كبار صناع الساعات يكشفون عن أحداث إبداعاتهم بموانئ تزهو بتدرجات لونية خضراء تعكس التوجه السائد لهذا العام.


لم يخفَ على هواة الساعات ممّن تابعوا عن كثب إصدارات الدور الأخيرة في هذا القطاع، لا سيّما خلال دورة هذا العام الرقمية من معرض واتشز آند وندرز Watches & Wonders (أو ساعات وعجائب)، لم يخفَ عليهم الحضور الطاغي للون الأخضر الذي تزيّنت به مجموعة وفيرة من ابتكارات الصنّاع. قد لا يكون الأخضر لونًا طارئًا على عالم الساعات، وكلنا مثلًا ألفناه في ساعات من طراز Submariner من رولكس، أو في ساعات بانيراي، لا سيّما ضمن مجموعة Radiomir، فضلاً عن أنه وجد طريقه في السنوات الأخيرة إلى مجموعات عدد من الدور، بما في ذلك ساعة هوبلو المشغولة في علبة من البلور الياقوتي باللون الأخضر، ومجموعة 1858 من مون بلان، وفيها زهت موانئ بعض الطرز بلون أخضر السباقات البريطانية، ومجموعة Fifty Fathoms Bathyscaphe التي قدمت بلانبان من خلالها أول طراز Bathyscaphe Chronograph Flyback بميناء أخضر. لكن هذا اللون لا يكاد اليوم يغيب عن معظم إصدارات دور الساعات، ولا يحضر بتدرجاته العسكرية فحسب، بل بظلال ألوان الزيتون والنخيل والزمرد والمياه الفيروزية أيضًا، ليتكرّس توجّهًا سائدًا هذا العالم يحمل مسحة أمل وتفاؤل إلى زمن ما بعد الجائحة. فهل ينجح اللون الأخضر في إقصاء تدرجات الأزرق التي كانت تتربع على عرش ألوان الساعات؟ نستعرض في ما يأتي ستة طُرز من أجمل ما ابتكره الصنّاع لهذا العام باللون الأخضر 


Patek Philippe Nautilus Ref. 5711/1A-014

حلة جديدة

جسّد طراز نوتيلوس من باتيك فيليب ترجمة الدار للساعة الرياضية الأنيقة منذ عام 1976، وتمايزت في السنوات الأخيرة ضمن المجموعة ساعة نوتيلوس ذات الرقم المرجعي Ref. 5711/1A-010. تحوّلت هذه الساعة بمينائها الأزرق وعلبتها المشغولة من الفولاذ المقاوم للصدأ إلى مطلب هواة جمع الساعات الذين لن يتوانوا اليوم عن تكبد مبالغ باهظة لاقتناء نموذج منها في السوق الثانوية، لا سيّما بعد أن أعلنت باتيك فيليب عن وقف إنتاجها. لكن بموازاة هذا الإعلان، طرحت الدار مؤخرًا أربع ساعات نوتيلوس جديدة بينها خلف الساعة الشهيرة ذات الميناء الأزرق. تكاد الساعة الجديدة ذات الرقم المرجعي 5711/1A-014 تماثل سابقتها في كل تفصيل في ما خلا لون مينائها. صيغت الساعة في العلبة الفولاذية ذات الشكل الهندسي الشهير المستلهم من كوة السفينة، وتزيّنت بقرص وسوار يزاوجان بين لمسات نهائية مصقولة وأخرى ممشطة نُفّذت يدويًا. أما الميناء الذي تتوزّع في محيطه مؤشرات الساعة المصقولة بالذهب، فتدثّر للمرة الأولى في تاريخ طراز نوتيلوس بلون الزيتون الأخضر في هيئة نقوش أفقية.

Patek Philippe Nautilus Ref. 5711/1A-014

Patek Philippe


ينبض قلب الساعة، التي توفر مقاومة ضد نفاذ الماء حتى عمق 120 مترًا، بالمعيار الحركي ذاتي التعبئة 26-330 S C الذي يظهر عبر غطاء العلبة الخلفي المشغول من البلور الياقوتي الشفاف.

