أقف في غرفة قادني إليها مصعد خاص وأنصت إلى رجل أنيق الملبس يُقدّم لي قطعة من قماش الفيكونيا تستحق وزنها ذهبًا. مثل هذا المشهد مألوفٌ في محترفات الحياكة حسب الطلب، ولكنني أختبره داخل متجر برادا للأزياء الرجالية في الجادة الخامسة فيما أبحث عن زيّ يُحاك على مقاسي.
لزمن طويل، ظلّت الأزياء المعدّلة حسب المقاس تحتل المرتبة الثانية بعد التصاميم المبتكرة حسب الطلب، وكانت في الغالب تلبي رغبة الزبائن في الاستمتاع بأسمى تعابير الحياكة الفاخرة في أقل وقت ومن دون تكلفة كبيرة. على أن التطورات الأخيرة في قطاع البيع بالتجزئة في أرقى شوارع مانهاتن تعيد تشكيل هذا المشهد كليًا.
Ben Rosser
يُناقش تواردزيك أحد الحائكين حول السبيل إلى تعديل نموذج السترة لتناسب جسمه وهيئته.
شهد موسم الربيع المنصرم افتتاح متجر رئيس لعلامة دولتشي أند غابانا في شارع ماديسون، تلاه مباشرةً افتتاح متجرٍ مخصص لأزياء برادا الرجالية في الجادة الخامسة. ويتمايز كلا المتجرين، إلى جانب موقعهما في أفخم شوارع نيويورك، بمساحةٍ مكرّسة لبرنامج الأزياء المعدلة حسب المقاس.
Ben Rosser
مجموعة مختارة من أزياء الدار المخصصة للسهرات.
بموازاة ذلك، تعتزم علامة توم سويني البريطانية، التي لطالما أوْلت إصداراتها المعدلة حسب المقاس العناية نفسها التي توليها لأزيائها المصممة حسب الطلب، افتتاح متجر جديدٍ في شارع ماديسون مطلع العام المقبل، ما يعني أن هذه الفئة من الأزياء سيكون لها ممر فاخرٌ في مانهاتن في قادم الأيام.
يقول توم ويديت، الشريك المؤسس في علامة توم سويني: "يبدو أن الحال عاد إلى ما كان عليه بعد جائحة كورونا". ومن العوامل التي يُعدّدها لتفسير هذا الوضع انتقالُ زبائن دور الأزياء إلى المناطق الراقية لرعاية عائلاتهم، وتوافد السياح الأثرياء، وكذلك افتتاح نادي ماكسيم القريب الذي يُلزم الرجال بارتداء سترة طيلة الوقت.
Ben Rosser
ورقة طلب مكتمل مكتوبة بطريقة تقليدية بخط اليد.
كذلك يرى روبرت بيرك، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة استشارية تحمل اسمه ومتخصصة في قطاع الفخامة، أن التوجه السائد حاليًا بين تجار البيع بالتجزئة يتمثل بالانتقال إلى شمال نيويورك.
وفي هذا يقول: "منطقة سوهو تختلف أشدّ الاختلاف عما كانت عليه قبل سبع سنوات. كما أن مستوى الإنفاق فيها لا يُضاهي ما هو عليه الحال في شارع ماديسون". يلاحظ كيرك أيضًا أن انتعاش الشارع ليس من قبيل المصادفة، إذ يتزامن مع انجذاب الزبائن الأثرياء على نحو مطرد إلى الأزياء المُصممة حسب الطلب.
فروقات دقيقة
يكمن وجه الاختلاف الرئيس بين "الأزياء المصممة حسب الطلب" و"الأزياء المعدّلة حسب المقاس" في كون الفئة الأولى تقتضي استحداث نموذج جديد تمامًا، بما يتيح إجراء أدقّ التعديلات على المقاس وتبني خيارات عدة في أسلوب الارتداء.
أما الفئة الثانية، فإنها تستند إلى نموذج جاهز يُسمى "القالب"، يُمكن تعديله ليناسب الأبعاد المثالية للزبون على مستوى طول السترة وارتفاع السروال وغير ذلك من الاعتبارات التي يصعب أخذها في الحسبان عندما يتعلق الأمر بالأزياء الجاهزة التي تنطلق من مقاسات نموذجية وليس من قوام الزبون.
ولا بدّ من الإشارة إلى أن إنشاء نموذج جديد عملٌ عسير، إذ يتطلب تنفيذه على النحو الصحيح أخذ مقاسات عدة. ونتيجةً لذلك، قد يستغرق إتمام قطعة مصممة حسب الطلب أشهرًا عدة، أو أكثر إذا كان الحائك المعني بإنجاز التصميم في عطلة. وفي هذا يقول بيرك: "إن طلب قطعة مصممة حسب الطلب التزام يضاهي مسعى امرأة لاقتناء ثوب من الأزياء الراقية".
