في عالم اقتناء الكتب النادرة، لا تُحسم الأسعار دائمًا بتوقيع المؤلف؛ أحيانًا تكفي ندرة النسخة وتاريخها وحالتها لتحقيق ذلك. هذا ما أكدته دار هيريتدج أوكشنز Heritage Auctions الأسبوع الماضي، حينما بيعت مجموعة من الطبعة الأولى لثلاثية سيد الخواتم من دون توقيع مقابل 250,000 دولار أمريكي.
السعر لم يكن مجرد نتيجة مرتفعة داخل قاعة مزاد، إذ سجّل أعلى سعر يُدفع في مزاد علني لكتب جي آر آر تولكين غير الموقَّعة، متجاوزًا الرقم السابق الذي سجلته دار هيريتدج أوكشنز نفسها عام 2021 عند 103,125 دولارًا لمجموعة ثلاثية أخرى. غير أن ما رفع من سعر المجموعة إلى هذا المستوى لا يرتبط بكونها طبعة أولى بالمعنى العام فحسب، بل لأنها من النسخ التي حصلت على الانطباعات الأولى أيضًا، أي الدفعة الأولى التي خرجت إلى القرّاء منذ لحظة الإصدار. وهذا النوع من التفاصيل هو ما يرفع شهية الجامعين، على نحو خاص حين يأتي مقرونًا بحالة حفظ نادرة. فقد احتفظ جامع خاص في ولاية مينيسوتا بالمجموعة داخل علبة مخصّصة من جلد المروكّو، من دون أي أعمال ترميم، ولا تظهر عليها سوى خدوش طفيفة.
Heritage Auctions
أما داخل الصفحات، فهناك ما هو أهم من الورق نفسه بالنسبة لهواة الاقتناء. فإن كتاب "رفقة الخاتم"، الجزء الأول من ثلاثية «سيد الخواتم» مثلاً، يتضمن الرسوم التوضيحية داخل النص التي رسمها تولكين بنفسه، فيما تضم الكتب الثلاثة خرائط قابلة للطي أعدها ابنه ومثبتة في نهاياتها. ومع اجتماع الندرة، والانطباع الأول، وسلامة التفاصيل الداخلية، يسهل أن ندرك لماذا يمكن لمجموعة بلا توقيع أن تتفوق على كثير من النسخ الممهورة باسم صاحبها.
Heritage Auctions
وتتضح دلالة الصفقة أكثر عند النظر إلى ندرة المعروض منذ البداية؛ فالطبعات الأولى من سيد الخواتم لم تُطبع بأعداد كبيرة، وكأن الناشر كان يراقب رد فعل السوق قبل توسيع الإنتاج. فقد أصدرت دار النشر البريطانية جورج آلن آند أونوين George Allen & Unwin نحو 3,000 نسخة فقط من الطبعة الأولى لكتاب "رفقة الخاتم" عند طرحه في يوليو عام 1954، ثم أتبعته بنحو 3,250 نسخة من الجزء الثاني "البرجان" في 11 نوفمبر من العام نفسه، قبل أن ترتفع الكمية إلى 7,000 نسخة من كتاب "عودة الملك" عند صدوره في 20 أكتوبر 1955. وتوضح هذه الأرقام كيف فرض النجاح نفسه سريعًا، ودفع الناشر إلى زيادة الطباعة مع كل جزء جديد.