Patek Philippe Nautilus Ref. 5711/1A-014

Patek Philippe


استحضرت باتيك فيليب اللون الأخضر أيضًا في نسخة 5711/1300A-001 الأكثر رسمية والتي رُصع قرصها بألماسات برّاقة (زنة 3.6 قيراط) قُطعت في شكل شبه منحرف لتوائم المنحنيات الدائرية لشكل العلبة في طراز نوتيلوس.


Rolex Oyster Perpetual Datejust 36

مناخات استوائية

أطلقت رولكس طراز Datejust للمرة الأولى سنة 1945، كاشفة عن أول ساعة كرونوميتر ذاتية التعبئة للمعصم مجهزة بوظيفة عرض التاريخ عند مؤشر الساعة 3. آنذاك، جمعت الدار في مأثرتها، أبرز الابتكارات التي أسهمت العلامة من خلالها في تحديد وجه ساعة المعصم العصرية. وقد حافظ هذا الطراز على مكانته بمرور السنين وظلّ يتفرّد بالمزايا الجمالية التي تتيح تعرّفه على الفور. وعندما قررت رولكس مؤخرًا تحديثه، عمدت إلى إعادة ابتكار طابعه الجمالي. في ثلاث نسخ من الإصدارات الجديدة ضمن طراز Oyster Perpetual Datejust 36، صاغت الدار نبض وقت يستلهم مناخات استوائية. تستوطن الساعات علبًا من الفولاذ المقاوم للصدأ Oystersteel الخاص برولكس، أو من معدن Rolesor (الذي يجمع بين فولاذ رولكس والذهب الأصفر عيار 18 قيراطًا) أو من معدن Everose Rolesor (المشغول من مزيج فولاذ رولكس والذهب الوردي عيار 18 قيراطًا). لكن المميز هذه المرة هو موانئ الساعات التي تتزين بزخارف تحاكي سعف النخيل. في النموذج ذي العلبة الفولاذية، زهت هذه الزخارف بلون أخضر زيتوني يذكر بالغابات الاستوائية الغناء.

Rolex Oyster Perpetual Datejust 36

JVA Studios/Rolex


جُهزت الإصدارات الجديدة كلها بالمعيار الحركي 3235 الذي طرحته الدار بداية سنة 2015 والذي يضمن لساعات Datejust منذ عام 2018 أداء متميزًا من حيث الدقة في قياس الوقت، واحتياطي الطاقة الذي يدوم نحو 70 ساعة، فضلاً عن مقاومة الصدمات وتأثيرات الحقول المغناطيسية.


Breitling Premier B09 Chronograph 40

القديم المتجدد

لم يكن بيلي بريتلينغ يتحلى بالجرأة والحذق التقني فحسب. فحفيد ليون بريتلينغ، الذي أسس الدار سنة 1884، كان يدرك أيضًا توق الزبائن إلى مسحة أناقة وألق، على ما يشهد قوله: "عندما يزيّن الرجل معصمه بساعة، فإنها تشكل ختمًا صريحًا على ذائقة رفيعة". ربط بيلي قوله بالفعل عندما صممّ في أربعينيات القرن الفائت ساعات Premier الأصيلة التي جسّدت أول خطوة للعلامة على درب الجمع بين الأداء الوظيفي والأسلوب بعد أن كانت بريتلينغ تشتهر خصوصًا بآلات قياس الدقة، لا سيّما الساعات المخصصة للوحدات العسكرية والطيارين. وإذ يحتفي اليوم الصانع بذاك التحول، يكشف عن مجموعة جديدة تُكرّم حس الابتكار عند ثلاثة أجيال من العائلة، بدءًا من المؤسس ليون، ومرورًا بابنه غاستون (مبتكر إحدى أولى ساعات الكرونوغراف المخصصة للمعصم والمجهّزة بزر ضاغط مستقل)، وصولاً إلى الحفيد بيلي. يبرز ضمن مجموعة Premier Heritage Collection الجديدة طراز Premier B09 Chronograph 40 في نموذج تتمايز علبته المشغولة من الفولاذ بقطر 40 ملليمترًا بميناء تصفه الدار بالأخضر الفستقي. وسط المساحة الخضراء، يتجلى ميناءان ثانويان غائران لعرض وظائف الكرونوغراف يحيط بهما مقياس للسرعة، ومؤشرات للساعة بأرقام عربية، فيما عقربا الساعات والدقائق مصقولان بمادة Super-LumiNova الوضّاءة لتعزيز الوضوح في القراءة. تتمايز الساعة أيضًا بسماكة علبتها التي لا تزيد على 13 ملليمترًا إلا بمقدار ضئيل بسبب المعيار الحركي B09 يدوي التعبئة الذي يوفّر مقاومة للماء حتى عمق 100 متر.

