قرأت على الأرجح عناوين مثل "العادات السبع للأشخاص الذين لا يمرضون أبدًا"، و"الطقوس العشرة التي يمارسها عداء السباقات الثلاثية البالغ من العمر 100 عام كل صباح".

وسواء أكنت تتصفح حسابات إنستغرام أم تتابع الأخبار، فإنه من المستحيل اليوم أن تغفل عن العناوين الهادفة إلى الاستئثار بالانتباه في سياق الترويج لأسلوب الحياة الصحي الأمثل، إذ هي عناوين يستحيل تجنبها.

لا مفر من اختلاط بعض النصائح العملية ببعض النصائح الغريبة، واقترانها بروابط ترسلك إلى مواقع تتسوق منها المكملات الغذائية أو برامج اللياقة البدنية.

وعند تصفحك لها تدوّن ملاحظة ذهنية تُذكرك بتلك النصيحة التي وقعت في نفسك، ومن ثم تكمل يومك.

ولكن ماذا لو كان بإمكانك تحقيق فائدة من الأفراد "الخارقين" الأكفاء والأصحاء تتجاوز الاكتفاء بالاطلاع على عاداتهم؟ كأن تستفيد مثلاً من حمضهم النووي.

إن الالتزام بنوع من "الحكمة" الجسدية التي يتمتع بها من هم أكثر رشاقة وقوة ونفاذ بصيرة منك لا يعني الالتزام بموعد نومهم المبكر وجدول تمارينهم الرياضية المنتظمة فحسب، بل يشمل أيضًا الاستفادة من مادتهم الجينية، سواء عن طريق المعززات الحيوية (البروبيوتيك) أو العلاجات التجميلية أو غيرها. لذا يزداد تركيز الباحثين الطليعيين على دراسة سكان الكوكب الأوفر صحة وتسخير مادتهم الجينية الشديدة القوة لصالح بقيتنا.

ميكروبيوم الرياضيين الخارقين

يقول الدكتور جوناثان شيمان، الشريك المؤسس في شركة FitBiomics ورئيسها التنفيذي: "إذا ألقيت نظرة على الطب الحيوي، فإنك سترى أن الفكرة السائدة فيه هي دراسة الأفراد معتلّي الصحة وتقصي مكامن الخلل وسبل إصلاحها من أجل تحسين الصحة".

ولكن شركته تتبع نهجًا معاكسًا، إذ إنها تنطلق من فهم عمل الميكروبيومات في أجساد "الأشخاص خارقي الأداء" الذين يمثلون ذروة الصحة واللياقة البدنية. انبثقت الشركة عن الملكية الفكرية في معهد ويس للهندسة المستوحاة من علم الأحياء والتابع لجامعة هارفارد، والدكتور جورج تشيرش، رئيس قسم البيولوجيا التركيبية في معهد ويس، من مؤسسي الشركة أيضًا.

كان شيمان لاعب كرة سلة في فريقه الجامعي، واليوم يطلق عليه أحد زملائه اسم "توني ستارك المعززات الحيوية"، ذلك أنه يدرس الأسباب التي تجعل ميكروبيومات الأمعاء عند الرياضيين الأولمبيين، وغيرهم من الرياضيين العالميين، فريدة من نوعها، ثم يترجم هذه البيانات إلى معلومات يقول إن أي شخص يمكنه الاستفادة منها.

ولكن العمل المخبري لا يتوقف عند جمع البيانات فحسب، إذ أطلقت الشركة في العام الماضي مكمّل Nella، وهو معزز حيوي لصحة الأمعاء والجهاز الهضمي يحتوي على ثلاث سلالات بكتيرية مسجلة الملكية، مشتقة من فضلات نخبة الرياضيين.

يقول شيمان: "من الناحية الوظيفية والصحية فإن ميكروبيوم الأمعاء يؤثر إلى حد كبير على كل ما نقوم به".

ويضيف: "إنه يفكّك الأطعمة التي نأكلها ويحللها إلى عناصر مغذية تستطيع أجسامنا امتصاصها، ويركّب النواقل العصبية على نحو يؤثر على وظائف الجسم، بما فيها النوم.

كما أنه يتفاعل مع جهاز المناعة بما يعزز التعافي ويثبط الالتهابات".

