في قلب مايفير، الحي اللندني المعروف بواجهاته الكلاسيكية وسكانه من الطبقة الأرستقراطية، يكشف مبنى تاريخي عن فصل جديد في رحلته الممتدة منذ القرن الثامن عشر.
فقد طُرحت مؤخرًا للبيع مقابل 14.2 مليون دولار أمريكي شقة بنتهاوس فاخرة تتربع فوق 6 شارع تشارلز، المبنى الذي ارتبط باسم رائد صناعة الخزف الإنجليزي جوزايا ويدجوود.
مر المبنى على مدار قرون بتحولات معمارية وثقافية؛ فقد أضيفت إليه واجهة إيطالية فخمة في القرن التاسع عشر، وسكنه لاحقًا الناقد الفني جون رسكن، قبل أن يُقسم إلى شقق بعد الحرب العالمية الأولى.
واليوم، أعاد مطورو شركة ريد العقارية صياغته ليضم 11 شقة معاصرة، أبرزها شقة البنتهاوس التي تعيد تعريف مفهوم العيش الفاخر في مايفير.
تمتد شقة البنتهاوس على مساحة 2,207 أقدامًا مربعة موزعة على طابقين. الطابق الأول يضم ثلاث أجنحة نوم، من بينها جناح رئيس مجهز بغرفة ملابس واسعة وحمام رخامي فاخر.
Redd-RealeState
أما الطابق العلوي، فيتألق بمساحات استقبال رحبة تشمل صالة ذات إطلالة مزدوجة، وغرفة طعام فسيحة لثمانية أشخاص، إلى جانب شرفة خارجية بمساحة 246 قدمًا مربعة، تُعد من النوادر في لندن.
اللمسات الداخلية التي صاغتها شركة لندن 1508 تكشف عن مزيج متقن من الأناقة والطابع العملي. فقد جُهّز المطبخ بأحدث الأجهزة من علامتي ميلي Miele وغاغيناو Gaggenau الألمانيتين الرائدتين في صناعة الأدوات المنزلية الفاخرة.
Redd-RealeState
أما الأرضيات، فجاءت من خشب السنديان بتصميم متعرج كلاسيكي، فيما يبرز الرخام الطبيعي المصقول ليمنح المساحات طابعًا فاخرًا. وتكتمل وسائل الراحة بتقنيات حديثة تشمل نظام إضاءة ذكي من كريسترون Crestron، وحلول أمنية من بانام Banham، إلى جانب نظام متطور لتدفئة الأرضية.
وإذا كان الحاضر يعكس عودة المبنى إلى دائرة الضوء، فإن ماضيه لا يقل بريقًا. فقد اشتهر جوزايا ويدجوود، بقدرته على تحويل السيراميك إلى فن يليق بالملوك، واتخذ من هذا العقار في عام 1765 مقرًا لعرض إبداعاته في الطوابق السفلية، فيما خصّص الطوابق العليا للعمل والإقامة.
Redd-RealeState
ومن بين أبرز تلك الإبداعات جاءت مجموعة كوينز وير Queen’s Ware، وهي أوانٍ فخارية كريمية اللون نالت رعاية الملكة شارلوت، لتصبح علامة فارقة في فنون المائدة الأوروبية، وسرعان ما انتشرت في القصور الأرستقراطية والمستعمرات الأمريكية.
كما ارتبط المبنى بواحدة من أشهر الصفقات الفنية في القرن الثامن عشر، حين أوفدت الإمبراطورة كاترين العظمى مبعوثها الروسي إلى لندن لطلب مجموعة "إمبريال غرين سيرفس"Imperial Green Service، وهي مجموعة مائدة ملكية مؤلفة من 952 قطعة مصنوعة بعناية فائقة في مشاغل ويدجوود.
ولا تزال هذه المجموعة اليوم محفوظة في متحف إرميتاج بمدينة سانت بطرسبورغ، شاهدة على المكانة العالمية التي بلغتها أعمال ويدجوود.