من المستحيل حشر قاعة كارنيغي Carnegie Hall في غرفة معيشة، غير أن تثبيت نظام صوتي جيد يشبه اختبار مدى صوتي يحاكي الأصل ويهز روح المستمع. ولكن محاكاة أنغام الموسيقا الحية في المنزل بدقة يظل مهمة صعبة المنال.

بل إن الآراء حول متطلبات الدقة الصوتية تتفاوت بقدر عدد المكونات الصوتية المصممة لتحقيق هذا المطلب. وفيما يمكن للمساحة الواسعة والمال أن يسهما في تحقيق هذا الغرض، إلا أنهما ليسا ضمانة كافية، خصوصًا إذا كان صاحبهما لا يعرف كيف تبدو المحاكاة الناجحة حقيقة.

يصر بعض عشاق الأجهزة الصوتية على أن الاستنساخ الدقيق لأنغام الموسيقا يتطلب استجابة ترددية مداها 10 أوكتاف، بدءًا من تردد 16 هرتز في قصبة أرغن بطول 32 قدمًا، ووصولاً إلى الترددات فوق الصوتية التي تلتقطها الخفافيش فحسب.

قد يكون هذا التوصيف صحيحًا، ولكن إذا كان استنساخ عنفوان مقطوعة غوستاف ماهلر "سمفونية الألف" ونطاقها الديناميكي لا يتحقق إلا من خلال أنظمة صوتية متطورة، فلِمَ يؤدي انبعاث المقطوعة نفسها من مكبرات صوتية متواضعة داخل مكتبة أو من سماعات جيدة إلى إثارة القشعريرة وتأجيج المشاعر؟

يقول فيليب أوهانلون، الخبير المخضرم في هذا القطاع، والذي توزع شركته On a Higher Note العديد من الأجهزة الصوتية لعلامات تجارية رائدة: "إن روح الموسيقا تكمن في الترددات متوسطة المدى، إذ فيها تسكن العاطفة والشغف وبهجة الحياة".

ولذلك تتعلق مهمة إعادة إنتاج هذه الترددات بالإحساس أكثر منها بالقوة التكنولوجية العمياء. لنأخذ على سبيل المثال مكبر الصوت Quad 57 الذي يعتمد على قوة الشحنات الكهربائية الساكنة، والذي ابتكره بيتر والكر وطُرح في الأسواق في عام 1957.

لم يكن هذا المكبر يقبل تشغيل الترددات المتطرفة، كما لم يكن قادرًا على تضخيم الصوت. كما أنه كان مكبرًا صوتيًا واحدًا، إذ لم تكن تقنية المسجل الصوتي Stereo حقيقة تجارية وقتها.

ومع ذلك، كان هذا المكبر يستنسخ الأنغام بواقعية أكبر مقارنة بأي مكبر صوتي صُنع قبله (وبكثير من المكبرات التي صُنعت بعده) لأنه تفوق في إنتاج الترددات متوسط المدى، التي تراوح بين 200 هرتز و4000 هرتز، مثل ترددات الغيتار والمزمار والبيانو. استطاع ذلك المكبّر أيضًا استنساخ الصوت البشري، الذي تكون تردداته الأساسية جد منخفضة، بدقة مبهرة تعطي انطباعًا بأن المغني معك في الغرفة.

اليوم ثمة مكبرات صوتية عدة قادرة على بلوغ ما يسميه أوهانلون "سحر الترددات متوسطة المدى". ويمكن اقتناء هذه المكبرات من أماكن مختلفة في العالم، وكلها تحقق الهدف المنشود باستخدام أساليب متنوعة.

فالشركات الأمريكية مثل "ساوند لاب" Sound Lab و"فولتي" Volti و"ماغنيبان" Magnepan تستخدم مشغلات كثيرة الأبواق تعمل بقوة الشحنات الكهربائية الساكنة ومحوّلات للطاقة مستطيلة الشكل، فيما تؤثر شركات "سونوس فايبر" Sonus Faber الإيطالية، و"فوكال" Focal الفرنسية، و"إم بي إل" MBL الألمانية، و"تاد" TAD اليابانية مشغّلات مخروطية تقليدية أو متعددة الاتجاهات أو متحدة المركز.

ويتمتع المصممون البريطانيون على وجه الخصوص بسمعة طيبة عندما يتعلق الأمر باستنساخ الترددات متوسطة المدى. فأوهانلون، المعروف بتجميع قوائم أغانِ شهيرة وعروض أنظمة صوتية باهرة، يعشق على نحو خاص المكبرات الصوتية التي تصنعها شركة "غراهام أوديو" Graham Audio، والتي تتيح المحاكاة الواقعية لأنغام الموسيقا عبر نطاق متكامل من الترددات.

يصف أوهانلون هذه الخاصية بالميزة الصوتية البريطانية، ويقول: "نتائج المحاكاة واقعيةٌ على نحو خارق، إذ تتلاشى مكبرات الصوت وتبقى الموسيقا فحسب طافية في الهواء".