ويرى شيمان أن معظم المعززات الحيوية الموجودة حاليًا في الأسواق قد عمّرت عقودًا، ولكن المعززات التي يستخدمها تعزز الصحة على نحو أفضل بحكم اشتقاقها من هؤلاء الرياضيين، في "عملية انتخاب طبيعي" يقول إن بوسعنا جميعًا الاستفادة منها بفضل ارتباطها الوثيق بوظائف أجسادهم.

جرى اختبار مكمّل Nella بشكل تجريبي على 257 مشاركًا، تناولوه يوميًا لمدة أسبوعين، ثم أبلغوا عن نتائجهم باستخدام استطلاعات عبر الإنترنت. وكانت النتيجة مبهرة، إذ أبلغ 94% منهم عن تحسنٍ في فئة واحدة على الأقل.

وكانت جودة النوم أكثر هذه الفئات تحسنًا، بنسبة بلغت 45.1%، كما تدنّت فترات الإجهاد المتواتر وقلّت الآلام الناتجة عن التمارين الرياضية وانتظمت حركة الأمعاء بنسب زادت على 30%.

لم يُجرَ بعد أي اختبار يقارن أداء هذا المكمل بأداء المعززات الحيوية الموجودة في الأسواق، ولكن تجربة سريرية مزدوجة التعمية ومنضبطة بعلاج غُفل، يشارك فيها عشرة أعضاء من نادي كرة قدم محترف، باتت على وشك الاكتمال.

فضلاً عن ذلك، اجتاز منتج Veillonella التالي من شركة FitBiomics دراسات السلامة اللازمة، وهو يعمل بطريقة مختلفة تمامًا.

إنه منتج يحتوي على سلالة بكتيرية جديدة تنمو بكثرة في الميكروبيوم الخاص بالرياضيين المتميزين. وفي هذا يقول شيمان: "عثرنا على نمط مشابه في هذه البكتيريا التي تتغذى على حمض اللاكتيك، إذ إن كميتها في الأمعاء تزداد بعد ممارسة التمارين الرياضية الشاقة".

وبما أن حمض اللاكتيك ينتج عرضيًا عن القيام بالتمارين الرياضية، ويتصل بمعدلات الإرهاق، فقد أصبح هذا الاكتشاف "لحظة منيرة، وفرصة لاستخلاص كائن حي يمكنه تحويل حمض اللاكتيك إلى مادة تعزز القدرة على التحمل".

وكشفت بيانات الاختبارات ما قبل السريرية التي عُرضت في النشرة الدورية Nature Medicine عن وجود "ميكروب يحسن الأداء" في أمعاء عدّائي ماراثون بوسطن، وعدّائي الماراثونات فائقة الطول، والجادفين في التجارب الأولمبية.

يحصل الرياضيون المشاركون في تجارب FitBiomics على بياناتهم ويكون تعويضهم على شكل أسهم في الشركة. يقول شيمان: "نحن نعدّهم قادة المدرسة البحثية الجديدة. فسماحهم لنا بفهم تركيبتهم البيولوجية وصحتهم يساعدنا على تحسين صحة الجميع".

 كشفت بيانات الاختبارات ما قبل السريرية على منتج Veillonella عن وجود "ميكروب يحسن الأداء" في أمعاء عدّائي ماراثون بوسطن، وعدّائي الماراثونات فائقة الطول، والمشاركين في التجارب الأولمبية.

كشفت بيانات الاختبارات ما قبل السريرية على منتج Veillonella عن وجود "ميكروب يحسن الأداء" في أمعاء عدّائي ماراثون بوسطن، وعدّائي الماراثونات فائقة الطول، والمشاركين في التجارب الأولمبية.

أبحاث طموحة و"رياضي رقمي"

لا يُعد المليارديران والمحسنان كلارا وو تساي وجو تساي متابعين عرضيين لأقصى قدرات الإنسان البدنية.

فبصفتهما مالكي نادي بروكلين نتس Brooklyn Nets لكرة السلة، وفريق نيويورك ليبرتي النسوي لكرة السلة، وفريق سان دييغو سيلز San Diego Seals المحترف في رياضة لاكروس، فهما محاطان بالرياضيين المتميزين، ويريدان الآن تسخير قدراتهم لصالح نجوم السباقات الرياضية الجامعية والرياضيين الهواة وأولئك الذين لا يمارسون الرياضة البتة.

