يظل امتلاك منزل فاخر يحقق أقصى درجات الرفاهية هدفًا لكثيرين ممن يثمّنون الرقي ويتمتلكون ذائقة رفيعة. وكلما زاد صخب الحياة وتعقيدها احتاج الإنسان لسكن يوفر له تلك الراحة المنشودة بين هذا الزحام، وكلما تلوثت الحياة من حولنا احتجنا إلى التقاط الأنفاس في مستقر ينأى بنا عن التغيرات الضارة في محيطنا.

والحقيقة أن المتخصصين والخبراء أدلوا بدلوهم في هذا الإطار، مقدمين حلولاً مختلفة للتعامل مع ظروف غيرت الطبيعة من حولنا. إنها حلول تراعي مشكلات توفير الطاقة النظيفة ببدائل مستدامة تعمل على خفض انبعاثات الكربون، وتتصدى لمشكلات التغير المناخي والاحتباس الحراري.

ولذلك لم تعد مواصفات المنازل الفاخرة تعني التصميم الأنيق والديكورات الرائعة فحسب، بقدر ما أصبحت تضم ميزات أكثر وعيًا بالبيئة، أثرت بدورها على تصاميم المنازل وديكورات المساحات الداخلية.

ولكن هذه الحلول للمنازل المستدامة غالبًا ما تأتي بأسعار باهظة، ولذلك من المنطقي أن تبدأ التحديثات في هذا الإطار على يد أصحاب العقارات الفاخرة، الذين يمكنهم تمهيد الطريق لأسلوب حياة صديق للبيئة. ويبدو أن هذه الخطوات قد بدأت في ظل تقديم المهندسين والمطورين العقاريين أفكارًا مميزة لإنشاء منازل صديقة للبيئة، دون المساومة على عناصر الفخامة.

المواد المستدامة

حسب الخبراء فإن الفخامة في صورتها الصديقة للبيئة تبدأ من اختيار مواد البناء المستدامة، مع وضع شرط مهم في هذا الإطار، يتمثل في أن تكون تلك المواد من مصادر محلية، وذلك لخفض آثار البصمة الكربونية إلى أقل الحدود الممكنة، بتقليل الانبعاثات الناتجة عن عمليات الشحن والنقل إلى حدودها الدنيا. فكلما نجحنا في ذلك قطعنا شوطًا جيدًا في سبيل تحقيق ذلك الهدف النبيل.

وتبدأ الأهداف في التحقق تباعًا باختيار مواد البناء الأكثر استدامة، وهنا ستبتعد الخيارات عن المتعارف عليه من مواد البناء المصنعة لتتجه إلى المواد غير المصنعة، مثل استخدام الحجر والخشب بدلاً من الطوب، والطين بدلاً من الأسمنت، مع استخدام المواد القابلة لإعادة التدوير بالكامل، ما يعني أيضًا التقليل أو الحد بشكل تام من وجود نفايات أو مواد ملوثة للبيئة خلال مسار البناء أو حتى بعد اكتمال العمر الافتراضي للبناية.

التدفئة الجوفية

استطاع العلماء أيضًا الاستفادة من الطبيعة في هذا الإطار، من خلال تسخير قوة الطبيعة لتلبية احتياجاتنا للطاقة الداخلية في المنازل الفاخرة، إذ أصبحت المضخات الحرارية الأرضية شائعة بشكل متزايد لتوفير الحرارة لمنازل لا تساوم على الرفاهية.

وبعد التوجه إلى الطاقة والسخانات الشمسية، فكر العلماء في استخلاص الحرارة من أعماق الأرض، وقد عملوا على تحقيق ذلك باستخدام أنابيب تُعرف باسم الحلقات، وهي أنابيب تحتوي على محلول يمتص الدفء من جوف الأرض ويوصله إلى مضخة خاصة تقوم بتوزيعه، ما يعني استخدام التدفئة الجوفية لتوزيعها على المنزل.

