تذيع اليوم شهرة علامة تكنوجيم Technogym في العالم كله بوصفها الشركة الأولى في مجال ابتكار أجهزة رياضية تزاوج بين الأداء العالي، والتصميم الراقي، والتقنيات الأشد تطورًا في عصرنا الرقمي. لكن هذه الإصدارات ليست سوى ركيزة واحدة من ركائز نظام متكامل انطلق نيريو أليساندري، مؤسس تكنوجيم ورئيسها، على طريق بنائه منذ عام 1983.

فابن بلدة تشيسينا الإيطالية، البالغ اليوم من العمر 61 عامًا، والذي تخصص في مجال التصاميم الصناعية، نجح منذ تلك البدايات في أن يكسر الفكرة النمطية عن اللياقة البدنية محدثًا ثورة حقيقية في هذا القطاع مع طرحه من خلال تكنوجيم وأجهزتها وخدماتها المفهوم الجديد للرفاه الصحي.

فيما كانت تكنوجيم تتهيأ لافتتاح مركز التجارب الجديد في دبي، كان لنا حديث مع نيريو أليساندري، استعاد فيه المؤسس الشغوف بالابتكار والرياضة، أبرز المحطات في مسيرته، مسلطًا الضوء على ما تطمح العلامة إلى تحقيقه في مجال الرفاه الصحي، هذا المفهوم الذي يصفه بالنمط الحياتي الهادف إلى تعزيز جودة الحياة من خلال المواظبة على ممارسة التمارين البدنية، والنظام الغذائي الصحي، والسلوك الذهني الإيجابي.

كانت البداية من مرآب منزلك في بلدة تشيسينا حيث بنيت أول آلة للتمارين الرياضية. ما الذي حفّز اهتمامك بابتكار هذه الآلة؟

كلمة السر هي "الشغف". فعلامة تكنوجيم وُلدت في الأصل من تلاقي مكمني الشغف عندي: الابتكار (TECHNO) والرياضة (GYM). كنت أعمل مصممًا صناعيًا في شركة محلية ببلدتي تشيسينا في إيطاليا، وفي أوقات فراغي كنت مولعًا بممارسة الرياضة.

في سياق زياراتي إلى ناد رياضي محلي، اكتشفت الفرص الهائلة المتاحة في هذا القطاع، وقررت البدء بتصميم أول جهاز رياضي وبنائه في المرآب الخاص بمنزل والديّ. بمرور الوقت، تجلى حس الابتكار عنصرًا رئيسًا في مسار تطور تكنوجيم. شرعت بتصميم منتجات ميكانيكية، وقدمت بعد فترة وجيزة أنظمة إلكترونية، ثم تطبيقات، وخدمات رقمية، وصولاً إلى محتوى المقاطع المصورة الذي نوفّره اليوم بحسب الطلب.

أستعيد إلى يومنا هذا أصداء الدرس الذي تعلّمته في الماضي والذي يمكنني اختصاره بشعار "إذا نجح أمر ما، فإن هذا يعني أن الزمن قد عفا عليه". أردد هذه المقولة دومًا على مسامع فريقي.  

أبصرت تكنوجيم النور عام 1983، في وقت لم تكن اللياقة البدنية فيه أمرًا واقعًا. وقد أثمرت ولادة العلامة عن ظهور مفهوم "الرفاه الصحي" الجديد. كيف رعت العلامة هذا المفهوم وطوّرته منذ ذلك الحين؟

في مطلع تسعينيات القرن الفائت، عندما كانت الصورة الأمريكية النمطية للياقة البدنية، من حيث كونها تتركز حول بناء العضلات والمظهر الخارجي، تجتاح العالم، أطلقنا من قلب شركة إيطالية صغيرة رؤية جديدة بالكامل: الرفاه الصحي، هذا النمط الحياتي الإيطالي المتجذر في المقولة الرومانية "العقل السليم في الجسم السليم" Mens Sana in Corpore Sano، والمرتكز إلى مزيج من النشاط الرياضي المنتظم، والتغذية الصحية، والمقاربة الذهنية الإيجابية.