ولذلك أطلق الثنائي مبادرة Wu Tsai Human Performance Alliance ووضعا لها خطة استثمارية قيمتها 220 مليون دولار. تشمل المبادرة، التي تمتد 10 سنوات، ست مؤسسات منها معهد سولك للدراسات البيولوجية وجامعة أوريغون، وتسعى إلى فهم النواحي الدماغية والجسدية التي تفضي إلى ذروة الأداء البشري.

أما الغاية، فتتمثل بدراسة عيّنات الرياضيين المتفوقين لتحسين صحة سكان العالم.

قالت وو تساي في إعلان جرى تصويره قبل أولمبياد طوكيو الذي انعقدت أحداثه في الصيف الماضي: "أن يكون المرء رياضيًا وأن يفهم أثر الرياضة على الأداء البشري أمر نقدّره كثيرا في أسرتنا".

وأضافت: "ما أدهشني بحق هو ضعف التقدم في مجالات العلاج وأنظمة التدريب، ويرجع ذلك عمومًا إلى نقص التمويل الموجه إلى هذه المجالات". إلى جانب التركيز على نخبة الرياضيين باختلاف أجناسهم، ستتاح اكتشافات المبادرة مجانًا، ومن المرجح أن يستخدمها علماء آخرون في أبحاثهم وابتكاراتهم.

ويسعى أحد المشاريع "الطموحة" على قائمة وو تساي إلى إنشاء "رياضي رقمي" في مختبرات جامعة ستانفورد، يستخدم الذكاء الاصطناعي والتصوير الطبي لتحديد سبل رفع مستوى الأداء البدني عند الأفراد كافة بدون استثناء ليتمكّن الرياضيون المحترفون والمسنون الذين يسعون إلى العيش باستقلالية وقتًا أطول من استخدام هذه المعرفة.

تنطلق شركة FitBiomics في نهجها من فهم عمل الميكروبيومات في أجساد "الأشخاص خارقي الأداء" الذين يمثلون ذروة الصحة واللياقة البدنية.

تنطلق شركة FitBiomics في نهجها من فهم عمل الميكروبيومات في أجساد "الأشخاص خارقي الأداء" الذين يمثلون ذروة الصحة واللياقة البدنية.

السر في فهم الدماغ

يبدو جليًا أن الرياضيين الشباب يحظون باهتمام جل الباحثين، لكن البعض وجّه اهتمامه إلى فئة غير متوقعة ولكن لافتة بالقدر نفسه: المسنون المتوثبون حيوية.

وفي هذا يقول الدكتور والعالم الشهير رودولف تانزي، أستاذ مادة طب الأعصاب بجامعة هارفارد الذي اكتشف العديد من الجينات المتصلة بمرض الزهايمر والذي يعزف أيضًا على البيانو في الألبومات التي تسجلها فرقة أيروسميث الموسيقية في الاستديو، يقول إن وصف الأطباء دواءً جديدًا بشكل مسؤول يقتضي فهمهم لما يسهم في تحقيق صحة الجسم، بما في ذلك استيعابهم لعمل أحد الأعضاء المستعصية على الفهم: الدماغ.

وبوصف تانزي مديرًا مشاركًا في مركز مكانس لصحة الدماغ McCance Center for Brain Health في مستشفى ماساتشوستس العام بجامعة هارفارد، فإنه يركّز في عمله على ما يجعل الدماغ نابضًا بالحياة. يقول تانزي موضحًا: "بدلاً من الاكتفاء ببحث المؤشرات الحيوية للأمراض أو انتظار إصابة المرء بمرض الزهايمر أو مرض باركنسون، وهي مرحلة يكون فيها الدماغ قد تدهور إلى درجة الاختلال الوظيفي وتكون محاولة إعادته إلى سابق عهده محاولة فاشلة، نطرح السؤال التالي" كيف نعلم أن دماغنا بصحة جيدة؟".

وفيما يشير إلى سهولة فحص صحة القلب والبنكرياس وضغط الدم، يوضح أن "فحص الدماغ أمر متعذر. فالطبيب يفحص فمك وأنفك، وهذا كل ما في الأمر".

