فيما تتقلّب الأسواق العالمية تحت وطأة التحديات الاقتصادية، يبدو أن قطاع العقارات الفاخرة يمضي في مساره التصاعدي بثبات. خلال الربع الأول من عام 2025، سُجّلت 527 صفقة عقارية تتجاوز قيمتها 10 ملايين دولار في 12 سوقًا رئيسة، بزيادة نسبتها 6% عن الفترة نفسها من العام الماضي، وبإجمالي مبيعات بلغ 9.4 مليار دولار، وفق تقرير حديث صادر عن شركة نايت فرانك Knight Frank.
من دبي إلى ميامي.. خارطة الرفاهية تُرسم من جديد
وسط ديناميكيات جديدة تعيد تشكيل ملامح سوق العقارات الفارهة عالميًا، حافظت دبي على صدارتها بوصفها الوجهة الأولى للاستثمار العقاري الراقي، مع تسجيل 111 صفقة بيع لعقارات تتجاوز قيمتها 10 ملايين دولار خلال الربع الأول من العام، بإجمالي 1.9 مليار دولار. هذا الأداء اللافت يُكرّس مكانة الإمارة لدى المشترين الدوليين الباحثين عن بيئة ديناميكية تجمع بين الفرص الاستثمارية والإقامة المترفة.
وفي المرتبة الثانية عالميًا، جاءت نيويورك التي احتفظت بجاذبيتها لدى المشترين المحليين والدوليين على حد سواء، إذ سُجّلت فيها 75 صفقة تجاوزت قيمتها الإجمالية 1.41 مليار دولار خلال الفترة نفسها، ما يعكس متانة السوق العقاري الفاخر في المدينة رغم التحديات الاقتصادية العامة.
في جنوب فلوريدا، عاد الزخم بقوة إلى السوق العقاري الفاخر بعد فترة من التباطؤ أواخر عام 2024. ففي بالم بيتش، الجزيرة النخبوية التي لطالما شكّلت عنوانًا للثروة والخصوصية، سُجّلت 74 صفقة بيع لعقارات تتجاوز قيمتها 10 ملايين دولار خلال الربع الأول فقط، ما يوازي ثلاثة أضعاف ما شهدته في الربع الثالث من العام السابق، ويُظهر تحسّنًا ملحوظًا حتى بالمقارنة مع الربع الرابع الذي بلغ عدد الصفقات فيه 42 صفقة فقط.
أما ميامي، فقد سجّلت 58 عملية بيع خلال الفترة نفسها، بزيادة نسبتها 35% مقارنةً بالعام الماضي، وهي أعلى نسبة نمو سنوي في مختلف الأسواق الواردة في التقرير. وبلغ إجمالي قيمة الصفقات في المدينة 1.29 مليار دولار، ما يعكس التحوّل المتزايد نحو الجنوب الأمريكي بوصفه وجهة مفضّلة للأثرياء الباحثين عن بيئة منفتحة، وشمس دافئة، وأسلوب حياة يُراعي الخصوصية.
هونغ كونغ تسترد زخمها.. ولندن تتراجع
أظهرت هونغ كونغ إشارات تعافٍ تدريجي، إذ ارتفعت مبيعات العقارات فائقة الفخامة إلى 42 صفقة في الربع الأول من 2025، مقارنة بمجموع 36 صفقة فقط خلال الفترة نفسها من العام الماضي، ما يعكس تحسّنًا طفيفًا في ثقة المستثمرين، رغم التحديات التنظيمية الإقليمية.
في المقابل، سجّلت لندن تراجعًا لافتًا، مع 34 صفقة فقط لعقارات تتجاوز قيمتها 10 ملايين دولار، مقارنة بنحو 54 صفقة في الربع الأول من 2024، و63 صفقة في الربع الأخير من العام نفسه. ويُعزى هذا التراجع إلى مجموعة من العوامل، أبرزها الغموض السياسي المحلي، وارتفاع تكاليف الاقتناء والصيانة، ما دفع بعض المستثمرين إلى البحث عن أسواق بديلة خارج القارة الأوروبية.
تعليقًا على النتائج، أشار ليام بيلي، مدير الأبحاث العالمي في نايت فرانك، إلى أن "السوق الفاخرة لا تزال صامدة في وجه الرياح الاقتصادية"، لكنه حذّر من أن المرحلة المقبلة ستتطلب قدرًا أكبر من المرونة من المطورين والمستثمرين، مع تصاعد التحديات الجيوسياسية والضغوط التضخمية.