هل يمكن لتصميم داخلي أن يلطف من حدة الشعور

بالأسر العقيم الذي تفرضه فترات الانتظار المؤقتة في المطارات؟

كاثارين بولاي تختبر هذه الفرضية.

 

يُعزى السبب إلى المصممة البريطانية المرموقة كاثارين بولاي Katharine Pooley، التي تنهمك حاليًا في تنفيذ ثلاثين مشروعًا تصميميًا، في ابتكار المساحات الداخلية لمجموعة بارزة من الوحدات السكنية الخاصة والفنادق المتناثرة عبر أربع قارات. لكن مأثرة بولاي الأشد تميزًا تتمثل على الأرجح في مشروعين ينسى المسافرون من خلالهما أنهم في المطار. فمقاربتها الحسية الراقية قد أتاحت إعادة تشكيل المساحات الداخلية للجناح الملكي الخاص بالمحطة رقم 5 في مطار هيثرو اللندني، وصالة كبار الشخصيات من المسافرين على متن الطائرات الخاصة في مطار لندن ستانسيد. ابتكرت المصممة في الموقعين مساحات لا يمكن عدّها فسحات راقية فحسب، إذ إنها جعلتها أقرب إلى ملاذات تنأى بمريديها عن المشقة التي تفرضها التغييرات في الرحلات الجوية للقرن الحادي والعشرين. إضافة إلى عدد الضيوف المميزين الذين يعبرون المرفقين، تشكل الخصوصية في كليهما أولوية كما يشهد في كل منهما المدخل المستقل ومنطقة التدقيق في الجوازات المخصصين لهؤلاء الضيوف. اعتمدت بولاي في كلا الموقعين لوحة ألوان حسية طعَّمتها بتفاصيل معدنية ومؤثرات توحي بالنقاء، فأضفت على كل مساحة بصمتها التي تعكس فخامة غير متكلفة، وناغمت بصورة متبصرة بين مسحات تستلهم فخامة البيوت والطابع الأنيق المقيد. تشاركنا المصممة فيما يأتي أفكارها حول إضفاء لمسات الحداثة والراحة على مساحات كانت لتشكل لولا هذه اللمسات سجنًا للمسافرين.

 

في أي ساعة عادية، قد يوجد في الصالة نفسها جاستن بيبر وأحد أفراد العائلات الحاكمة

 

Katharine Pooley

 

الفضاء الهادئ

بالنظر إلى أن معظم الأشخاص يشعرون بالإرهاق أو الضجر في المطارات، أي مقاربة اعتمدتِ في تصميم الصالتين؟

لا بد من أن تتميز كل فسحة بجماليات تصميمية واضحة ومحددة. أما المفروشات، فانتقيت معظمها بنفسي انطلاقًا من الحرص على توفير عنصر الراحة. أمضيت وقتًا مطولاً في اختيار أقمشة مستدامة وناعمة تغري المسافر، المتعب من الترحال دومًا عبر أنحاء العالم، بالجلوس في المكان. ناغمت بين خامات من الكتان والمخمل والكشمير والجلود بتدرجات لونية هادئة، لكي أبتكر ملاذًا للهدوء والسكينة بعيدًا عن الصخب الذي تضج به أرجاء المطار الأخرى.

 

Katharine Pooley

 

هل واجهتكِ أي قيود في إطار تنفيذ المشروعين؟

نعم. فلدى العمل على ما يُعرف بالمساحات الجوية داخل أي مطار (أي المناطق التي تقع بعد مكاتب التدقيق في الجوازات والجمارك)، لا بد من أن نأخذ في الحسبان منذ البداية ضرورة احترام قوانين وقواعد عدة تتعلق بمثبطات الحرائق، والأمن، والاستدامة. أضف إلى ذلك أن المسافرين من كبار الشخصيات وأصحاب المقام الرفيع يحضرون في العادة مع أفراد حاشيتهم وعدد كبير من المرافقين الأمنيين. ولا بد لنا على سبيل المثال من الحرص على توفير عدد من الكراسي المتينة جدًا بجوار كل باب لأجل الحراس الشخصيين. كما ينبغي أن يكون ترتيب المساحات مرنًا إلى حد ما بموازاة الحفاظ على خصوصية كل مساحة وانعزالها التام بعضها عن بعض. ففي أي ساعة عادية، قد يوجد في الصالة نفسها جاستن بيبر وأحد أفراد العائلات الحاكمة. ومن الأفضل الفصل بينهما.

 

ما هي أوجه الاختلاف بين تصميم صالة للمسافرين وفندق ما؟

تفرض طبيعة الضيوف إضفاء طابع مترف أكثر منه تجاريًا على صالة المسافرين من كبار الشخصيات. فالتصميم هنا يستلهم منزلاً خاصًا أو ناديًا حصريًا تثريه قطع زينة بديعة، وزهور، ووسائد، وشموع معطرة.

 

Katharine Pooley 

 

ما هي المرافق التي كنتِ تتمنين استحداثها في الصالة؟

كان دمج بعض المرافق المخصصة للعناية الصحية والجمالية ليكون ماتعًا. فكثير من زبائننا يتوقعون أن يكون بمقدورهم الخضوع لجلسة تدليك، أو لجلسة عناية بالأظفار في أثناء فترات الانتظار. وقد استمتعت في الماضي بتصميم عدد من المجالس الخاصة في المنتجعات الصحية.

 

على أي أساس اخترتِ الألوان وقطع الأثاث؟

شعرت أنه من المهم جدًا الالتزام بلوحة الألوان البريطانية التقليدية التي تجمع بين الأزرق الملكي، ورمادي اليمام، وبعض ظلال اللون العاجي والتفاصيل المشغولة من الكريستال. كما أني حرصت على تأثيث المكان بغالبيته بابتكارات مصنعين وحرفيين بريطانيين لإبراز حسهم التصميمي المتفرد وجودة أعمالهم.

 

ما هو الطابع الذي سعيتِ إلى استحضاره في المكان؟

انطلقت من تجاربي السابقة كمسافرة زارت أنحاء مختلفة من العالم، فأردت ابتكار فضاء هادئ يمكن للضيوف أن يسترخوا في رحابه لبعض الوقت.

 

هل استخلصتِ أي عبر عن التصميم الجيد من خلال أسفاركِ الشخصية؟

اكتشفت أن أبسط الأمور كفيلة بأن تحدث فارقًا كبيرًا خلال السفر. فهل يمكنني مثلاً إعادة شحن بطارية هاتفي بسهولة؟ هل الكرسي الذي أجلس فيه مريح؟ هل الإضاءة مناسبة؟ إن هذه التفاصيل الصغيرة التي يمكن تناسيها أو التغاضي عنها في حضرة التأثير العام للتصميم تحدث فرقًا كبيرًا في ابتكار تصميم ناجح بحق، أي يكون تصميمًا بديعًا ويخدم في الوقت نفسه الغرض منه.

 

ما هي عاداتكِ المفضلة في أثناء السفر؟

لا شيء يضاهي ضبط هاتفي المحمول في وضعية الطيران، وتصفح صور ولديَّ الصغيرين وزوجي والكلاب التي نربيها. فهذا ما يجعلني أسترخي تمامًا وأفكر في الأشياء المهمة حقًا في الحياة.

 


‏Katharine Pooley
www.katharinepooley.com