Ben Rosser
يبدو متجر توم سويني في نيويورك مثل نادٍ رجالي في لندن.
في المقابل، يستغرق العمل على التصاميم المعدلة على المقاس أسابيع قليلة، وتكون إما مكتملة أو في حاجة إلى تعديلات طفيفة قبل ارتدائها.
لكن الفرق لا يقتصر على المدة الزمنية حصرًا، إذ إن الأزياء المصممة حسب الطلب تتمايز بدرجة عالية من الحِرفية اليدوية، ما يُضفي عليها جودةً رفيعة غير قابلة للاستنساخ بوساطة آلات الخياطة المُستخدمة عادةً في الأزياء المعدلة على المقاس.
يقول ويديت، الذي أطلق علامته عام 2007 بالشراكة مع الحائك لوك سويني الذي تدرّب في سافيل رو: "تتمايز الأزياء المعدلة على المقاس بتناسقها وتماثلها. أما الأزياء المصممة حسب الطلب، فيغلب عليها طابع أشد تفردًا، ما يعزز رغبة الزبائن فيها".
باشر ويديت وسويني عملهما بالتركيز على الأزياء المصممة حسب الطلب، ثم بعدها بعام واحد أطلقا برنامجًا للأزياء المعدلة على المقاس. وعلى مدى عقدين من الزمن، نجحت دار توم سويني في تضييق الهوّة بين الفئتين عن طريق تبنّي معاييرها المعتمدة في إنتاج الأزياء المصممة حسب الطلب في مصنعها الإيطالي المسؤول عن الأزياء المعدلة على المقاس، وهو المصنع نفسه المكلّف بإنتاج أزياء الدار الجاهزة.
وبهذا غدَت التفاصيل الرفيعة، مثل ثقل الحزام الذي يُحاك يدويًا وطيّة الصدر الدقيقة والبارزة، حاضرة باطراد في الأزياء المعدلة على المقاس.
مع ذلك، يُقرّ ويديت بأن الأزياء المصممة حسب الطلب تظل هي المبتغى، ويقول: "إذا ارتديت بدلة مصممة حسب الطلب، فإنك ستجد صعوبة في العودة إلى ارتداء بدلة معدلة على المقاس. يشبه الأمر السفر بطائرة خاصة مقابل السفر في الدرجة الأولى".
وعلى ما هو عليه الحال عند السفر جوًا، ثمة فارق كبير في السعر بين الفئتين، ذلك أن أسعار البدلات المعدلة على المقاس بتوقيع توم سويني تبدأ من 3,325 دولارًا أمريكيًا، فيما تبدأ أسعار البدلات المصممة حسب الطلب من 7,390 دولارًا أمريكيًا.
يشير ويديت إلى العوامل التي قد تدفع الزبائن الذين اعتادوا الأزياء المصممة حسب الطلب إلى اختيار الأزياء المعدلة على المقاس، ويحصرها في الوقت والنية. ويقول: "إن صبر بعض الزبائن محدود، إذ يصعب عليهم الانتظار ثلاثة أشهر أو أربعة قبل استلام ما طلبوه. ولكن إذا أشرت عليهم بالانتظار ستة أسابيع، فإنهم سيُوافقون".
وبما أن تكلفة اقتناء الأزياء المعدلة على المقاس في المتناول، فإنها تتيح كذلك إمكانية الذهاب بعيدًا في جرأة الإطلالة. ويستشهد ويديت بزبون اختار تصميم بدلة زفافه حسب الطلب، وهذا ما يعدّ استثمارًا فاخرًا في خزانة الملابس الرجالية، فيما اختار ارتداء سترة كتان مريحة معدلة على المقاس في ليلة الترحيب السابقة على الزفاف.
ويتابع ويديت: "إذا تعلق الأمر بالتكلفة، فإنك تستطيع برأيي التحلي بقدر أكبر من الجرأة في اختيارك للتصاميم المعدلة حسب المقاس".
تميل دور الأزياء إلى تبنّي أساليب تصميم محددة وأكثر جرأة، لذلك فإن اللجوء إليها لاقتناء الأزياء المعدلة على المقاس قد يكون فرصة لتعزيز أسلوب الزبون. يروي بيرك أنه قابل صديقًا يتردّد على سافيل رو، ولكنه كان يرتدي بدلة جديدة معدلة على المقاس بتوقيع جورجيو أرماني، وكان إعجابه بها باديًا لأنها مناسبة في مقاساتها وقصتها الانسيابية على نحو يتماشى مع الطابع المميز لإبداعات الدار الإيطالية.