ويبحث المركز حاليًا في سبل تشكل العوامل الوراثية، وعمليات الأيض في أجسامنا، فضلاً عن ميكروبيوم الأمعاء، وذلك لفهم تأثيراتها على الدماغ، وتحديد ما يميز الأشخاص الأصحاء، وسبل الاستفادة من هذه المعلومات بما يتيح تعميمها على أكبر عدد من السكان. ويقول تانزي: "ما لم تقم بكل هذا، فأنت تخمّن فحسب".

في الواقع، ظهرت العديد من العلامات التجارية التي تبنت فكرة اختراق الأجسام، وهي تعتمد في الغالب على إجراءات منزلية مثل فحص مسحة الأنف، وأخذ عينات البراز، وجمع عينات اللعاب، ثم توصي مستخدميها بوصفاتٍ للعناية بالبشرة ومكملاتٍ غذائية وتمارينِ لياقة بدنية ووجباتٍ غذائية بالاستناد إلى تكوينهم الجسدي المتفرد.

لكن تانزي ينصح بالحذر الشديد من تلك الوعود ويقول: "بدأ العمل الدؤوب في هذا المجال للتو فحسب. وأنا أقول هذا لأنني أقرأ الأبحاث العلمية. قد يقول أحدهم 'سأطلق شركة جديدة تتبنى فكرة جديدة: سنأخذ دمك، وسنجري فحوصات على هذا وهذا وذاك، ثم سنبيعك هذه المكملات الغذائية، ولن نخبرك أننا نعيد القول نفسه على مسامع الجميع'. تثير هذه الفرضية الشكوك ولكن الأمور قد تسوء إلى هذا الحد".

بموازة ذلك، يسعى تانزي إلى التوصية الموثوقة ببروتوكول قادر على تعزيز قدرات عقولنا مع تقدمنا في السن.

وقد ابتكر مختبره الواقع في مستشفى ماساتشوستس العام نموذج "الزهايمر في طبق"، وهو نموذج ابتكره تانزي من جهة لأنه نباتي ومن جهة أخرى لأنه أراد تجنب اختباره على الفئران.

يتيح هذا النموذج إجراء اختبارات غاية في التعقيد على كل دواء ومكمل غذائي معتمد في السوق لتحديد أيها يمكنه الوقاية من المرض أو علاجه. إلى ذلك، يدرس تانزي حاليًا "المُعمّرين" الأحياء بالتعاون مع جامعة بوسطن، ويركز في عمله هذا على المعمّرين الذين تضاهي حدة إدراكهم بعد أن تجاوزوا حاجز المئة عام حدة إدراكهم عندما كانوا في الستين من العمر، وذلك بغية فهم مميزات حمضهم النووي وآليات التخلق التي أثرت فيهم. وفي هذا يقول تانزي: "أحاول فرز الجوانب المتبصّرة لكي أستطيع أن أصف السبيل إلى بلوغها".

وعود وعراقيل

من الجائز أن الاقتراض من الأصغر سنًا هو أحد المسارات الممكنة. فقد أظهر بحث عُرض في النشرة الدورية المرموقة Nature في شهر مايو أن الفئران المسنة التي حُقنت لمدة أسبوع بسائل نخاعي مأخوذ من فئران شابة شهدت تحسنًا في قدراتها الإدراكية.

ولم ينحصر هذا التحسن في قدرتها على تذكر الماضي، بل تخطى الأمر إلى قدرتها على تكوين ذكريات جديدة.

لا يزال تطبيق هذه النتائج على البشر بعيد المنال، وفيما أظهرت دراسات مماثلة باستخدام الدم تحسن القدرات المعرفية، لم يتحقق بعد تطبيقها بنجاح على نطاق واسع وخارج المختبر، بالرغم من اعتراف لانس أرمسترونغ في برنامج أوبرا بأنه تلقى نقلا للدم لزيادة مستويات الأكسجين لديه في سباقات الدراجات الممتدة أيامًا.

لطالما اجتذب الوعد بالعمر المديد الشركات في وادي سيليكون فالي، ويبدو أن الدم الشاب وسيلة مباشرة لتحقيق هذا الوعد.

غير أن شركات ناشئة مثل أمبروزيا Ambrosia التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها، والتي ذاع أنها طالبت الناس بدفع 8,000 دولار لقاء المشاركة في إحدى دراساتها وتلقي لتر من البلازما الشابة، واجهت عراقيل بسبب تحذيرات إدارة الغذاء والدواء وعمليات الإغلاق وإعادة الفتح.