Breitling Premier B09 Chronograph 40

Breitling

Breitling Premier B09 Chronograph 40

Breitling
 

H. Moser & Cie Pioneer Tourbillon Mega Cool

مرونة في الإبداع

أعادت دار إتش موزر آند سي تصوّر آلية التوربيون في إصدار حديث أحسنت تكييفه مع مقتضيات نمط الحياة العصري. ففيما تشتهر آلية التوربيون من حيث كونها تعقيدًا بالغ الدقة، قدمتها الدار في علبة متينة بطابع رياضي يبلغ قطرها 42.8 ملليمتر ولا تزيد سماكتها على 10.8 ملليمتر. تتجلى مأثرة الدار واحدة من ساعات التوربيون القليلة التي يمكن التزيّن بها في أثناء ممارسة الرياضة، أو حتى خلال السباحة، لا سيما وأنها توفّر مقاومة لنفاذ الماء حتى عمق 120 مترًا. كما تتكامل متانة العلبة مع المزايا المتفردة للمعيار الحركي ذاتي التعبئة HMC 804 الذي جُهّز، إلى جانب آلية التوربيون المحلق التي تتم دورة كاملة في دقيقة واحدة، بنابض شعري مزدوج لضمان أعلى قدر ممكن من الدقة في قياس الوقت. لكن مزايا الأداء ليست وحدها ما يتفرد به هذا الطراز الذي يوفّر أيضًا احتياطيًا للطاقة يدوم 72 ساعة. فإلى ذلك يُضاف الميناء الذي يستحضر لونه الأزرق المائل إلى الخضرة Blue Lagoon سحر المياه الفيروزية للبحيرات في محيط الجزر. وتزيد في هذا التمايز الهندسة ثلاثية الأبعاد للعقربين المشغولين في جزئين مصقولين بمادة Globolight المبتكرة من السيراميك والمعززة بمادة Super-LumiNova الوضّاءة.

H. Moser & Cie Pioneer Tourbillon Mega Cool

H. Moser & Cie


تطرح الدار هذا الطراز في إصدار محدود يقتصر على 50 نموذجًا تتوافر لها خيارات عدة للسوار تتفاوت بين المطاط، والفولاذ، وجلد التمساح، وألياف كيفلار الاصطناعية.