ويتذكر بيرك أن صديقه قال له وقتها: "تُعجبني هذه البدلة المعدلة على المقاس لأنها عصرية الطابع، وليست كلاسيكية". ويتابع: "لقد أثار اهتمامي قوله هذا للغاية". فضلاً عن ذلك، ترى العلامات أن الأزياء المعدلة على المقاس تنطوي على إمكانيات مهمة.
وفي هذا يقول خبير الأزياء الرجالية نِك ووستر: "إنها لعبة جديدة جديرة بالتجربة وقادرة على إبهاج الجميع". ويضيف: "تَطيب هذه اللعبة الجديدة لتجار البيع بالتجزئة لأنها تُقلل فائض استثمارهم في المخزون وتُوسّع في الوقت نفسه قاعدة زبائنهم. ومن هذا المنطلق، تعدّ هذه الأزياء علامة فارقة".
Ben Rosser
أخذ مقاسات قميص الكاتب.
خيارات مثالية
تبدأ مغامرتي مع الأزياء المعدلة على المقاس صباح يوم رطب من شهر يونيو، من متجر دولتشي أند غابانا في 695 شارع ماديسون، وقد تحوّل قسمٌ من طابقه الثاني إلى ركن للحياكة باسم "سارتوريا" Sartoria.
يضم هذا الركن مكتبًا مليئًا بكتب عيّنات الأقمشة ونماذج من ياقات مختلفة الأشكال، فيما تحيط به نماذج معلقة من ابتكارات الدار المُصممة حسب الطلب والمشغولة من أقمشة الجاكار والبروكار اللافتة للأنظار. يَحضرني هنا أن معاينة هذه النماذج هو القيمة المضافة التي تشتمل عليها زيارة دور الأزياء مقابل التوجه بطلبك إلى حائك.
Ben Rosser
أكثر من اثني عشر صنفًا من الأزرار.
أبتغي اقتناء قميص رسمي لبدلة توكسيدو، لذا أبدأ بمعاينة مربّعات من القماش الأبيض الناعم، تبدو متطابقة للعين المجردة قبل التدقيق أكثر في تفاصيلها: نقشٌ ألماسي بتدرجات لون أحادي هنا وخطٌ مزدوج متناسق اللون هناك. فيما كنتُ أتدبّر هذه التفاصيل، تصل صينية محمّلة بأكواب المياه وقهوة الإسبريسو المنقوشة بشعار العلامة.
طرحتُ فكرة اختيار قميص سهرة من الكتان. وفيما القماش أمامي على الطاولة، نُصحت بلطف وحزم بأن ألتزم بجماليات التصميم الرسمي المميز للدار، والتي يختزلها قميص محدد القصة وجريء التصميم وعديم الانكماشات.
وهنا يتبين لي الوجه الآخر من هذه العملية: عندما تُعطيك دار أزياء مفاتيح إطلالتها، فإنها تطلب منك أيضًا ألا تنحرف بعيدًا عن حدودها.
Ben Rosser
الأزياء المعروضة في المتجر الذي افتتحته العلامة أخيرًا في ماديسون أفينيو.
ألتزم بالنصيحة، ومن ثم أختار قماش تويل من القطن فائق النعومة. لولا صدار القميص المُزين بتطريز بيكيه لقيل إنه شفاف.
خلال تصفحي المجموعات المتاحة على شاشة آيباد، اخترت طرف كمّ فرنسي تقليدي وياقة تقليدية بطرفٍ يُشبه الجناح، وبذلك أكملت الطلب الذي حسبته أكثر طلب مملّ مرّ على ركن سارتوريا.
أكد لي البائع بلباقة جازمة أنه ليس مملاً إطلاقًا، وسبب هذا الاختيار هو أنه يتماشى تمامًا مع ميلي إلى الكلاسيكية والبساطة، ما سيحد من احتمال شعوري بالندم لاحقًا.
بعدها تأتي عملية أخذ المقاسات، وخلالها أجرّب عيّنةً بمقاسين مختلفين، يُناسبني منهما المقاس الأكبر. تُثبّت الحائكة القماش الزائد، كما تُراعي سِماتي الجسدية مثل كتفي الأيمن المتدلي، وتُحدد الفسحة المثالية للياقة (أَقبل بالقاعدة التي يقترحها البائع لجهة إفساح ما مقداره إصبع واحد). وبذلك أَختتم زيارتي إلى ركن سارتوريا، فأتجه إلى وسط المدينة قاصدًا متجر توم سويني.
