كثيرًا ما نُكرِّر عباراتٍ من قبيل "مرَّ العيد ولم نشعر به"، "كم كان سريعًا رمضان هذا العام"، "الوقت يمضي بسرعة"، في تعبير عن عدم قدرتنا على استشعار الوقت بعمق.

وبالتجربة ستُلاحظ أنّك كلّما تقدّم بك العمر صِرتَ تستخدم هذه العبارات أكثر، والوقت "بلا بركة".

الأوقات المليئة بالأحداث

في الخمسة وعشرين عامًا الأولى من عمر الإنسان تبدو حياته مليئةً بالأحداث والتجارب الجديدة: صداقات.. حب.. هوايات.

ومع تقدمه بالعمر تبدو له معظم الأنشطة في حياته مكررة.

وهنا يقول العلم: إن دماغ الإنسان يميل إلى تحويل التجارب الجديدة إلى ذكريات.

بمعنى أنه كلما كانت التجارب الجديدة أكثر خلال فترةٍ ما، كانت هذه الفترة أطول إذا ما نظرنا إليها لاحقًا؛ لذلك معظمنا يتحدث بإسهاب عن سني الجامعة.

الرتابة والملل والروتين

تقول ربة المنزل: "مرَّ هذا الأسبوع كلمح البصر".

يبدو ذلك طبيعيًّا لأنّها قضت الأسبوع في أعمال روتينية منزلية، ولم يطرأ حدثٌ نوعيّ يجعلها تشعر باللحظات فيختزنها الدماغ.

الأمر ينطبق على زوجها الموظف الذي يُكرّر حلقة الروتين الوظيفية اليومية.

ولاحقًا يقول: "10 سنوات في هذه الشركة مرّت كأنّها شهر".

قد يمرُّ ذلك الوقت ثقيلاً عليهما لكنَّ أثره الرجعي لا شيء.

لا نبذل جهدًا لاستشعار اللحظة

غالبًا ما نشتكي من مرور الوقت بسرعة لكننا نحن مَن لا  يبذل جُهدًا لاستشعار اللحظات من خلال خلق تجارب جديدة، خاصة في أوقات الملل... نلجأ إلى شيء أسهل.. نقضي ساعتين على أي منصّة اجتماعية، ونستهلك وقتًا لا نشعر به حقًا.. زادت المُلهيات وكثرت المشتتات فأصبح إدراكنا للوقت أقل.

لست بانتظار شيء

لو أنك في طريقك إلى وجهة سياحية رائعة ستزورها للمرة الأولى قد تشعر بطول الطريق لأنّك تعدّ اللحظات عدًّا بانتظار أن تصل.. لكن لاحظ أنّك ستشعر بأن طريق العودة أقصر، والسبب عائد إلى أنك لم تعد تُحصي لحظاتك، ومِن دون أي شيء يُشتّتك، فأنت عائد إلى بيتك وحياتك الروتينية.. وعندما تصبح حياتك تشبه طريق العودة من ذلك المكان روتينًا مكررًا، ولا جديد، ستشعر أنها مرَّت بسرعة والوقت مضى كلمح البصر.

قاعدة النسبة

طفل عمره خَمس سنوات، سنة واحدة تساوي خُمس عمره.. لذلك يشعر أنه عاش خُمس عمره في سنته السادسة، بمعنى أنه  يشعر بالوقت.

أمّا أنت في الأربعين، تعادل سنة واحدة 1/ 40 من عمرك.. بمعنى أننا نقيس ربما لا شعوريًّا كلّ مدّة زمنية إلى إجمالي عمرنا الذي عشناه؛ فنقول: إنّ السنة مرَّت دون أن نشعر بها.

ولكن هل نستطيع أن نبطئ الوقت؟

حاولْ أن تصنع تجارب جديدة "مطعمًا جديدًا.. صديقًا جديدًا.. هواية جديدة...".

قَلّلْ علاقاتك بالأشياء التي تفصلك عن الواقع "الموبايل.. منصات الفيديو حسب الطلب.. ورق اللعب..".

فكّرْ في شيء تستيقظ لأجله كل صباح، ولو نبتة جميلة ترعاها يوميًّا.

اضبطْ ساعات نومك، لا تُبالغ في السهر أو في النوم لكي تشعر بنهارك.

هذا الوقت سيمضي لا شك، لكنه قد يمضي وأنت تشعر به، أو قد يمضي وكأنه لم يكن وأنت لم تكن فيه.