من مدينة غير مفضّلة على خارطة السياحة، إلى واحدة من أبرز مواقع التصوير السينمائي في هوليوود. هذه هي كليفلاند، المدينة الواقعة على الضفة الجنوبية لبحيرة إيري، والتي أعادت تقديم نفسها من جديد.
خلال السنوات الماضية. ظهرت كليفلاند في مشاهد من أفلام شهيرة مثل Spider-Man 3 وThe Avengers وCaptain America: The Winter Soldier، لتثبت قدرتها على محاكاة مدن أخرى ببراعة وجاذبية بصرية.
لكن هذه المرة، لم تؤدِ دور مدينة أخرى، بل تقمّصت شخصية متروبوليس نفسها، المدينة الخيالية التي ارتبطت دومًا ببطلها الأيقوني سوبرمان.
وفي لمسة وفاء لمكان نشأته الأولى، قرر المخرج جيمس عن تحويل كليفلاند إلى موطن "الرجل الفولاذي" في فيلمه الجديد، الذي طُرح في الصالات يوم 11 يوليو، من بطولة ديفيد كورينسويت، ورايتشل بروزناهان، ونيكولاس هولت.
وفيما يأتي نستعرض أبرز المواقع الحقيقية في كليفلاند التي تحوّلت إلى محطات في مسيرة البطل الخارق على الشاشة.
ذا ليدر بيلدينغ.. قلب الصحافة في عالم سوبرمان
شُيّد مبنى "ذا ليدر بيلدينغ" The Leader Building عام 1913 بتصميم مستوحى من طراز "بوز-آرت" الفرنسي، وهو من الأساليب المعمارية التي تُجسّد الفخامة الكلاسيكية عبر الزخارف الدقيقة والأعمدة الضخمة.
اختاره المخرج جيمس غن ليُجسّد مبنى صحيفة ديلي بلانِت الشهيرة، التي يعمل بها كلارك كِنت (الهوية المدنية لسوبرمان) ولويس لين. ولم يكن هذا الخيار مجرد حيلة إنتاجية، بل يحمل دلالة تاريخية: فالمبنى نفسه كان في الماضي مقرًا لصحيفتي Cleveland News وThe Cleveland Leader، ما يضفي على المشهد عمقًا واقعيًا يُعزز من رمزية الصحافة في عالم سوبرمان.
Tallonator/Commons Wikimedia/CC0
ذا أركيد.. الهوية البصرية لمتروبوليس
يُعد "ذا أركيد" The Arcade من أروع المعالم المعمارية في كليفلاند، وواحدًا من أقدم مراكز التسوّق المغلقة في الولايات المتحدة. افتُتح عام 1890 بتكلفة ضخمة بلغت نحو 900 ألف دولار، وجاء تصميمه مستلهمًا روح "غاليري فيتوريو إيمانويل" Galleria Vittorio Emanuele II الشهير في ميلانو.
يتكوّن المجمع من مبنيين إداريين بواجهة رومانية من الحجر البني، يتوسطهما رواق داخلي مغطى بسقف زجاجي مقوّس بطول 300 قدم.
ظهر "ذا أركيد" في فيلم سوبرمان على أنه أحد المواقع المركزية التي ساهمت في ترسيخ الهوية البصرية لمدينة متروبوليس، بفضل طابعه التاريخي وتصميمه المعماري المميز، إذ أضفى وجوده في الفيلم عمقًا واقعيًا.
إدراج المجمع ضمن السجل الوطني للأماكن التاريخية منذ عام 1975 يعزّز مكانته بوصفه واحدًا من أبرز المعالم المعمارية في كليفلاند، وشاهدًا حيًا على إرث عمراني ممتد لأكثر من قرن.
Hyatt Regency Cleveland at The Arcade
ملعب بروغريسيف.. انفجار وسط المدرّجات
على أرض ملعب بروغريسيف Progressive Field، موطن فريق كليفلاند غارديانز للبيسبول، تحتدم واحدة من لحظات الفيلم الأشد إثارة. يتحوّل الاستاد، الذي يتّسع لنحو 34,820 مشاهدًا، إلى ساحة مواجهة عاصفة، حين يتعرض سوبرمان لهجوم مباغت وسط الجماهير وأجواء المباراة الحماسية.
وفيما تتطاير الشظايا وتعلو ألسنة اللهب، يُختبر بطل كريبتون في قدرته على مجاراة الخطر، ومنع خصومه من تحقيق ضربة "هوم رن" في مشهد يمزج بين الواقعية الرياضية والإثارة السينمائية.