بسبب طاولة البلياردو الزرقاء وزمرة الرجال المتأنقين بالسترات وربطات العنق، يظن الداخل إلى المتجر أنه في ناد رجالي خاص، وليس في متجر أزياء تقليدي. أتعرّف الحائك ريتشارد واتلينغ، القادم من لندن لتلبية احتياجات هواة الأزياء المعدلة على المقاس.
Ben Rosser
في متجر دولتشي أند غابانا، يتدبّر تواردزيك متطلبات اختيار قميص سهرة معدل على المقاس.
فيما أنتظر انتهاء إحدى جلسات القياس، أُعاين الأزياء الجاهزة المُعلّقة، وأحرص حرصًا شديدًا على تجنّب الاحتكاك بأقمشة الهوبساك الربيعية وصوف الحملان الحريري وأقمشة الكتان المخملية.
في تلك الأثناء، تتبادر إلى ذهني ميزة أخرى تتفوق بها الأزياء المعدلة حسب المقاس على الأزياء المصممة حسب الطلب: إمكانية رؤية التصميم التقريبي للقطعة النهائية وتجربته.
ولذلك، عندما استدعاني واتلينغ، كان رأيي قد استقر على ما أريد: بدلة بيضاء عاجية من الصوف والحرير والكتان، مُدرجة ضمن مجموعة الدار الخاصة بموسمي الربيع والصيف، لكن وفق مقاساتي.
عندما ارتديتُ سترةً بمقاسي من تلك البدلة، وافق واتلينغ على أن قالبها يناسبني تمامًا، وهي إشارة واعدة، ما عدا قِصرها الواضح لأن طولي يبلغ 185 سنتيمترًا.
اقترح واتلينغ إطالتها بمقدار سنتيمترين ونصف، ثم أشار إلى موضع الأزرار المُعدّل. بعد ذلك يأتي دور السروال الذي تعذر سحبه شمال حوضي بسبب الحجم الهائل لساقيّ، وهو عيبٌ خلقيٌّ ناتجٌ عن كون ساقي اليسرى أقصر من اليمنى بمقدار يزيد على سنتيمتر.
بهدوء، يأخذ واتلينغ مقاسات ساقي بالاستناد إلى السروال الذي كنت أرتديه وقت وصولي إلى المتجر.
Ben Rosser
في الجناح الخاص داخل متجر برادا للأزياء الرجالية في الجادة الخامسة، حيث تُعرض منتجات جلدية وملابس جاهزة لخدمات التخصيص.
يلي ذلك التنسيق، ويتيح لي رفّ من السترات تلمّس قصة الأكتاف الملائمة لي من بين ثلاثة تصاميم مختلفة: تصميم مشدود ومبطّن على الطراز البريطاني التقليدي، وتصميم ناعم وطبيعي مستلهم من الحياكة الإيطالية، وتصميم فضفاض كليًا يبدو عند الارتداء أشبه بالقميص.
أختار التصميم الأوسط ويتيح لي ارتداؤه معاينة طيات الصدر العريضة، التي يزيد عرضها على عشرة سنتيمترات. لم أكن لأوافق على عرضِها نظريًا، ولكن تجربتها عمليًا حملتني على إبقائها بدلاً من التصميم المشدود.
أخيرًا، يأتي دور الجيوب التي تُسبّب لي الكثير من الإرباك. فكرتُ في اختيار الرّقع، لأنني معجب بطريقة قصّ توم سويني للجيوب على هيئة مستديرة، لكنني بدأتُ أميل إلى الجيوب المتمايزة بطيات رفيعة، مع أني لا أُفضّلها في العادة. شاهد واتلينغ تخبّطي، فاقترح عليّ الجيوب ذات الطيّات المتوسطة، لأن بإمكاني ثنيها لتبدو رفيعة إن أردت ذلك.
بعد الانتهاء من أخذ المقاسات، أُبلغتُ أن الطلب سيُرسل إلى إيطاليا يوم الاثنين، وأن القطعة المُكتملة ستكون جاهزة في أقل من ستة أسابيع، وهي مدة يستحيل أن يكتمل فيها إنجاز الأزياء المصممة حسب الطلب.
Ben Rosser
أزرار أكمام قابلة للتخصيص، منها المشغول من الفضة ومنها المطلي بالمينا.
بعد ذلك، أتوجه شمالاً إلى متجر برادا للملابس الرجالية في 720 الجادة الخامسة. وفور وصولي، أُقاد إلى الطابق العلوي، حيث الجناح المخصص للأزياء المعدلة على المقاس.
