منذ أن بدأ العزف على الكمان في سن الخامسة، ارتبط آينشتاين بالموسيقى بقدر ارتباطه بالعلم، ليواصل ممارسة هذا الشغف بشكل يومي تقريبًا، حتى أنه شارك في بعض العروض العامة. وفي اللحظات التي كان يصوغ فيها أهم أفكاره العلمية، كان يلجأ إلى الكمان ليستمد منه الإلهام، فيعزف مقطوعات لموزارت وباخ، فيما تتشكل في ذهنه أهم نظريات غيّرت العالم.
كنوز آينشتاين النادرة في مزاد دومينيك وينتر
في دار المزادات البريطانية دومينيك وينتر بمدينة سيرينسيستر، يخرج إلى الضوء كمان نادر حمله ألبرت آينشتاين منذ مراهقته، وعزف عليه في سنواته المفصلية التي شهدت ميلاد نظريته النسبية. هذه الآلة التي صاغها صانع الكمان الألماني أنطون تسونترر عام 1894، تحمل نقش "لينا"، الاسم الذي اعتاد آينشتاين أن يمنحه لكل كمان امتلكه. ومن المتوقع أن تحقّق هذه القطعة التاريخية، عند عرضها في 8 أكتوبر المقبل، قيمة تصل إلى 375 ألف دولار أمريكي.
Dominic Winter Auctions
يشمل المزاد أيضًا سرج دراجة آينشتاين المفضلة، والمتوقع أن يُباع مقابل 67 ألف دولار أمريكي. كما يتضمّن كتابًا فلسفيًا نادرًا يحمل توقيعًا بخط يده، ويحتوي على نصوص لروّاد الفلسفة مثل ديكارت وسبينوزا، وتُقدّر قيمته بنحو 4 آلاف دولار أمريكي.
Dominic Winter Auctions
إرث محفوظ عبر الأجيال
في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي، ومع اشتداد وطأة الاضطهاد النازي في ألمانيا، أدرك ألبرت آينشتاين حجم الخطر الذي يُهدد حياته وحياة ممتلكاته الشخصية. وسط هذه الأوقات المظلمة، اختار آينشتاين أن يُسلم الكمان، الذي كان يعزف عليه في لحظات فراغه ويجد فيه ملاذًا من ضغوط الحياة العلمية، إلى جانب صندوق يحتوي على مقتنياته الثمينة، إلى صديقه وزميله المقرب، العالم الفيزيائي ماكس فون لاويه.
كانت هذه اللفتة بمنزلة تدبير حاسم لضمان حماية تلك الممتلكات من المصادرة أو الضياع في ظل التهديدات التي كانت تحيط بالجميع في ذلك الوقت. ومع مرور نحو عقدين من الزمن، وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، انتقلت آلة الكمان إلى إحدى العائلات الألمانية التي حافظت عليها بكل إخلاص لما يزيد على 70 عامًا. واليوم، بعد عقود من الصمت، يُعرض هذا الكمان في مزاد دومينيك وينتر العلني، ليصبح رمزًا حيًا لحقبة تاريخية مليئة بالمأساة، ويضيف بُعدًا إنسانيًا فريدًا إلى سيرة العبقري آينشتاين.
يصف كريس ألبري، خبير المزادات، الكمان بأنه يأسر الحواس، ويشعر المرء بتأثيره العميق من الوهلة الأولى. ويضيف ألبري أن هذه الآلة كانت على الأرجح رفيقة ألبرت آينشتاين خلال الفترة بين عامي 1905 و1915، عندما نشر أوراقه البحثية الأكثر شهرة، ما يجعلها شاهدًا حيًا على لحظات تاريخية مفصلية، جمعت بين عبقرية العلم وروح الموسيقى في آن واحد.