سجلت دار كريستيز في 9 يوليو 2025 لحظة تاريخية في مزادها بلندن، بعد بيع نسخة نادرة من كتاب Dialogo in perpuosito de la stella nuova (حوار حول النجم الجديد) الذي يُنسب إلى غاليليو غاليلي وتلميذه جيرولامو سبينيلي مقابل 1.45 مليون دولار أمريكي، متجاوزة التقديرات الأولية التي راوحت بين 650 ألف دولار و900 ألف دولار أمريكي.

صدر هذا العمل عام 1605 بتوقيع مستعار حمل اسم تشيكو دي رونكيتي Cecco di Ronchitti، وهو اسم اخترعه غاليليو وتلميذه سبينيلي لإخفاء هويتهما الحقيقية، وتجنّبًا لأي مواجهة مباشرة مع التيار الأرسطي السائد في الأوساط الفلسفية آنذاك. 

ويُعد النص أول ظهور مطبوع لغاليليو، الذي يُعرف اليوم بلقب "أب العلم الحديث"، وقد جاء في صيغة ردّ ساخر على أطروحة الفيلسوف الأرسطي سيزارا كرمونيني، الذي زعم أن المستعر الأعظم الذي أضاء السماء عام 1604، والمعروف حاليًا بمستعر كبلر Kepler’s Supernova، ليس إلا ظاهرة أرضية لا علاقة لها بالفلك.

نسخة نادرة تُعيد غاليليو إلى الواجهة

عبر حوار شعبي طريف بين فلاحين من بادوفا، استخدم غاليليو وفريقه لغة محكية بسيطة لانتقاد خصومه، متجنّبين المواجهة المباشرة. هذا العمل لم يكن مجرد نقد عابر، بل كان خطوة مبكرة جريئة ساعدت في الفصل بين الفلسفة التقليدية ومفاهيم السماء، ومهّدت الطريق لاحقًا لثورة كوبرنيكوس وأبحاث غاليليو في الفلك والفيزياء.

كريستيز تبيع أول أعمال غاليليو غاليلي المطبوعة مقابل 1.45 مليون دولار أمريكي

Christie's

تُعَدّ هذه النسخة واحدة من بين 11 نسخة معروفة حول العالم، بينها ثمانٍ محفوظة في إيطاليا، ونسختان في أكسفورد وكامبريدج بالمملكة المتحدة، وواحدة في مكتبة برلين الحكومية. أما النسخة المبيعة، فتتميّز بسجل اقتناء استثنائي يضم شخصيات بارزة، مثل غولييلمو ليبري الذي جمع بين صفة المثقف واتهامات السرقة، وجياكومو ماريا مانزوني السياسي والباحث الإيطالي البارز في القرن التاسع عشر.

وفي دراسة حديثة صدرت عام 2024، يؤكد البروفيسور أليساندرو دي أنجيليس أن هذا العمل كُتب بالمشاركة بين غاليليو وسبينيلي، معززًا بذلك ما ذهب إليه باحثون عديدون منذ ضم النص إلى الطبعة الوطنية لأعمال غاليليو عام 1891.

ولا شكّ أن هذا الإنجاز في مزادات الكتب النادرة يسلّط الضوء مجددًا على المكانة المتجددة لغاليليو في ذاكرة عشّاق التاريخ والعلم، إذ يواصل إرثه إلهام الأجيال وإضاءة ساحات المزادات في القرن الحادي والعشرين، تمامًا كما أضاء سماء بادوفا قبل أكثر من أربعة قرون.