يشيع اسم عائلة دي روتشيلد في العالم بوصفها الإمبراطورية الأشهر في عالم الأعمال المصرفية. لكن البارونة أريان دي روتشليد، التي تشغل اليوم منصب رئيس اللجنة التنفيذية في كامل مجموعة إدموند دي روتشليد، وهي التي أمسكت بزمام المصرف الخاص منذ عام 2015، لا تشتهر من حيث نجاحها في تحويله إلى مجموعة عالمية للأعمال المصرفية أو في إدارتها المتفوقة لمؤسسات المجموعة وعلامتها التراثية وملكياتها فحسب، فما يُحسب للبارونة، إلى جانب كونها رائدة أعمال ملهمة، يدفعها الشغف إلى تحقيق التميز، هو نهج فكري مرن وجريء، ومنظور عالمي عابر للثقافات تقارب به تحديات عالمية، من التعليم والبيئة إلى تمكين النساء والفن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، فضلاً عن حس راسخ بالالتزام والمسؤولية. 

هذه الفلسفة المتمايزة كانت موضوع حديث خاص أجريناه معها في مناسبة إطلاق Belle de Niassa، أحدث العطور من علامة كارون العريقة التي أعادت البارونة إحياءها.  

تنشطين في مجالات مختلفة، من قطاع الأعمال المصرفية إلى فن الحياة. فما الذي يستثير اهتمامك في هذه العوالم كلها؟ 

أرى نفسي رائدة أعمال في الصميم، لذا ألتزم التزامًا كاملاً بمشاريع تتيح لنا أن نتبع نهجًا جريئًا ونناغم بين مقاربتنا للتميّز وسعينا إلى إحداث تأثير مجدٍ. وهذا ما يحفّزني دومًا. 

البارونة وصانع العطور جان جاك في نياسا بموزمبيق لاستكشاف زهرة الماهوغاني التي ألهمت عطر Belle de Niassa.

البارونة وصانع العطور جان جاك في نياسا بموزمبيق لاستكشاف زهرة الماهوغاني التي ألهمت عطر Belle de Niassa.


من المعروف أن قطاع الأعمال المصرفية قاس ومتطلب، فضلاً عن أنه يخضع لهيمنة الرجال. كيف تقيّمين التحديات التي ينطوي عليها دورك في هذا العالم؟  

سأقولها ببساطة: التحدي الأهم هو تحقيق إنجاز أفضل. أسعى إلى ألا يكون التمييز الجنسي عائقًا أمام نجاح الجيل المقبل، وخصوصًا جيل بناتي. وفي ما خلا ذلك، أرى أن دوري يتمثّل بتنمية المواهب ودعمها في مختلف القطاعات بما يساعد الأفراد على الدفع بحدود ما يمكن تحقيقه وإيجاد حلول طويلة الأمد للتحديات التي يواجهها العالم. 

في عام 2018، استحوذت على دار العطور الفرنسية كارون التي أبصرت النور قبل 117 عامًا وأعدت إطلاقها. ما الذي حرّضك على إيقاظ "الأميرة النائمة"؟ 

كنت دومًا أثمّن علامة كارون لأنها رمز للأناقة والجرأة، إلى جانب كونها واحدة من العلامات الفرنسية الأخيرة التي حافظت على استقلاليتها. تستهويني مثل هذه الاستثمارات التراثية طويلة الأمد لأنها تشكل فرصة لتحويل علامة لها هوية قوية وللسعي إلى التميز بموازاة الالتزام بتحقيق الرفاهية المستدامة. تذكّرني كارون على مستويات عدة بعلامة عائلتي في مجموعة إدموند دي روتشيلد. 

لوحة حبرية للفنان الكوري لي بيه ضمن مقتنيات البارونة.

Claire Dorn
لوحة حبرية للفنان الكوري لي بيه ضمن مقتنيات البارونة.


تقولين إنك كنت تمضين كل يوم سبت في البحث عن العطور في الأسواق المحلية. ما هو عطرك المفضل؟ 

أقتني العديد من العطور، وأختار منها ما يناسب يومي وشعوري والموسم. عطرنا الجديد Belle de Niassa من العطور المفضلة عندي حاليًا. 