على مر 35 سنة، التزمت تكنوجيم الترويج للنمط الحياتي القائم على الرفاه الصحي، ليس من حيث كونه فرصة اقتصادية فحسب، ولكن أيضًا فرصة متاحة لمختلف اللاعبين في المجتمع: الحكومات التي تستطيع، من خلال السياسات الموجهة نحو الوقاية، خفض تكاليف الرعاية الصحية، والشركات التي يمكنها، عبر الاستثمار في برامج رفاه صحي لموظفيها، تعزيز إنتاجيتهم وملكاتهم الإبداعية إلى أقصى حد ممكن، والمواطنين الذين ستتيح لهم ممارسة الرياضة بانتظام أن يختبروا حياة أكثر هناء وسعادة. إننا نُعرف اليوم في مختلف أنحاء العالم من حيث كوننا شركة "الرفاه الصحي"، الشركة التي لم تكتفِ بتطوير منتجات مبتكرة، بل طرحت أيضًا رؤية جديدة لهذا القطاع.

ما أبرز السمات التي تتمايز بها أجهزة تكنوجيم عن المنتجات الفاخرة الأولى في الفئة نفسها؟

إن منتجات تكنوجيم تولد من مزيج متفرّد يجمع بين التصميم، والتقنية، وعلم الرياضة. عندما يتعلق الأمر بالأسلوب والتصميم، فإن تكنوجيم تشتهر عالميًا من حيث كونها علامة تصاميم.

بمرور السنين، فزنا بأكثر من 50 جائزة عالمية للتصميم، على غرار جائزة Compasso d’Oro وجائزة Red Dot Design Award. أما في ما يخص الأداء الرياضي، فإن علامة تكنوجيم تُعد المرجع في الألعاب الأولمبية وفي البطولات الرياضية المختلفة من حول العالم.

لطالما شكل الابتكار والتقنية القوتين المحركتين لنمو تكنوجيم واضطلاعها بمرور السنين بدور ريادي واستشراف التوجهات غير المسبوقة في القطاع، وذلك بداية من إطلاق أول تطبيق في قطاع اللياقة البدنية سنة 1996، ومرورًا بطرح أول جهاز متصل بالإنترنت في عام 2006، وبناء أول منصة مرتكزة إلى نظام التشغيل السحابي سنة 2012، وصولاً إلى منصة Technogym Live التي أطلقناها مؤخرًا للتدريبات بحسب الطلب باستخدام المقاطع المصوّرة، والمخصصة للياقة البدنية، والرياضة، والوقاية.  

لماذا تُلقب علامة تكنوجيم بنتفليكس اللياقة البدنية؟

يُعزى السبب في ذلك إلى أننا طوّرنا مؤخرًا في نظامنا Technogym Ecosystem، المكون من أجهزة ذكية متصلة بشبكة الإنترنت، وبرامح حاسوب وتطبيقات، خدمة جديدة هي Technogym Live، منصة التمارين بحسب الطلب باستخدام مقاطع مصوّرة من خلال لوحات التحكم في أجهزتنا الرياضية وعلى تطبيق Technogym.

يرغب الأفراد اليوم في ممارسة تمارين اللياقة البدنية والتدريبات الرياضية وبرامج إعادة التأهيل فيما يستمتعون بوقتهم ويستفيدون من دعم مدرّب في العالم الافتراضي.

وسواء أكانوا في المنزل أم في النادي الرياضي، فإنهم يرغبون في ملاحقة مكامن الشغف عندهم، والشعور بأنهم جزء من المجتمع، والتمرّن مع مدربهم المفضل أو وسط المشاهد الطبيعية الافتراضية المفضلة عندهم.

تتيح منصة Technogym Live الثورية للأفراد اختيار تجربة التمارين التي يؤثرونها من خلال مكتبة غنية بالمقاطع المصوّرة المتوافرة عند الطلب، والتي تشمل صفوف البث الحي تحت إشراف مدرّبين رائعين، والجلسات الفردية لتمارين القوة أو التمارين القلبية، وأنظمة التدريب المخصصة للرياضيين المحترفين، والتمارين الأساسية، والمسارات الافتراضية في الطبيعة أو في أجمل مدن العالم.    

مؤسس Technogym نيريو أليساندري

حديث خاص مع نيريو أليساندري مؤسس Technogym

هلّا حدثتنا عن قرية تكنوجيم التي أسستموها في منطقة رومانيا بشمالي إيطاليا؟

بالتعاون مع المعماري أنطونيو سيتيريو، ابتكرنا تصورًا لمكان يجمع بين جودة نمط الحياة، والتصميم، والإنتاجية. تجسّد قرية تكنوجيم Technogym Village أول نموذج في مجمّع للرفاه الصحي يضم المقر الرئيس لتكنوجيم، ومركزنا للأبحاث والابتكار، ومنشأة خط الإنتاج، فضلاً عن مركز مهيب للرفاه الصحي مفتوح لمختلف أصحاب المصلحة، من الناشطين في قطاع اللياقة البدنية والمدرّبين إلى الأطباء والمعاهد والإعلاميين، ليتسنّى لهم أن يختبروا بأنفسهم تجربة الرفاه الصحي التي نقدمها.