Cleveland Guardians
مبنى كليفلاند.. مقر بلدية متروبوليس
في مشهد رمزي يجسّد صراع السلطة في قلب متروبوليس، يظهر مبنى بلدية كليفلاند الحقيقي بدور قاعة بلدية المدينة الخيالية، إذ يُقتاد سوبرمان عبر الشارع أمام الواجهة الكلاسيكية للمبنى.
يعود تاريخ هذا المعلم المعماري العريق إلى عام 1916، وقد صمّمه المعماري جي. ميلتون داير، الذي اشتهر بذوقه المزخرف وتفاصيله البنيوية المتقنة، وسبق له أن ترك بصمته في معالم بارزة مثل نادي كليفلاند الرياضي ومحطة خفر السواحل في جزيرة ويسكي. هذا الاختيار يُضفي على الفيلم طابعًا واقعيًا ويُعيد إحياء الإرث المعماري للمدينة.
Wiki Commons
جسر ديترويت-سوبيرير.. خلفية لانهيار درامي
مشهد الانهيار الدرامي، الذي يشهد تدمير أحد الأبراج الشاهقة في مدينة متروبوليس، يأخذ طابعًا أكثر تأثيرًا مع خلفية جسر ديترويت-سوبيرير Detroit–Superior Bridge، أحد أبرز المعالم المعلّقة في كليفلاند.
شُيّد الجسر عام 1917، ويمتد بقوس يبلغ ارتفاعه 96 قدمًا فوق نهر كاياهوغا، غرب ساحة بابليك سكوير. اختار المخرج جيمس غن هذا الجسر تحديدًا لإضفاء طابع بصري صاخب على لحظة الانهيار، مستفيدًا من جماليته المعمارية وموقعه الرمزي داخل المدينة، ما جعله عنصرًا سرديًا قويًا في بناء عالم متروبوليس الجديد.
Wil Lindsey for ThisIsCleveland.com
برج تيرمينال.. سيّد الأفق
يُطلّ برج تيرمينال تاور Terminal Tower شامخًا في مشاهد الأفق بمدينة متروبوليس السينمائية، تمامًا كما يهيمن على أفق كليفلاند الواقعي. بارتفاعه الذي يصل إلى 52 طابقًا، يُعد هذا الصرح ثاني أطول مبنى في المدينة، ويمثّل نقطة ارتكاز معمارية في قلب ساحة بابليك سكوير.
في الفيلم، يُستخدم البرج لتكوين صورة بانورامية للعاصمة المتخيلة؛ بينما في الواقع، يمكن للزوار صعود منصته العلوية للحصول على إطلالة خلابة تحاكي منظور سوبرمان نفسه.
Aerial Agents
مقر شيروين-ويليامز.. خلفية لمشهد إنقاذ
في مشهد إنقاذ حابس للأنفاس، يظهر مقر شركة شيروين-ويليامز Sherwin-Williams العملاق. المبنى الذي يبلغ ارتفاعه 616 قدمًا يُعد من أبرز معالم وسط مدينة كليفلاند، ويضفي بوجوده خلفية حضرية معبّرة تعكس صخب المدينة.
وفيما تأتي لحظة الخطر، يهبّ سوبرمان لإنقاذ فتاة صغيرة من كارثة وشيكة، في لقطة تختزل روح البطولة، ما يجعل من المشهد أحد لقطات الفيلم الأكثر تأثيرًا على مستوى البناء الدرامي والرمزي.
Geowizical/CC BY-SA 4.0
منازل مبتكري سوبرمان.. حيث وُلد الخيال
في المنزل رقم 10622 بشارع كيمبرلي، وُلدت واحدة من أشهر الشخصيات الخيالية في القرن العشرين. هنا، عام 1932، كان يقطن الشاب جيري سيغل البالغ من العمر 18 عامًا، عندما ابتكر فكرة سوبرمان التي ستُحدث ثورة في عالم القصص المصوّرة.
Wil Lindsey
أما الرسّام جو شوستر الذي تولّى تجسيد الشخصية رسوميًا، فكان يقيم على مقربة، في مبنى سكني لم يصمد للزمن. ورغم اختفاء البناء، فإن الموقع لم يُترك للنسيان، إذ أُحيط بسياج عُلّقت عليه لوحات معدنية، مستعرضة الغلاف والصفحات الثلاث عشرة الأولى من العدد الأول لسلسلة أكشن كوميكس Action Comics، الذي صدر في 18 أبريل عام 1938، إيذانًا بانطلاق "رجل الفولاذ".