في قلب حيّ جورجتاون العريق في واشنطن العاصمة، يُطرح واحدٌ من العقارات الأكثر رمزيةً في الولايات المتحدة للبيع مقابل 7.5 مليون دولار. إنه منزل ويليام ماربوري The Marbury House، أو كما يُعرف في الذاكرة الأمريكية باسم "منزل آل كينيدي"، إذ احتضن بين جدرانه فصولاً من الحكاية الرئاسية التي صاغت ملامح العصر الذهبي المعروف بـعصر كاميلوت.

شُيّد العقار عام 1811 على مساحة تبلغ 5215 قدمًا مربعة في العنوان المرموق 3307 شارع N شمال غرب واشنطن العاصمة، ويجسّد بتصميمه الرصين وإرثه العريق تزاوجًا نادرًا بين فخامة الطراز الفيدرالي في العمارة الأمريكية وسحر الحضور التاريخي الممتد من حقبة الجمهورية الأولى حتى زمن آل كينيدي. 

بُني المنزل بتكليفٍ من ويليام ماربوري، أحد أبرز رجال المال والسياسة في جورجتاون ومن كبار أنصار التيار الفيدرالي، والشخصية المحورية في القضية الشهيرة ماربوري ضد ماديسون Marbury v. Madison التي أرست مبدأ المراجعة القضائية في الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الحين، غدا هذا المسكن رمزًا لتلاقي السلطة والذوق الرفيع والتاريخ الدستوري الأمريكي. 

تتّسم واجهة المنزل بطابعٍ كلاسيكي من الطوب الأحمر المائل إلى الوردي، يزيّنه انتظام النوافذ ذات الإطارات الخشبية والستائر الخضراء الداكنة. أما المدخل الرئيس، فيتوسّطه قوسٌ أنيق تعلوه نافذة مروحية وإفريز متقن، في مشهدٍ يفيض بالأناقة الهادئة والبساطة المتزنة التي تُميّز الطراز الفيدرالي، حيث الجمال يكمن في التناسق لا الزخرفة.

منزل آل كينيدي التاريخي في واشنطن يُعرض للبيع مقابل 7.5 مليون دولار

TTR Sotheby's International Realty

في الداخل، يستقبل الزائر دهليز رحب وسلالم متقنة الصنع تقود إلى صالون مزدوج المساحة للمحادثة والموسيقى، تعلوه أسقف مرتفعة ونوافذ واسعة. ويضمّ الطابق الأرضي غرفة طعام فاخرة تُطلّ على حديقة غنّاء، فيما تحتوي الطوابق العليا على خمس غرف نوم وعدد من الحمّامات الكاملة، ومكتبة مكسوّة بالأخشاب، إضافة إلى سطح علوي مشرق. أما الطابق السفلي، فخُصّص للطاقم الخدمي بمدخلٍ منفصلٍ يضمن الخصوصية الكاملة، مع مرآبٍ داخلي وموقفين خارجيين.

يمثل امتلاك ويليام ماربوري لهذا المنزل شهادة على مكانته في بدايات الجمهورية الأمريكية، حين كان أحد المقربين من الرئيس جون آدامز ومساهمًا في رسم ملامح الحياة السياسية والمالية للعاصمة الجديدة. وقد تحوّل المنزل في تلك الفترة إلى ملتقى لأصحاب القرار والنفوذ، وهو يجمع بين الأناقة والهيبة في مشهدٍ يُجسّد روح واشنطن المبكرة.

بعد أكثر من قرن، كتب المنزل فصلاً جديدًا في التاريخ الأمريكي حين اتخذه السيناتور جون إف. كينيدي وزوجته جاكلين بوفـييه كينيدي مقرًّا لإقامتهما في أواخر عام 1957، ليكون منزلاً يمتلكانه في واشنطن، وشاهدًا على بدايات حياةٍ عائليةٍ واعدة وطموحاتٍ سياسيةٍ متصاعدة. 

في تلك الفترة، وُلدت ابنتهما كارولاين ثم جون إف. كينيدي الابن عام 1960، فيما كانت جاكلين تُعيد تصميم الديكور الداخلي بذوقها الرفيع، محوّلة الصالون المزدوج إلى فضاءٍ أنيقٍ دافئٍ استضاف لقاءاتٍ اجتماعية وسياسية ساهمت في تعزيز مسيرة زوجها نحو البيت الأبيض، وفق ما ذكرت سوذبيز إنترناشونال ريالتي.

منزل آل كينيدي التاريخي في واشنطن يُعرض للبيع مقابل 7.5 مليون دولار

TTR Sotheby's International Realty

خلال حملة 1960 الانتخابية وفترة الانتقال إلى الحكم، غدا المنزل مركزًا غير رسمي لإدارة الحملة، فكانت القرارات الوزارية تُتَّخذ في غرفه الأمامية، فيما يقف كينيدي صباحًا على شرفته ليُلقي بياناته أمام حشود الصحافة المحتشدة عند الرصيف المرصوف بالطوب. 

وفي 20 يناير 1961، غادر الزوجان باب المنزل متوجهين إلى مراسم التنصيب، في لحظة خالدة رسّخت صورة هذا المنزل في الذاكرة الأمريكية. وبعد فترة قصيرة عاد العقار إلى الملكية الخاصة مع الحفاظ على جوهر طابعه التاريخي الأصيل.

واليوم، بعد أكثر من قرنين على تشييده، يُطرح منزل ويليام ماربوري للبيع ليقدّم للمشترين الأكثر تميّزًا تجربةً سكنيةً نادرة تجمع بين سلامة التصميم المعماري، وجودة المواد الأصيلة، والحدائق الرحبة، وموقعٍ استثنائيٍ في قلب جورجتاون. ويتولى تسويقه مايكل رانكن من TTR Sotheby’s International Realty.

يُضاف هذا العقار الأيقوني إلى سلسلة المنازل الرئاسية السابقة التي دخلت السوق العقارية أخيرًا، من بينها منزل طفولة الرئيس غروفر كليفلاند في نيويورك المعروض مقابل 1.5 مليون دولار. وأفاد الملاك الحاليون حينها بأنهم يأملون في تحويل العقار إلى متحف أو مؤسسة غير ربحية قبل أن يُسحب من السوق بعد بضعة أشهر.

وفي الشهر نفسه، طُرح المنزل الإنجليزي الذي أقام فيه الرئيس هربرت هوفر في منطقة سري قبل سنوات من انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة للبيع مقابل 2.6 مليون دولار. وفي شهر سبتمبر، طُرح للبيع عقار يمتد على مساحة 12 فدانًا في وادي هدسون بولاية نيويورك، وكان في السابق ملاذًا للصيد المفضل لدى الرئيس فرانكلين د. روزفلت، وذلك مقابل 1.5 مليون دولار.