والفكرة تعتمد على حقيقة أن درجات الحرارة تحت الطبقة الأرضية العليا تظل ثابتة طوال العام، ومن ثم فإنه يمكن استغلالها لتحقيق مفهوم التدفئة وتكييف درجة حرارة المنزل بشكل فعال مهما كان الموسم، ما يعني الحد من استخدام الطاقات الملوثة، والتقليل من انبعاثات الكربون بشكل مثالي.

الإضاءة المثالية

تعد الإضاءة المثالية أحد الأركان الرئيسة لفخامة أي منزل فاخر، لما لها من تأثير كبير على الأجواء الداخلية والخارجية. وفي حين ينظر للإضاءة الخافتة على أنها قد توحي بأحاسيس متذبذبة بين الفخامة ونقيضها، أصبح يُنظر إلى المصابيح ذات الصمامات الثنائية الباعثة للضوء LED على أنها الحل الأمثل عندما يتعلق الأمر بالحصول على منزل مضاء بشكل رائع، مع الحفاظ على التأثير البيئي في حدوده الدنيا. فقد شهدت تقنية LED تطورات كبيرة، جعلت المصابيح أكثر كفاءة في توفير استخدام الطاقة، مع إمكانية التحكم في شدة السطوع ودرجته، بل لون الضوء المنبعث منها.

كما أصبح من الممكن دمج هذه المصابيح بأحدث تطبيقات المنزل الذكي، للتحكم فيها عن بُعد وتخصيصها بشكل كامل حسب الحاجة والرغبة لاستحداث الأجواء المثالية في الوقت المناسب.

الرفاه المستدام..منازل فاخرة وصديقة للبيئة

التكنولوجيا الذكية

التكنولوجيا الذكية ومفهوم إنترنت الأشياء أحدثا ثورة حقيقية في عالم تأسيس المنازل الخضراء الأكثر فخامة. بل إن هذه المفاهيم الجاذبة لأصحاب مثل هذه المنازل تشهد تحديثات مستمرة في ظل تطور التقنيات، ما يجعل التحكم في التدفئة والتبريد والإضاءة والوظائف الأخرى أسهل من خلال بضع نقرات على تطبيق المنزل الذكي أو من خلال هاتفك.

وحسب الخبراء فإن الفوائد تتجاوز مجرد تحسين نمط الحياة، لأن أنظمة المنزل الذكي المتصلة بشبكة الواي فاي مصممة أيضًا للمساعدة في جعل منزلك أكثر كفاءة في الحد من استخدام الطاقة. فالأنظمة الذكية الأكثر حداثة قادرة على التعلم بسرعة من أنماطك اليومية، ما يتيح لها أن تنشئ جداول مخصصة بالكامل لتناسب احتياجاتك.

ويشمل طلك مثلاً إيقاف نظام التدفئة أو التبريد والإضاءة عندما  تغادر غرفة أو تخرج للعمل، أو التأكد من إعداد كل شيء حسب رغبتك عند عودتك، الأمر الذي يضمن توفير الطاقة بموازاة الحفاظ على نمط الحياة المريح الذي تفضله.

الجدران الخضراء

أصبحت الأسطح والجدران الخضراء للمنازل الفاخرة اتجاهًا مزدهرًا مرة أخرى. وكما هو معروف فقد ظهر هذا التوجه خلال بعض الحقب التاريخية في عدد من الدول، ولكنه عاد اليوم بشكل أكثر إلحاحًا تحت ضغوط التغيرات البيئية التي يشهدها العالم، ليبث الحياة في المنازل الفاخرة وخاصة بالمدن الكبرى التي تعاني الاختناقات والتكدسات الكبيرة، وذلك في محاولة لدعم البيئة والمساعدة على تنقية الهواء الملوث من حولنا.

على أن لهذه الجدران أيضًا بعدًا هندسيًا جماليًا. فالخبراء يؤكدون أن هذا الكساء النباتي للمنازل يدعم بنية بعض نوعيات المباني، حيث تمتص النباتات جريان مياه الأمطار على سبيل المثال، ومن ثم تطيل عمر الحوائط والهياكل الداعمة للأسقف، ما يعني مظهر مشرقًا وعمرًا أطول للبناء.