وقد ذكرت إدارة الغذاء والدواء أن المخاطر الصحية جنبًا إلى جنب مع شح الأدلة الداعمة لادعاءات الشركة المضخمة هي الأسباب التي دفعتها إلى اتخاذ هذه الإجراءات.

يُعد React Neuro أحد الأجهزة التي بدأ استخدامها، وهو جهاز متطور يعتمد تقنية الواقع الافتراضي ويعمل على مسح الصوت والعين، وقد جرى تطويره جزئيًا للمساعدة في تتبع أدمغة الرياضيين قبل إصابتهم وبعدها، وتسجيل الحركات الفائقة الدقة بطريقة أكثر تحديدًا وقابلية للقياس الكمي، بدلاً من تتبع المريض لإصبع الطبيب بعد تلقيه ضربة في الرأس.

ويأمل تانزي، وهو أحد مؤسسي هذه الشركة، أن يصبح هذا الاختراع بمنزلة "جهاز قياس ضغط الدم للدماغ"، وربما أحد الأجهزة التي تستخدم بانتظام لإجراء الفحوص البدنية مستقبلاً.

وقد استخدم تانزي هذا الجهاز مع فريقي نيو إنغلاند باتريوتس New England Patriots وبوسطن سيلتيكس Boston Celtics وفي دُور العناية بالمسنين من أجل قياس تقدم المشاركين، وفهم التغيرات التي تطرأ عليهم مع مرور الوقت، وتقييم ما حدث للرياضيين بعد موسم كامل من اللعب في دوري المحترفين، أو ما حدث لسبعيني بعد اختباره حدثًا جللاً مثل إصابته بسكتة دماغية.

كما طوّر طبيب التخدير أبيناف غوتام ومعه المستثمر في الرعاية الصحية كريستيان سيل إجراء متاحًا حاليًا لإدارة الألم، يعالج عضوًا جرى اكتشافه منذ أربع سنوات فقط، على الرغم من أنه يؤلف 20% من أجسامنا.

ففي عام 2018، نشر باحثون في جامعة نيويورك نتائجهم حول النسيج الخلالي، وهو أشبه بمسار سريع عامر بالسوائل يقع بين الجلد والعضلات وينقل العناصر الغذائية والأيونات والبروتينات من الرأس إلى أخمص القدمين.

ويقدّر سيل أن أحد الأسباب التي أبقت هذا الحيز بعيدًا عن أعين الأطباء في الغرب هو أنهم يتدربون عادةً على الجثث، وهذه الطبقة "تختفي بالكامل تقريبًا لحظة حدوث الوفاة". وقد أدى شح المعلومات عن النسيج الخلالي إلى جعله منطقة غير مدروسة وأبقى خيارات علاجه المباشرة معدودة.

ولكن غوتام طور هذا الإجراء بالكامل على أجسام حية. وفي هذا يقول سيل: "نحن نعلم أن هذا النسيج يحتوي على كثير من الأعصاب، أي أنه يحتوي على كثير من النهايات العصبية"، مشيراً إلى أن هذا ليس بالخبر الجديد على ممارسي الطب التقليدي القديم الذين استهدفوا النسيج الخلالي على امتداد قرون، حتى لو لم يصفوه بهذا الاسم. ويضيف سيل: "إذا تأملت في الطب الشرقي والأيورفيدا الصينية، فإنك ستجد أن هذا النسيج هو الحيز الذي يتدفق فيه التشي، أو الشاكرا، أو مسارات الطاقة".

وعود وعراقيل

من الجائز أن الاقتراض من الأصغر سنًا هو أحد المسارات الممكنة. فقد أظهر بحث عُرض في النشرة الدورية المرموقة Nature في شهر مايو أن الفئران المسنة التي حُقنت لمدة أسبوع بسائل نخاعي مأخوذ من فئران شابة شهدت تحسنًا في قدراتها الإدراكية.

ولم ينحصر هذا التحسن في قدرتها على تذكر الماضي، بل تخطى الأمر إلى قدرتها على تكوين ذكريات جديدة.

