في واحدة من أكثر اللحظات دراماتيكية وإثارة للجدل في تاريخ الفورمولا 1 الحديث، أعلن ريد بُل ريسينغ، الفريق الأسطوري الذي غيّر وجه السباقات، عن إقالة كريستيان هورنر من منصبه، وهو الرئيس التنفيذي ومدير الفريق، بعد مسيرة امتدت لما يقارب عقدين من الزمن حافلة بالإنجازات، حصد خلالها الفريق 8 ألقاب في بطولة العالم للسائقين و6 ألقاب في بطولات الصانعين وخلق أسطورة سباقات حديثة اسمها ريد بُل.

هذه الخطوة المفاجئة، التي وصفتها وسائل الإعلام العالمية بأنها "زلزال في عالم الفورمولا 1"، تُنهي فصلاً طويلاً من القيادة لرجل أصبح رمزًا للفريق، ليس من خلال حضوره القوي على الحلبة وفي غرف الاجتماعات فحسب، بل أيضًا عبر الشاشة الصغيرة بعد أن عرفه الملايين من خلال سلسلة Drive to Survive من نتفليكس، بوصفه الواجهة الجريئة والمثيرة للجدل أحيانًا لفريق ريد بُل، وزوجًا للمغنية الشهيرة جيري هاليويل، المعروفة باسم جينجر سبايس من فرقة سبايس غيرلز.

وجاء في البيان الرسمي للفريق: "قامت مجموعة ريد بُل بإعفاء كريستيان هورنر من مسؤولياته التشغيلية، اعتبارًا من الأربعاء 9 يوليو 2025". البيان أضاف أنه جرى تعيين لوران ميكيس، المدير السابق لفريق ريسينغ بُلز الشقيق ليخلف هورنر في قيادة المرحلة المقبلة.

وفيما تباينت ردود الفعل داخل الحلبة وخارجها، لم يتأخر ماكس فيرستابين، سائق ريد بُل الأبرز المتوَّج بلقب بطولة العالم أربع مرات، عن التعبير عن امتنانه لهورنر، رغم التوترات التي شابت علاقتهما في بعض الأحيان، وقال خلال منشور عبر منصة إكس: "حققنا معًا نجاحات مبهرة، وحطمنا عددًا لا يُحصى من الأرقام القياسية، منذ أول فوز لي في السباقات، حتى تحقيق أربعة ألقاب عالمية. 

حققنا انتصارات لا تُنسى، شكرًا لك على كل شيء، كريستيان!" وقال أوليفر مينتزلاف، المدير الإداري لمجموعة ريد بُل: "نود أن نشكر كريستيان هورنر على عمله الاستثنائي على مدار الأعوام العشرين الماضية. بفضل التزامه وخبرته ومهاراته القيادية، ساهم في ترسيخ مكانة ريد بُل ليصبح أحد أنجح الفرق وأكثرها جاذبية في تاريخ الفورمولا 1".

وفي صباح اليوم التالي لقرار الإقالة، وجّه هورنر كلمة للموظفين في مقر الفريق بمدينة ميلتون كينز، وصفها المذيع في سكاي سبورتس، ديفيد كروفت، بأنها كانت "مفعمة بالمشاعر".

قال مارتن براندل، المعلّق في سكاي سبورتس:"أشعر بحزن كبير، لأنني أعد كريستيان صديقًا، وقد قدّم عملاً مذهلاً على مدار عشرين عامًا، وحقق عددًا هائلاً من الانتصارات وبطولات العالم، سواء للسائقين أو للفريق". وأضاف: "لكن لم يكن من الصعب ملاحظة أو سماع أن الأجواء في كواليس الفورمولا 1 لم تكن وردية أخيرًا".

قرار الإقالة يأتي بعد عام مثير للجدل، إذ خضع هورنر في عام 2024 لتحقيق، ولكن انتهى بتبرئته، وبدا حينها أنه سيواصل قيادة أحد أنجح فرق الفورمولا 1 لسنوات قادمة. 

كما شهد فريق ريد بُل موجة من هجرة العقول التي يُعتقد أنها أثرت على أدائه، بدأت برحيل أدريان نيوي، أحد أبرز مصممي السيارات في تاريخ الرياضة، متوجهًا إلى فريق أستون مارتن، وتبعها مغادرة جوناثان ويتلي، المدير الرياضي، الذي انتقل ليشغل منصب مدير الفريق في ساوبر، الفريق الذي سيحمل اسم أودي في الموسم المقبل والذي يُسجّل بالفعل تحسّنًا لافتًا هذا العام.

يُشار إلى أن عقد هورنر كان ممتدًا حتى عام 2030، ما يعني أن إنهاءه قبل الأوان قد يترتب عليه دفع مبلغ تسوية ضخم، يُعتقد أنه يصل إلى 66 مليون دولار، وهي قيمة تشمل السنوات الخمس ونصف السنة المتبقية من العقد، إلى جانب مكافآت مرتبطة بالنتائج والمكانة الإدارية، بحسب صحيفة تليغراف البريطانية.

وبسبب التغييرات الأخيرة التي طالت قيادة فريق ريد بول، تكاثرت التساؤلات حول مستقبل نجم الفريق ماكس فيرستابن، إذ أعرب توتو وولف، مدير فريق مرسيدس، في الأسابيع الأخيرة، ، عن رغبته في استقطاب ماكس فيرستابن ليقود لصالح مرسيدس في الموسم المقبل إلى جانب جورج راسل.

وفي حين بدأ الفريق الموسم مع السائق ليام لوسون إلى جانب فيرستابن، سرعان ما جرى استبعاده بعد سباقين فقط، ليحلّ محله يوكي تسونودا، الذي لم يتمكّن هو الآخر من تحقيق نتائج مرضية، ما أدى إلى تصاعد الانتقادات الموجهة إلى هورنر وطريقة إدارته.

وعلى صعيد الأداء، يحتل ماكس فيرستابن حاليًا المركز الثالث في ترتيب بطولة السائقين، ولا تزال سيارته تُظهر أداءً تنافسيًا هذا الموسم رغم الأجواء القاتمة التي تحيط بالفريق. ومع ذلك، يتأخر فيرستابن بفارق 69 نقطة عن المتصدر أوسكار بياستري. 

ومع تبقّي 12 سباقًا فقط، لا يُتوقع أن ينافس على اللقب، إلا إذا شهد فريق ماكلارين انهيارًا كاملاً في الأداء خلال النصف الثاني من الموسم.