بعد مرور ستة عشر عامًا على طرح شركة فولفو بينتا أول ذراع تحكم في القوارب، يخطط عالم اليخوت لاتخاذ الخطوة التالية نحو القيادة الذاتية، وذلك باستخدام أنظمة المساعدة على الرسو. لكنّ هذا لا يعني أن تُفلت دفة القيادة، على الأقل حتى الآن. فالقدرة على أن تجعل قاربك يرسو في مكانه المخصص، بينما تستمتع أنت وضيوفك بوقتكم في مقدمة السفينة، تحتاج من 5 إلى 10 سنوات كي تتحقق.

في عام 2018، وخلال توقف سباق فولفو للمحيطات في غوتنبرغ بالسويد، أكّد لي أندِرس ثورين، مدير إنتاج الأنظمة الإلكترونية البحرية بشركة فولفو بينتا، أن نظام الرسو الذاتي "على الأبواب". كان حينها يمسك دفة قارب من طراز أزيموت ذاتي الرسو يعمل بمحرك فولفو، وإذا بالقارب يرسو بسهولة بين قاربين من قوارب السباق الباهظة الثمن.

لم يكن ذلك النظام جاهزًا تمامًا للظهور في دائرة الضوء، بالرغم من أنه أثبت آنذاك أداء لا تشوبه شائبة. ولكن في العام الماضي ظهرت نسخة موجزة من نظام المساعدة على الرسو Assisted Docking بوصفها أحد الخيارات المتاحة في محركات فولفو العاملة بتقنية IPS (نظام الأداء الداخلي). وتجمع هذه النسخة بين تقنية IPS، وبيانات من نظام تحديد المواقع الديناميكي Dynamic Positioning System المعتمد على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، إلى جانب بيانات القيادة، وناقل الحركة، وأنظمة الدفع الأمامية، وأدوات التحكم في المحرك.

يعمل هذا النظام على تحييد الرياح والمد والتيارات البحرية، ما يجعل الرسو في مناطق ضيقة وأجواء عاصفة يمر بسلام، (ويمنح القباطنة المبتدئين الثقة التي يقتضي اكتسابها في العادة سنوات من الوقائع المحرجة). ما يحدث في الأساس هو أن ذراع التحكم تُبقي القارب متحركًا، في خط مستقيم أو أفقيًا، دون أن يجعله ذلك يجنح. وعندما تفلت ذراع التحكم، يتوقف القارب فورًا، بدلاً من الانزلاق نحو المتاعب، وعند كبس زر Side Push، يَثبت القارب في المرسى دون الحاجة إلى ربطه.

يقول فيديريكو فيرانتي، رئيس مجموعة أزيموت بينيتي في الولايات المتحدة: "يشبه الأمر ما حدث في عالم السيارات حيث حلّت أنظمة نقل الحركة الآلية محل أذرع نقل الحركة اليدوية".

ويضيف: "إننا نبيع الكثير من قواربنا التي تعمل بمحركات Volvo IPS والمجهّزة بهذا النظام". في الوقت الحالي، يراوح الطول الإجمالي للقوارب المزودة بهذا النظام بين 30 قدمًا و60 قدمًا، ولكن مع اعتزام فولفو رفع تصنيفات القدرة الحصانية لمحركاتها من طراز IPS، قد يصبح النظام متاحًا على القوارب التي يراوح طولها الكلي بين 80 قدمًا و120 قدمًا.

ويشير فيرانتي إلى أن هذا النظام يلائم المالكين الذين يقودون قواربهم بأنفسهم، ولكن استخدامه منطقي حتى في اليخوت الأكبر حجمًا، لأن الحاجة قد لا تدعو عندئذ إلى تعيين قبطان محترف. ويقول: "ستوفر الكثير من المال إذا عيّنت عاملاً واحدًا فقط على سطح القارب".

يشير أندرس ثورين إلى أن نظام المساعدة على الرسو جزء من استراتيجية الشركة الرامية إلى إنشاء قوارب ذاتية القيادة بالكامل، ويقول إن الخطوة المقبلة تتمثل بمقاربة السبل التي ستتيح في نهاية المطاف لقوارب ذاتية القيادة بالكامل تفادي أي حوادث اصطدام قد تطرأ خلال الرحلة.

أما جون ريد، نائب رئيس قسم تكنولوجيا المؤسسات في شركة برونزويك Brunswick Corporation، أكبر شركة بحرية في العالم، فيقول: "ما زال أمامنا الكثير لنتعلمه قبل أن تصبح القيادة الذاتية الكاملة حقيقة واقعة". ولهذا الغرض، سيُستخدم الرادار، ونظام تحديد المواقع العالمي، والمخططات الإلكترونية، وتقنية كشف الضوء، ونظام ليدار لتحديد المدى، ومستشعرات الصور، وتقنيات أخرى لرصد المخاطر المحتملة، ما يعني أن أجهزة الحاسب الموجودة على متن القارب ستُعنى بتحليل كميات هائلة من البيانات قبل نقل معلومات متسقة إلى قائد السفينة.

يقول ريد: "إلى جانب تطوير القدرة على الرسو الذاتي، فإن السفن المقتربة ومناطق تقليل السرعة والأشياء المغمورة في المياه، كلها مشاكل ينبغي حلها. لهذا، لا بد أن يكون للنظام مدى رؤية واسع يغطي مئات الأمتار وفي مختلف الاتجاهات، بما يسمح بتلافي مواضع الخطر".

سبق لشركة برونزويك أن جهّزت قواربها بذراع تحكم تساعد على الإرساء، ووفقًا لخطط الشركة، فإن مبادرتها ACES - التي ترمز إلى القيادة الذاتية Autonomy والربط بالشبكات Connectivity واستعمال الطاقة الكهربائية Electrification والوصول المشترك Shared Access - ستضم في النهاية 35 منتجًا.

ولكن ريد لم يكشف عن المخطط الزمني الذي وضعته الشركة لتحقيق القيادة الذاتية بالكامل، شأنه في ذلك شان ثورين. وفي هذا يقول: "سنجري تحسينات تدريجية على أنظمة التحكم في القارب. ولكن المرور إلى مراحل الإنتاج سيستغرق بعض الوقت".