لا يزال تطبيق هذه النتائج على البشر بعيد المنال، وفيما أظهرت دراسات مماثلة باستخدام الدم تحسن القدرات المعرفية، لم يتحقق بعد تطبيقها بنجاح على نطاق واسع وخارج المختبر، بالرغم من اعتراف لانس أرمسترونغ في برنامج أوبرا بأنه تلقى نقلا للدم لزيادة مستويات الأكسجين لديه في سباقات الدراجات الممتدة أيامًا.

لطالما اجتذب الوعد بالعمر المديد الشركات في وادي سيليكون فالي، ويبدو أن الدم الشاب وسيلة مباشرة لتحقيق هذا الوعد.

غير أن شركات ناشئة مثل أمبروزيا Ambrosia التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها، والتي ذاع أنها طالبت الناس بدفع 8,000 دولار لقاء المشاركة في إحدى دراساتها وتلقي لتر من البلازما الشابة، واجهت عراقيل بسبب تحذيرات إدارة الغذاء والدواء وعمليات الإغلاق وإعادة الفتح.

وقد ذكرت إدارة الغذاء والدواء أن المخاطر الصحية جنبًا إلى جنب مع شح الأدلة الداعمة لادعاءات الشركة المضخمة هي الأسباب التي دفعتها إلى اتخاذ هذه الإجراءات.

يُعد React Neuro أحد الأجهزة التي بدأ استخدامها، وهو جهاز متطور يعتمد تقنية الواقع الافتراضي ويعمل على مسح الصوت والعين، وقد جرى تطويره جزئيًا للمساعدة في تتبع أدمغة الرياضيين قبل إصابتهم وبعدها، وتسجيل الحركات الفائقة الدقة بطريقة أكثر تحديدًا وقابلية للقياس الكمي، بدلاً من تتبع المريض لإصبع الطبيب بعد تلقيه ضربة في الرأس.

ويأمل تانزي، وهو أحد مؤسسي هذه الشركة، أن يصبح هذا الاختراع بمنزلة "جهاز قياس ضغط الدم للدماغ"، وربما أحد الأجهزة التي تستخدم بانتظام لإجراء الفحوص البدنية مستقبلاً.

وقد استخدم تانزي هذا الجهاز مع فريقي نيو إنغلاند باتريوتس New England Patriots وبوسطن سيلتيكس Boston Celtics وفي دُور العناية بالمسنين من أجل قياس تقدم المشاركين، وفهم التغيرات التي تطرأ عليهم مع مرور الوقت، وتقييم ما حدث للرياضيين بعد موسم كامل من اللعب في دوري المحترفين، أو ما حدث لسبعيني بعد اختباره حدثًا جللاً مثل إصابته بسكتة دماغية.

كما طوّر طبيب التخدير أبيناف غوتام ومعه المستثمر في الرعاية الصحية كريستيان سيل إجراء متاحًا حاليًا لإدارة الألم، يعالج عضوًا جرى اكتشافه منذ أربع سنوات فقط، على الرغم من أنه يؤلف 20% من أجسامنا.

ففي عام 2018، نشر باحثون في جامعة نيويورك نتائجهم حول النسيج الخلالي، وهو أشبه بمسار سريع عامر بالسوائل يقع بين الجلد والعضلات وينقل العناصر الغذائية والأيونات والبروتينات من الرأس إلى أخمص القدمين.

ويقدّر سيل أن أحد الأسباب التي أبقت هذا الحيز بعيدًا عن أعين الأطباء في الغرب هو أنهم يتدربون عادةً على الجثث، وهذه الطبقة "تختفي بالكامل تقريبًا لحظة حدوث الوفاة". وقد أدى شح المعلومات عن النسيج الخلالي إلى جعله منطقة غير مدروسة وأبقى خيارات علاجه المباشرة معدودة.

ولكن غوتام طور هذا الإجراء بالكامل على أجسام حية. وفي هذا يقول سيل: "نحن نعلم أن هذا النسيج يحتوي على كثير من الأعصاب، أي أنه يحتوي على كثير من النهايات العصبية"، مشيراً إلى أن هذا ليس بالخبر الجديد على ممارسي الطب التقليدي القديم الذين استهدفوا النسيج الخلالي على امتداد قرون، حتى لو لم يصفوه بهذا الاسم. ويضيف سيل: "إذا تأملت في الطب الشرقي والأيورفيدا الصينية، فإنك ستجد أن هذا النسيج هو الحيز الذي يتدفق فيه التشي، أو الشاكرا، أو مسارات الطاقة".