بدأتُ أشعر أنني من كبار الشخصيات حتى قبل إغلاق مدير الجناح للأبواب المنزلقة التي تفصلنا عن بقية المتجر الممتد على مساحة 13,000 قدم مربعة. تُذكّرني المساحة المغلقة المغطاة بالمرايا، ولون جدرانها الأخضر النعناعي الذي يعمّ أرجاء المتجر، بخزانة الملابس السرية في أفلام جيمس بوند أو جون ويك.
لا أسلحة هنا، لكن المنتجات المعلّقة على الجدران فتّاكة بالقدر نفسه، ومنها سترات من الدنيم الحريري، ومعاطف من الكشمير ثنائية الوجه، ومعاطف من جلد نابا المصقول بلمسات مشمّعة.
هذه الأزياء كلها بمنزلة مَراجِع لا غير. فالعمل الجاد يحدث على طاولة زجاجية طويلة، يعرض فوقها مدير جناح الأزياء المعدلة على المقاس كتب عيّنات القماش بكفاءة تنمّ عن مراس طويل.
Ben Rosser
عيّنات متنوعة من أقمشة العلامة.
أتفحّص قماش "تكنو ستريتش" الممهور بتوقيع الدار، والقماش المخطّط المَشوب بالذهب زنة 24 قيراطًا، وعشرين صنفًا من قماش الكشمير الخالص.
يبدو الأمر كما لو أن حصيلة مجموعات أزياء برادا كافة قد تقلّصت إلى رُقع مربّعة وصلت كلها إلى يدي، ما جعلني أتماهى مع راف سيمونز. إن هذه العيّنات دليل على أن "الأزياء المعدلة على المقاس" و"الفخامة" وجهان لعملة واحدة.
قد يتساءل المرء: هل يستدعي الواقع الجديد قلق دور نيويورك المتخصصة في الأزياء المصممة حسب الطلب؟ لا يرى لاري كوران، مستشار العلامات وخبير الأزياء، أن الأمر يستدعي القلق، على الأقل في ما يخص دور الأزياء.
Ben Rosser
عيّنة من بدلة برادا مخططة، مؤلفة من ثلاث قطع، ومشغولة من الكشمير والحرير.
وفي هذا يقول: "أُشجع زبائني على إجراء القياسات الإضافية التي يشتمل عليها في العادة ابتكار الأزياء حسب الطلب، بدلاً من التسرع وتخطي المراحل للحصول على بدلة تُعادل تكلفتها تكلفة بدلة مصممة حسب الطلب من توقيع ثلة من الحائكين المتميزين".
يبدو كوران مصيبًا في قوله هذا، إذ إن سعر بدلة كلاسيكية معدلة على المقاس من برادا، مشغولة من قماش تيلا موهير، يصل إلى 6,000 دولار بحسب الموسم، وهو سعر قريب من أسعار أزياء الدور المتخصصة في التصميم حسب الطلب.
في النهاية، قد يكون سبب ميل الزبائن إلى فئة دون أخرى هو السبب نفسه الذي يدفع أحد زبائن سافيل رو إلى زيارة دار هانتسمان بدلاً من دار أندرسون أند شيبارد، أو العكس: لأنه يُقدّر إطلالة إحدى الدور ويفضّل مقاربتها. وفي هذا يقول ووستر: "إذا كنت تُفضّل دولتشي أند غابانا، فعليك البدء بإطلالاتها، وإلا فعليك بزيارة دار حياكة كلاسيكية".
Ben Rosser
بدلة من توم سويني تحتاج إلى بعض التعديلات الطفيفة.
نهاية يوليو، زُرت متجر توم سويني لتجربة البدلة شبه الجاهزة، وسُعدت بالنتيجة. كانت المقاسات مهيبة، ما عدا الزيادة القليلة اللازمة أسفل الركبة لساقيّ، والتقصير الطفيف للأكمام، وتقليص الغرزة منتصف السترة لإخفاء تقوّس ظهري.
وعلى ما قال ويديت، يتمايز حزام الخصر بثقلٍ وافٍ لم أعهده إلا في السراويل المصممة حسب الطلب. وقد أُعجبتُ أيضًا بطيّة الصدر العريضة الملفوفة بأناقة، والتي كنت سأتجنبها لو لم تسنح لي فرصة مطالعتها على العيّنة المعروضة في المتجر.
أينما ولّيت وجهك في عالم الأزياء المعدلة على المقاس، تظل الجملة التالية صالحة: لا وقت أفضل من الآن للوقوف أمام خبراء الحياكة.