في أروقة ضريح الإمبراطور تشين شي هوانغ بمدينة شيآن، حيث يتوارى جيش التيراكوتا في صمت، وقع حادث مثير أعاد إلى الواجهة هشاشة التراث الإنساني أمام تحديات الزمن، والإنسان نفسه.
شاب صيني في الثلاثين من عمره، دفعته لحظة طائشة لتجاوز الحواجز الأمنية، والقفز داخل الحفرة رقم 3، مغامرًا إلى عالم صامت يضم آلاف التماثيل الطينية التي صُنعت لحماية أول إمبراطور صيني في الحياة الآخرة.
فور قفزته، بدأ الرجل بدفع وسحب التماثيل، ما أسفر عن أضرار متفاوتة لاثنين من الجنود الطينيين الذين صمدوا صمودًا أسطوريًا على مدار قرون.
وثّقت كاميرات المراقبة لحظات الحادث، التي أظهرت المشتبه به مستلقيًا وسط الركام، في مشهد يعكس صراعًا بين مجد الماضي وحماقة الحاضر. وتشير السلطات إلى احتمال معاناة الرجل من اضطراب نفسي، فيما تستمر التحقيقات للكشف عن دوافعه وظروف الحادث الحقيقية.
جيش التيراكوتا.. تاريخ يُروى بالحجر
لم يكن هذا الحادث الأول من نوعه الذي يطال هذه الكنوز النادرة، التي اكتُشفت عام 1974 على يد مزارعين محليين في حقول قرية لا يانغ، لتتحول تلك القطعة من الأرض إلى واحدة من أعظم المواقع الأثرية في التاريخ.
جيش التيراكوتا، الذي يضم نحو ثمانية آلاف تمثال طيني بحجم الإنسان الطبيعي، صُمم بحرفية فائقة لتعكس جيش الإمبراطور تشين شي هوانغ الذي وحد الصين لأول مرة، وليكون بدقته وأبعاده شاهدًا حيًا على عبقرية الإنسان الصيني القديم.
كل تمثال من هذه التماثيل يمثل جنديًا أو ضابطًا، مصوغًا بعناية مع تفاصيل دقيقة تعبّر عن الرتب العسكرية والزي الرسمي حتى ملامح الوجه الفريدة التي تكاد تروي قصصًا شخصية لكل واحد منهم.
الجنرالات يقفون أطول وأفخم، بينما الجنود يحملون أسلحتهم وأدواتهم، واقفين في صفوف منظمة كما لو كانوا يستعدون للمعركة. تلك الأعمال التي استغرق إنشاؤها ما بين 30 إلى 40 سنة، حملت في طياتها روح الإمبراطور الذي كان يرغب في حماية نفسه في الحياة الآخرة بجيش لا يُقهر.