من حلبة دايتونا إلى مرتفعات تارغا فلوريو، ثم إلى نوربورغرينغ، فأنغولا، حيث واصلت رحلتها خلال حقبة السبعينيات، تبرز سيارة ألفا روميو Alfa Romeo T33/2 كأيقونة لا يخبو ألقها، وتعود اليوم لتعتلي منصة المزادات.
تلك النسخة التي يحمل هيكلها الداخلي رقم 015، تُعد واحدة من بين 23 نموذجًا صُنع من الطراز، ولم ينجُ منها سوى 10 سيارات فقط حتى اليوم. على أن ما يميز هذا الإصدار بالتحديد هو أنه مزوّد بمحرك نادر بسعة 2.5 لتر، لم يُستخدم إلا في عدد محدود من سيارات T33/2، ما يجعل السيارة قطعة فريدة في سجل العلامة.
تُجسّد هذه السيارة سيرة حية لزمن كانت فيه المنافسة شغفًا خالصًا. بعد أن استُعيدت من أحد المستودعات المنسية في لواندا، خضعت لترميم شامل وأعادت إشعال الحنين إلى عصر السباقات الذهبي.
والآن، تُعرض السيارة للبيع في مزاد آر إم سوذبيز المرتقب في الرابع عشر من أغسطس 2025، ضمن فعاليات مونتيري. وقد قُدّرت قيمتها بين 1.7 مليون ومليوني دولار أمريكي، ما يعكس ندرتها وجاذبيتها التاريخية في أعين هواة الاقتناء حول العالم.
ألفا روميو T33/2.. أسطورة متنقّلة عبر القارات
وُلدت سيارة ألفا روميو T33/2 بوصفها الوريثة الشرعية لطراز TZ، وصُمّمت بأيدٍ خبيرة في ورشة أوتودلتا Autodelta، الذراع السباقية غير الرسمية لعلامة ألفا روميو الإيطالية.
RM Sotheby's
وقد صاغ المهندس كارلو كيتي، القادم من أروقة فيراري، آلية الدفع من محرك V8 سعة ليترين، وزوّدها بهيكل انسيابي مغلق يحاكي فلسفة النماذج الأولية التي كانت تتسابق في الحقبة نفسها مثل Ferrari P4 وPorsche 908. وساهمت هذه السيارة لاحقًا في منح ألفا روميو لقبين في بطولة الصانعين، إلى جانب مركزين وصيفين، خلال أكثر من عقد.
أما ما يجعل الهيكل الداخلي رقم 015 استثنائيًا فعلًا، فهو كونه من النماذج القليلة التي جُهزت لاحقًا بمحرك سعة 2.5 لتر. فقد بدأت أوتودلتا بتجربة هذا التعديل في موسم 1968، تحديدًا خلال سباق تارغا فلوريو Targa Florio، حين ظهر إصدار 015 لأول مرة بهذه المواصفات. وكان السائق المحلي نينو فاكاريلا قد انطلق انطلاقة قوية على أرضه قبل أن يتسلّم زميله أودو شوتز القيادة، لينهي المغامرة بصدام مع أحد الجدران إثر انزلاق غير محسوب.
RM Sotheby's
لكن سرعان ما استعادت السيارة حضورها في حلبة نوربورغرينغ، محققة المركز السابع إجمالًا، لتواصل تألقها لاحقًا في سباقات مثل الجائزة الكبرى النمساوية، حين حازت المركز الرابع بقيادة الثنائي تيدي بيلت وغوستاف غوسلين، ثم انتقلت الملكية إلى فريق VDS البلجيكي بقيادة الكونت رودولف فان دير ستراتن، وريث عائلة ستيلا أرتوا، فاستمرت في المشاركة بعد تعديلات خفيفة، وحققت نتائج لافتة في سباقات مونزا وسبا عام 1969.
غير أن الفصل الأغرب بدأ حين بيعت السيارة إلى السائق البرتغالي أنطونيو بيشينيو الذي شحنها إلى أنغولا، حيث خاض بها بضعة سباقات محلية، محرزًا انتصارات في مضامير مثل Malange وNova Lisboa.
ومع اشتداد الثورة في أنغولا، اختفى أثر السيارة، وبقيت طي النسيان حتى سمع عنها رجل الأعمال الفرنسي جان شامبو في منتصف الثمانينيات. وبعد مفاوضات شملت تبادل سيارة فورد كورتينا ومشغّل فيديو، تمكّن من استرجاع السيارة جوًا على متن طائرة.
اليوم، وبعد أكثر من خمسين عامًا من حكايات المجد والتحدي، تُعرض هذه النسخة من ألفا روميو T33/2، التي لا تزال مزوّدة بمحركها النادر سعة 2.5 لتر، وتحمل هيكلها المطلي بالرقم 220 كما ظهرت في سباق تارغا فلوريو. وهي بلا شك، ليست مجرد سيارة سباق، بل قطعة فنية بتاريخ لا يُشبه سواه.