فيما اعتاد عالم الأزياء أخيرًا تعاقب الأسماء بسرعة في مناصب الإبداع، جاءت هيرميس لتضع لمستها الخاصة على المشهد، معلنة عن فصل جديد في تاريخ قسم الأزياء الرجالية عبر تعيين المصممة البريطانية غريس ويلز بونر بوصفها مديرة إبداعية جديدة له. إنه اختيار يعيد رسم ملامح الحرفة الراقية داخل الدار التي ظلت على مدى 37 عامًا تحت قيادة المصممة فيرونيك نيشانيان، قبل أن تغادر موقعها الأسبوع الماضي بعد مسيرة لافتة.

هذا القرار ليس مجرد تبديل للأسماء، بل ترجمة لرؤية ترنو إلى المستقبل مع الحفاظ على إرث حرفي خالص يميز هيرميس. ومنذ لحظة الإعلان، حظي الخبر باهتمام كبير، إذ يُعد نادرًا أن تُمنح امرأة مسؤولية الإشراف على الأزياء الرجالية في دور الأزياء الكبرى. وفي هذا السياق، قالت ويلز بونر في بيانها الرسمي "إنها تشعر بامتنان عميق لهذه الثقة، ووصفت المنصب بأنه حلم تحقق، مؤكدة رغبتها في الاستمرار على نهج صانعي الجمال الذين أسسوا هوية الدار، بإضفاء رؤيتها الخاصة التي تمزج بين الحرفة والتجدد".

هيرميس تعيد رسم ملامح الأناقة الرجالية.. غريس ويلز بونر تقود فصلاً جديدًا داخل الدار

AFP

دمج الأناقة بالهوية

تعتمد ويلز بونر في تصاميمها على قراءة غنية لإرث الشتات الإفريقي، تجمع فيها القصّات الرجالية المتراخية مع الأقمشة الراقية لتصوغ لغة بصرية تحتفي بالهوية والتعبير المعاصر. وقد تجلّت هذه البصمة بوضوح في إطلالات لويس هاملتون وجيف غولدبلوم خلال حفل Met Gala 2025، إذ اختارت لهما تصاميم تنطق بالأناقة الهادئة والرمزية الثقافية، ما عزز مكانتها بوصفها واحدًا من الأصوات الإبداعية الأبرز في الجيل الجديد من المصممين الذين يزاوجون بين الأصالة والحداثة، وبين الحِرَف الدقيقة والرؤية الفكرية.

هذا الحضور اللافت في أبرز المحافل العالمية ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لمسيرة فنية متأصلة تقودها ويلز بونر، التي صعد نجمها منذ إطلاق علامتها الخاصة عام 2014 بعد تخرجها في Central Saint Martins في لندن. وقد حصدت خلال سنوات قصيرة جوائز مرموقة أبرزها جائزة إل في إم إتش LVMH للمصممين الشباب عام 2016، وجائزة مجلس مصممي الأزياء الأمريكي عام 2021، إلى جانب لقب أفضل مصممة أزياء رجالية بريطانية لعام 2024.

دمج الأناقة بالهوية

AFP

تحولات في قيادة الأزياء العالمية

تأتي هذه التغييرات في سياق مرحلة حيوية يشهدها قطاع الأزياء العالمي، إذ تتسارع التحركات داخل كبرى الدور، بدءًا من رحيل ماركو غوبيتي عن منصبه بوصفه رئيسًا تنفيذيًا لسالفاتوري فيراغامو، إلى تعيين ماتيو بلازي في شانيل عام 2024. وفيما يواصل جوناثان أندرسون مهامه في ديور، تتجه الأنظار إلى ما هو أبعد من مجرد تغييرات في المناصب، إذ يبدو أن المشهد الفاخر على موعد مع تحولات بنيوية أعمق، تعكس رغبة الدور العالمية في إعادة تعريف مفاهيم القيادة الإبداعية، واستقطاب أصوات جديدة قادرة على التعبير عن روح العصر، قبل أن يُسدل الستار على هذا العام الحافل بالتجديد.

تحولات في قيادة الأزياء العالمية

AFP

ومع هذا الحضور المتنامي في الساحة العالمية، تتجه الأنظار الآن إلى الخطوة التالية في مسيرة ويلز بونر داخل هيرميس، إذ من المقرر أن تكشف الدار عن أول مجموعة توقّعها المصممة البريطانية في يناير 2027، في خطوة يصفها بيار-ألكسيس دوما، المدير الفني للدار، بأنها ستجدد أسلوب الأزياء الرجالية للعلامة من خلال دمج الحرفية التقليدية برؤية جريئة للمستقبل.