كما تُعد قرية تكنوجيم نموذجًا اختباريًا عن بيئة العمل الصحية. فأعضاء فريقنا يستطيعون المشاركة في برنامج الرفاه الصحي للشركات Corporate Wellness الذي يشمل مركزًا رياضيًا للعاملين في شركتنا، ومطاعم تقدم أطباقًا صحية، وبرامح رياضية، وخدمات الفحوصات الطبية والرعاية الصحية.

تحولت الصحة بسبب جائحة كورونا إلى أولوية في وعي الأفراد والعائلات. فكيف تنظرون إلى التركيز البالغ اليوم على مفهوم اللياقة البدنية في المنزل؟ هل هو توجّه آني سيتلاشى بمرور الوقت أم ظاهرة ستحافظ على استمراريتها؟

لا شك في أن الصحة والعافية تندرجان اليوم، في زمن ما بعد الجائحة، ضمن أبرز أولويات الأفراد، ما يطرح فرصة مهمة أمام تكنوجيم وكامل قطاع اللياقة البدنية والرفاه الصحي عمومًا.

في مرحلة الحجر المنزلي، شهدت اللياقة البدنية في المنزل ازدهارًا، واليوم نشهد افتتاح نواد متخصصة في هذا المجال في مختلف أنحاء العالم. لا شك في أن التوجّه إلى ممارسة تمارين اللياقة البدنية في المنزل سيستمر، لكن الأفراد يعاودون سريعًا الانضمام إلى نواديهم الرياضية. إننا نرى أن مستقبل هذا القطاع سيكون هجينًا.

فالأفراد في المستقبل سيتمرّنون في البيت وفي المراكز الرياضية على حد سواء، تمامًا كما يقصدون المطاعم ويطلبون خدمة التوصيل إلى منازلهم. سيمارسون التمارين الرياضية في المنزل في بعض الأحيان، لكنهم سيقصدون نوادي اللياقة البدنية لبناء علاقات اجتماعية مع الآخرين، والاستفادة من تنوع الأجهزة والأنشطة والمستوى الاحترافي الذي تتيحه.

لإدارة هذا المشهد الهجين، أطلقنا تطبيق Technogym الجديد لتوجيه المستخدمين إلى تحقيق نتائج ملموسة وسريعة من خلال برامج التدريبات الشخصية والمحتوى المتوافر بحسب الطلب. سواء أكانت غايتك الحفاظ على لياقتك البدنية، أو الارتقاء بمهاراتك في رياضة معيّنة، أو تحسين وضعك الصحي، فإن خدمة Technogym Coach (مدرّب تكنوجيم) تكيّف تمارينك بحسب احتياجاتك واهتماماتك، في النادي الرياضي، أو المنزل، أو المكتب، أو الفندق. فهذه الميزات كلها مدمجة بالكامل في نظامنا Technogym Ecosystem.

حديث خاص مع نيريو أليساندري مؤسس Technogym

Thomas SAITO

بالاستناد إلى خبرتك، ما هي برأيك أبرز العناصر التي تحدد اليوم وجه مستقبل صناعة الرفاه الصحي؟

المستقبل كله للتخصيص. فلكل فرد أهداف واحتياجات واهتمامات مختلفة قد تتفاوت في هذا المجال بين اللياقة البدنية، والتدريبات الاحترافية في رياضة معينة، أو الصحة والوقاية.

ويشكل العالم الرقمي عاملاً رئيسًا في إضفاء طابع شخصي على تجربة التمارين الرياضية بحسب ما تقتضيه احتياجات الفرد وأهدافه وميوله وبما يتيح مساعدته على تحقيق النتائج المرجوة. انطلاقًا من هذا التوجّه، طورنا في تكنوجيم نظام Connected Ecosystem المتصل بالشبكة الإلكترونية والمكوّن من أجهزة ذكية وتطبيقات وتمارين مصورة متاحة بحسب الطلب لربط الفرد بتجربته الشخصية بالكامل في أي وقت وأي مكان، سواء أفي النادي الرياضي، أم في المنزل، أم في الهواء الطلق.

