزل معرفتي بلوس أنجلوس.

 

أناقة متبصرة

قد يعلّق أحدهم على ملبسي، فتجيب شريكتي قائلة: «لقد ظل يخطط لما سيرتديه لهذه المناسبة طيلة ثلاثة أسابيع». وهي محقة في ذلك. فاختيار الملابس عندي مسألة إحساس، وأشعر بأني على أفضل حال عندما أنجح في تنسيق ما سأرتديه. الأمر يقتضي إذًا بعض التفكر، أي أني لا أكتفي بالنظر إلى خزانة ملابسي وأقول: حسن، سأرتدي هذه القطعة». على العكس من ذلك، أفكر مليًا في كل تفصيل سأتزين به من رأسي إلى أخمص قدمي، فأتأنى في اختيار النظارات والسترة ومنديل الجيب والسروال والحزام، حتى إن لم يكن هذا الأخير ظاهرًا للعين.

 

أسلوب جريء

تشكّل أزرار الأكمام ومناديل الجيب كماليات تضفي على إطلالتي مظهرًا جريئًا حد الجنون، إنما يُعد راقيًا في آن. إنها وسيلة تعبيرية تتيح للرجل المتأنق أن يتميز عن الآخرين. فالحذاء الأسود يبقى حذاء أسود وحسب ولا يضمن إذ ذاك مظهرًا متميزًا.

 

www.wandrdesign.com

 

 مارتشيلو لوتشيتا

سترة غير رسمية وقميص مشغولان بحسب الطلب من فابيو كارينو، وسروال حيك بحسب الطلب من آينجل بيسبوك، وحذاء من بيلجيان، وساعة Submariner عتيقة الطراز من رولكس تعود إلى عام 1972.

سترة غير رسمية وقميص مشغولان بحسب الطلب من فابيو كارينو، وسروال حيك بحسب الطلب من آينجل بيسبوك،
وحذاء من بيلجيان، وساعة Submariner عتيقة الطراز من رولكس تعود إلى عام 1972.

 

" نائب رئيس دار بروميموريا للمفروشات في الأمريكيتين. "

- مدينة نيويورك

 

إطلالة متفردة للحفلات

أحب أن يعكس مظهري الإطلالة الأشد أناقة ضمن الحشد، أو الشخصية المتمردة. وعندما أحتار في اختيار ما سأرتديه، أعلو بإطلالتي فوق المتوقع والمألوف. فأنا لا أحب الحلول الوسطية.

 

مسألة جوهرية

عندما تتبلور فكرة ما لديّ، عن قطعة للزينة أو صورة رأيتها في مجلة، أشرع في البحث في اتجاه معيّن عن سبل تحقيقها. فقد استلهمت مثلًا السترة التي أرتديها هنا من اهتمامي بالأقمشة اليابانية. كنت في صدد إجراء بحث عن هذه الأقمشة ووقعت عبر أحد المواقع الإلكترونية على القماش الذي حيكت منه هذه السترة. ابتعت آنذاك بضعة أمتار منها وأخذتها إلى صديقي فابيو كارينو في إيطاليا حيث شركته العائلية تمتهن فن الحياكة. قابلت فابيو وابتكرنا معًا هذه السترة الأنيقة. انبثق المشروع كله من شعوري بالفضول تجاه موضوع ما.

 

تفصيل مرح

تستهويني مناديل الجيب التي تذكّر بتلك المحارم التي تحملها الجدات. وكلما زرت ولاية من الولايات الأمريكية، أحرص على البحث في محال السلع المستعملة والأسواق الشعبية عن منديل يمثّل الولاية. تُباع هذه المناديل في العادة مقابل دولارين أو ثلاثة دولارات، وقد يصل ثمنها في مرات نادرة إلى عشرة دولارات. يزهو المنديل في العادة بنقش لخارطة الولاية. صحيح أن هذه المناديل لا تعكس رقيًا في المظهر برسوماتها وطبعات الأزهار التي تتزين بها أحيانًا، لكني أجد بعض المرح في جمعها. كما أنها تشكّل دومًا موضوعًا جيدًا لتبادل الأحاديث.

 

ضحية عالم الأزياء

أشعر بالتوتر عندما أفكر في الطلب إلى والدي بأن يقلّني من المطار. فهو يبادرني في مثل هذه الحالات قائلاً: «أنظر إلى نفسك. عندما كنت في مثل سنك، كنت أضع دومًا رابطة عنق. لو أني كنت أعمل في دارك، لحرصت على الحضور كل يوم إلى العمل متزينًا برابطة عنق».

 

«للتأنق في إيطاليا قواعد راسخة. فثمة أسلوب أو سلوك خاص يحكم ارتداء البذلات.

إنه ما نسميه الأناقة المتبصرة بغير تكلف»

 

www.promemoria.com