Audemars Piguet Royal Oak “Jumbo” Extra – Thin

وهج الزمرد

طرحت أوديمار بيغيه الموانئ المصنوعة من الأحجار المُلوّنة للمرة الأولى في سبعينيات القرن الماضي، معتمدة في ذلك تدرجات من ألوان البني والأخضر والأزرق، ليتحول التمايز اللوني إلى سمة حاضرة في العديد من ابتكاراتها. وقد يكون إطلاق أوديمار بيغيه هذا العام خمسة طُرز من ساعات Royal Oak بموانئ خضراء اللون خير دليل على تبنيها الجاد للتوجّه الذي يحضر اليوم بقوة في أوساط كبار الصنّاع. شملت الإصدارات الجديدة نسخة بالغة الرقة من طرازJumbo يقدمها الصانع في علبة مشغولة للمرة الأولى من البلاتين بقطر 39 ملليمترًا وبسماكة لا تزيد على 8.1 ملليمتر. لكن على غير ما هو عليه حال ساعات Jumbo الأخرى، جرّدت أوديمار بيغيه هذه النسخة من النقوش المربعة المميزة للميناء مؤثرة تصميمًا أكثر نقاوة يزهو بزخارف تحاكي أشعة الشمس وبلون أخضر مدخّن يخبو تدريجيًا ليصبح أكثر قتامة عند الأطراف. فوق هذا البساط الزمردي، تشع مؤشرات الساعات المصنوعة من الذهب الأبيض، وعقربان مصقولان بمادة وضاءة تعزّز الوضوح في قراءة الوقت ليلاً. أما آلية الحركة Calibre 2121، فيميزها دوّار للتعبئة الذاتية صيغ من الذهب الصلب عيار 22 قيراطًا وتتأتى للناظر رؤيته عبر الغطاء الخلفي الشفاف للعلبة.

Audemars Piguet Royal Oak “Jumbo” Extra – Thin

Diode SA - Denis Hayoun


لن تنتج أوديمار بيغيه سوى 100 نموذج من هذا الطراز الذي يتألق بوهج الزمرد، وستقتصر وجهات بيعها على "منازل" الدار، الوجهات المخصصة لجامعي ساعات أوديمار بيغيه في عدد من أهم مدن العالم.

Audemars Piguet Royal Oak “Jumbo” Extra – Thin

Diode SA - Denis Hayoun
 

Altiplano Ultimate Concept La Côte-aux-Fées Piaget

إصدار احتفالي

تفوّقت بياجيه في ابتكار آليات الحركة بالغة الرقة منذ عشرينيات القرن الفائت، ليتجلى أحدث إنجازاتها في مجال الهندسة الرقيقة سنة 2018 من خلال المفهوم التصوري لساعة Altiplano Ultimate Concept التي لا تزيد سماكتها على ملليمترين. كان الاعتقاد الغالب آنذاك أن تحويل هذا التصوّر إلى ساعة تدخل حيّز الإنجاز سيبقى مستحيلاً. لكن الدار أثبتت خطأ هذه الفرضية ونجحت العام الفائت في بناء مأثرتها. أما أبرز ما أتاح للصانع تحقيق هذا الإنجاز، فكان دمج آلية الحركة بالعلبة نفسها التي صيغت من مركب معدني يرتكز إلى الكوبالت، فضلاً عن خفض سماكة التروس والبلور الياقوتي، وتطوير تاج مدمج مثبت في وضع مسطح إلى الجزء الأوسط من العلبة.

Altiplano Ultimate Concept La Côte-aux-Fées Piaget

Piaget
 


تطرح بياجيه اليوم هذه المأثرة في نسخة تكرّم من خلالها معقل إبداعاتها. فالنسخة الجديدة من الساعة الأكثر رقة في العالم تستحضر في الأذهان مفاتن الطبيعة المميزة لمنطقة "لا كوت أو فيه" في مقاطعة جورا السويسرية، هناك حيث أسس جورج إدوارد بياجيه الدار، وحيث يعكف الصنّاع اليوم على ابتكار آليات الحركة بالغة الرقة التي تحمل اسم بياجيه. تتزيّن الساعة بجسر، وبراغٍ، وعقارب، وميناء بلون يستلهم خضرة الغابات في تلال جورا ووديانها في موسمي الربيع والصيف، شأنها في ذلك شأن السوار المشغول من جلد التمساح. وقد حملت الصفيحة الرئيسة نقش عام 1874، تاريخ تأسيس الدار، في خطوة إضافية للتذكير بما ترمز إليه الساعة.