تفتتحون اليوم مركزًا لتجارب تكنوجيم في دبي. فما الذي ينتظرنا في هذه المنصة الجديدة وكيف تقيمون الوعي في منطقتنا للرفاه الصحي؟

تشكل دبي سوقًا رئيسة لتكنوجيم، وقد رسخنا حضور علامتنا فيها منذ سنوات. فدبي تشكل مركزًا مهمًا في الشرق الأوسط من حيث كون المنطقة جزءًا من استراتيجيتنا، ويهمّنا أن نستحدث فيها واحة مخصصة للرفاه الصحي تقدم للمستهلكين والمشغلين في هذا القطاع الفرص الاستشارية والتدريبية.

ما أبرز أولوياتك للسنوات المقبلة؟

منذ تأسيس تكنوجيم، تمثلت أولوياتنا بمساعدة الآخرين على أن يختبروا حياة أفضل من خلال ممارسة التمارين الرياضية بانتظام. وهذه الأولوية لن تتغيّر بمرور السنين، لكن ما سيتغيّر حتمًا هو التقنيات، والمحتوى، والشركاء. إن هدفنا للسنوات المقبلة هو الاستمرار في إثراء نظام تكنوجيم البيئي بمحتوى تفاعلي مبتكر، وأجهزة جديدة، وتجارب تدريبية تلبي توق الأفراد المتنامي إلى الرفاه الصحي والسعادة.

ما أكثر ما يثير شغفك في مهنتك؟ وما أبرز درس تعلّمته خلال هذه المسيرة؟

يلازمني إلى يومنا هذا الشعور نفسه الذي كان ينتابني وأنا في مرآب منزلنا. فكل يوم بالنسبة لي هو بداية جديدة، وهذه المقاربة الناشئة هي ما أحاول مشاركته كل يوم مع فريقي. نحن اليوم، بسبب ما حققناه عبر السنين، شركة كبيرة لها حضور في العديد من الدول. عندنا استثمارات، وحملات تسويقية، وكل ما نحتاج إليه، لكن ما نطمح إلى تحقيقه يفوق إلى حد كبير ما أنجزناه حتى الآن. لذا فإن العبرة تكمن في أن نتحلى بالتواضع، ولا ننظر إلى ما لدينا بوصفه من المسلمات، ونكون دومًا على استعداد للإصغاء.

مؤسس Technogym نيريو أليساندري

حديث خاص مع نيريو أليساندري مؤسس Technogym

ما هو نظامك التدريبي؟

أتمرن بانتظام ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع، وأميل إلى توزيع نظامي التدريبي بين التمارين في المنزل وبعض الجلسات التدريبية في مركز تكنوجيم للرفاه الصحي الكائن في قرية تكنوجيم. كما أهوى التنويع في أنشطتي الرياضية بين جلسات موجهة أكثر نحو تمارين الشدة وبعض التمارين الوظيفية باستخدام جهازنا الحركي Kinesis Personal، وتمارين التمدد التي تتيحها تجهيزاتنا من طراز Flexabiliy. أما في عطلات نهاية الأسبوع، فأحب ركوب الدراجة في الهواء الطلق مع أفراد عائلتي.

هل تستهويك عوالم أخرى؟

لا شك في أنني شغوف بالرفاه الصحي والرياضة. لكني أضيف إليها التصميم والعمارة، والفنون، أي الجمال باختصار.

هل اكتشفت في أسفارك الكثيرة وجهة مفضلة؟

ثمة أماكن كثيرة في العالم تشكل مصدر إلهام لي، من منطقة البحر المتوسط وجبال دولوميت الإيطالية إلى المدن النابضة بالحيوية مثل لندن ونيويورك. ولا شك في أن دبي تُعد واحدة من الوجهات المفضلة عندي. أثمّن المساعي التي بُذلت في دبي لاستحداث بيئة تزاوج بين النشاط المهني، والترفيه، والطبيعة.

وبوصفي إيطاليًا، أحب بالطبع بلادي التي ألهمت مفهوم الرفاه الصحي والتي تجسّد فسيفساء من الفن، والثقافة، والطعام الرائع، والجمال.

ما هي السعادة عندكم؟

هذا سؤال بالغ الأهمية! فالسعادة مفهوم شخصي للغاية ولا تعريف مطلقًا لها. في ما يخصني، إنها ترتبط بالرفاه الصحي. أقصد التمتع بالعافية الجسدية والذهنية، وبحياة اجتماعية ناشطة. لا بد أيضًا من تحقيق التوازن بين العمل، والعائلة، ومكامن الشغف الشخصية.