أعلنت شركة آبل عام 2014 عن تقديمها لنظام ترفيهي للسيارات تحت مسمى Apple CarPlay من أجل الربط بين جوالات آيفون وسيارات مالكيها حتى يتمكنوا من تشغيل المقاطع الموسيقية ومتابعة هواتفهم عبر السيارة دون الحاجة للتوقف أو الإمساك بالهاتف.

تهافتت شركات السيارات في ذلك الوقت على تقديم خدمات CarPlay داخل مركباتها من أجل الاستفادة من تفوّق آبل في عالم الهواتف المحمولة وحتى تجذب مالكي أجهزتها لاقتناء سياراتها طمعًا في التوافق الكبير بين السيارة والهاتف، وهو الأمر الذي أثبته استخدام أكثر من 98٪ من صانعي السيارات لأنظمة Apple CarPlay. ولكن لم يتخيل أحد في ذلك الوقت أن تحاول آبل توسيع نفوذها في عالم السيارات والسيطرة بشكل كامل على أي سيارة تدعم أنظمة CarPlay.

نقطة الصفر

تنفرد آبل بسطوة لا مثيل لها على عالم الهواتف المحمولة، ولا تتوقف هذه السطوة عند مبيعات الهواتف فحسب، بل إنها ترسم التوجهات حتى تتبعها الشركات الأخرى. لذلك دائمًا نرى آبل تخطو الخطوة الأولى قبل أن يتبعها الآخرون، ويعد إزالة مقبس الشاحن أو استخدام نتوء الشاشة بشكل مبتكر مثالاً حيًا على ذلك.

ولا يعود السبب وراء هذه السطوة إلى حس الابتكار الذي تعكسه الريادة في تقديم مواصفات قوية للجوالات أو حتى تصميم ثوري فريد من نوعه. بل إن قوة الشركة تكمن في التوافق غير المسبوق بين مختلف أجهزتها وخدماتها الرقمية، وهو الأمر الذي يجعل المستخدم مستقرًا داخل عالم آبل المتكامل.

ويبدو أن آبل تخطط لنقل هذا التوافق والسيطرة إلى المستوى الأعلى، وذلك عبر الاستيلاء على أنظمة السيارات الذكية المتاحة حاليًا من خلال التحديث المقبل لأنظمة Apple CarPlay. فتقنية النظام الجديد لن تقتصر على تشغيل المقاطع الموسيقية، بل ستمتد إلى مختلف الشاشات الداخلية في السيارة وأنظمة المعلومات واحتساب السرعة أو استهلاك الوقود وغيرها من المعلومات التي تُعرض عبر شاشات السيارة الذكية.

يستبدل نظام آبل للسيارات الأنظمة التي تقوم كل شركة بتطويرها لسياراتها، ويعمل على الدمج بين السيارة والهاتف حتى تتمكن المركبة من الاستفادة من مزايا الهاتف والعكس صحيح.

وبفضل هذا النظام الجديد، فإنك الآن تستطيع التوجه إلى أقرب محطة وقود عبر خرائط آبل المتصلة بشاشة سيارتك بكل سهولة ثم تدفع عبر هاتفك أو عبر نظام Apple CarPlay في السيارة.

وحتى يستطيع نظام Apple CarPlay الوصول إلى هذه المعلومات وعرضها، فإن هذا يعني قدرته على الاتصال مع حاسوب السيارة المركزي سواءً أكانت سيارة مجهزة بمحرك احتراق داخلي أم سيارة كهربائية، ما يضمن للنظام الوصول إلى مختلف المعلومات المتعلقة برحلتك عبر السيارة مثل متوسط السرعة واستهلاك الوقود وغير ذلك من البيانات المهمة.

هل تفرض آبل سيطرتها على عالم صنّاع السيارات؟

Apple

تهديد مباشر لمصالح الشركات

لم يعد اعتماد السيارات على التكنولوجيا الحديثة ينحصر بمسارات تصميمها فحسب أو باستخدام المحركات الكهربائية وغيرها من أنظمة الحركة، بل أصبح يمتد إلى أنظمة المعلومات والأنظمة الترفيهية داخل المركبات، وهو ما يعد أمرًا ضروريًا لكثير من المستخدمين، إذ تساعدهم هذه الأنظمة على التحكم في سياراتهم بشكل أفضل والوصول إلى مختلف المعلومات التي يرغبون فيها.

لذلك تهتم الشركات كثيرًا بتطوير هذه الأنظمة، كما أنها تجد فيها فرصة للتعاون مع بعض مطوري التطبيقات لتقديم ابتكاراتهم في السيارة.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تهدد آبل بالسيطرة على هذا القطاع تمامًا ومنع مُصنّعي السيارات من تطوير أنظمة حقيقية تتحكم في سياراتهم؟ فيما لا تمتلك آبل هذه السلطة قانونيًا، إلا أنها سلطة مستمدة من الجمهور التابع لها والذي يمتلك قوة شرائية ضخمة.

ستحتاج شركات السيارات الآن إلى التعاون مع آبل بشتى الطرق حتى تتمكن من استخدام سياراتها التي صنعتها. فرغم أن آبل ليست الشركة الصانعة للسيارة، إلا أن المستخدم سيهديها مفاتيح سيارته ونظامه راضيًا عن التوافق الكبير بين أنظمة آبل المختلفة.

وبينما تستطيع بعض الشركات مقاومة هذا الأسلوب من آبل، إلا أن البعض الآخر لن يكون قادرًا على ذلك، ويظل السؤال هنا، كيف ستتعامل آبل مع مُصنعي السيارات بعد سيطرتها على أنظمة سياراتهم؟ هل ستحتكر بيانات الرحلات والمستخدمين من أجل "حماية بيانات مستخدميها" كما يحدث في عالم التطبيقات؟ أم ستتيح لهم الوصول إلى هذه البيانات في مقابل تكلفة إضافية فوق تكلفة نظام Apple CarPlay؟