تسعى مبادرة Wu Tsai Human Performance Alliance إلى فهم النواحي الدماغية والجسدية التي تفضي إلى ذروة الأداء البشري. أما الغاية، فتتمثل بدراسة عيّنات الرياضيين المتفوقين لتحسين صحة سكان العالم.

تسعى مبادرة Wu Tsai Human Performance Alliance إلى فهم النواحي الدماغية والجسدية التي تفضي إلى ذروة الأداء البشري. أما الغاية، فتتمثل بدراسة عيّنات الرياضيين المتفوقين لتحسين صحة سكان العالم.

علاجات مستقبلية

ينبع اهتمام غوتام، وهو لاعب تنس تنافسي سابق، بتخفيف الآلام من محاولات علاج كتفه المصاب. أما سيل، فقد أسس شركة فيتروفيا Vitruvia التي تقدم إجراء علاجيًا غير جراحي في العمق باسم Relief يعتمد التوجيه بالموجات فوق الصوتية ويستخدم الإبر لتفتيت الأنسجة الندبية وتحرير الأعصاب قبل إعادة ترطيب المنطقة المعالجة (المناطق الشائعة هي الكتفان والركبتان والوركان).

ويقارن سيل مناطق الألم بنهر تتخلله صخور تغير مجرى تدفق المياه أو تصدّه، مضيفًا أن إجراء Relief يزيل الصخور ويعيد توجيه المياه لتتدفق بطريقة أكثر انسيابية وانتظامًا.

إلى الآن، تلقى هذا العلاج كل من ميغيل كابريرا الحائز لقب أفضل لاعب في الدوري الأمريكي مرتين، والنجم المتقاعد ديفيد أورتيز، ولاعب التنس تومي هاس، والممثل داني غلوفر. ويتسع نطاق هذا البروتوكول حاليًا ليشمل الرياضيين المحترفين وكبار اللاعبين في ميامي ولوس أنجليس.

وعلى مستوى العلاجات التجميلية، سخّرت العديد من العلامات التجارية الأوروبية للعناية بالبشرة، ولا سيما Neocutis، مشاركين أصغر سنًّا، واعتمدت على أنسجة أجنة البشر والأغنام لتصنيع أمصال وكريمات مصممة لتجديد الجلد على النحو الذي يتعافى به جلد الأطفال بسرعة بعد تعرضه للجروح أو الكدمات.

ولكن يزداد في هذه الأيام احتمال أن تكون المنتجات نباتية، حتى وإن كانت العمليات التي تحفزها هذه المنتجات متشابهة. فعلى سبيل المثال، تصنع العلامة التجارية الفرنسية للعناية بالبشرة Biologique Recherche منتج Crème Masque Vernix، وتصفه بأنه "نسخة حيوية طبق الأصل" عن المركب الوقائي للطلاء الجُبْنِي، وهو المادة البيضاء التي تغلف الأطفال حديثي الولادة عند خروجهم من الرحم. وعلى غرار هذا الطلاء، يتكون الكريم من الماء والدهون والبروتينات لمكافحة الجفاف وتجديد البشرة.

لكن سواء كنت تُسخّر حديثي الولادة أو كبار السن، فثمة قيمة واضحة وغير مستكشفة في فهم ما يجعل أجسام فئة بشرية متميزة تؤدي وظيفتها بشكل سليم على امتداد مراحل الحياة كلها.

يقول تانزي إنه سواء كان يدرس المؤشرات الحيوية المستندة إلى الدم أو نشاط الخلايا العصبية، فإن الهدف هو أن نكون قادرين على إدارة صحتنا انطلاقًا مما يجعلنا نزدهر وننمو، مضيفًا: "أريد أن أطّلع على المؤشرات، ومن ثم أريد أن أطبق إجراءاتٍ تحسّن هذه المؤشرات عوضًا عن انتظار الإصابة بالمرض ومحاولة تقليل المؤشرات الخطرة.

لا أريد أن أطّلع على ما يخبرني بأنني مريض، بل أريد أن أطلع على ما يخبرني بأن صحتي جيدة".