تميلين أيضًا إلى عالم الفنون. أي الأعمال تجمعين خصوصًا، وما هي آخر قطعة أضفتها إلى مجموعتك؟ 

كل جيل في عائلتنا ضم أفرادًا شغوفين بالجمع، اقتنوا مجموعات ضخمة تتركز حول موضوع معيّن. لكن مقاربتي مختلفة تمامًا. أنا لا أبحث عن الروائع، بل أجدها، على ما كان يقول بابلو بيكاسو. ولا أخفي أن للمصادفات دورًا مهمًا في اختياراتي. إني أثق بعفوية وقوعي على عمل فني ما. أما آخر قطعة اقتنيتها، فكانت لوحة حبرية للفنان الكوري لي بيه. 

قطع فنية من مجموعة البارونة الخاصة تزيّن المساحات في فندق فورسيزونز مجيف.

Richard Waite
قطع فنية من مجموعة البارونة الخاصة تزيّن المساحات في فندق فورسيزونز مجيف.


تزيّن أعمال فنية من مجموعتك الخاصة الفسحات في فندق فورسيزونز مجيف الذي تمتلكه العائلة. كيف نجحت في تجسيد رؤيتك المتفردة وإرث عائلتك في هذه الملكية الفندقية البديعة؟ 

منذ البدايات، عملت عن كثب مع فريقي على التصميم الداخلي لضمان أن يعكس الفندق تاريخنا. فالمجموعات التي قدمتها للفندق وخياراتي الجمالية كلها تحكي حكاية لتشكل امتدادًا لرحلة أولئك الذين يقصدون مون داربوا.

فالأعمال المعروضة هناك، من منسوجات الإيكات الإندونيسية إلى قطع الحلي الأمازونية المزدانة بالريش وغيرها، تأخذهم في رحلة عبر الثقافات. وبالرغم من أن القطع كلها تعود إلى أماكن مختلفة في العالم، إلا أنها تتناغم بغير تكلف عبر مساحات الفندق.

أحب أيضًا أن أكرّم المواهب المحلية عن طريق استعراض أعمال الفنانين في المنطقة. فعائلة روتشيلد اضطلعت بدور رئيس في بناء شهرة مجيف من حيث كونها وجهة عالمية، لذا أردت للفندق أن يكمل المهمة. 

ولدت في السلفادور ونشأت بين كولومبيا وبنغلادش وزائير. أي أثر كان لطفولتك عالمية الطابع على فلسفتك الحياتية اليوم؟ 

إن نشأتي في بلدان مختلفة جعلتني أتبنى منظورًا عالميًا يتجاوز حدود مكاتبنا، لذا أستلهم الأفكار من مشاريع تعاون عابرة للثقافات. ولأني عشت في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، تشغلني إلى حد بالغ التحديات المرتبطة بالتغير المناخي والتركيبة السكانية المتنامية، وهي تحديات تحتل الصدارة في قائمة الجهود الخيرية لعائلتي واستثمارات مصرفنا التي ترتكز إلى قناعات راسخة. 

في جبال الألب الفرنسية، فندق فورسيزونز مجيف الذي يحتفي بمقاربة البارونة لفن الحياة.

Richard Waite
في جبال الألب الفرنسية، فندق فورسيزونز مجيف الذي يحتفي بمقاربة البارونة لفن الحياة.


إذا سنحت لك الفرصة لاكتساب مهارة جديدة، فماذا تختارين؟

أختار تعلم أكبر عدد ممكن من اللغات. 

ما هي الرفاهية عندك؟ 

ترتبط الرفاهية في المقام الأول بالتجربة. لهذا السبب ابتكرنا فندقنا في مجيف ليكون مدخلاً إلى علامتنا والعالم كله. صحيح أن العلامات الفاخرة تتمايز بإرثها، لكنها تمتلك أيضًا القدرة على تحديد التوجهات المستقبلية، ولا بد لها أيضًا من استشراف التغيرات في العالم.

هذا ما نفعله من خلال علامة كارون، إذ نحافظ على هويتها المتفردة بموازاة ابتكار نفحات عطرية جريئة والدفع بحدود الممكن في ما يتعلق بالاستدامة. كما أن الرفاهية تتعلق بالبساطة. أقصد البساطة التي تُخفي بغير عناء المسارات المعقدة التي ينطوي عليها ابتكار منتجات على مستوى عال من التميز.