على الجانب المقابل للمساحات الخضراء الواسعة في متنزّه هامبستد هيث Hampstead Heath، يقف منزل شرايبر Schreiber House بوصفه واحدًا من المنازل الأشد تفردًا في المشهد المعماري اللندني.
فالمنزل يزهو بتصميم جريء يميزه عن جيرانه التقليديين، ويتباهى بمكانة محفوظة ضمن التصنيف Grade II، وهو شرف نادر يُمنح للمباني السكنية ما بعد الحرب، ما يعني أنه من العقارات التي تحتفي بها المدينة.
يُطرح هذا العقار في لندن بسعر يبلغ 10.95 مليون جنيه إسترليني (نحو 14.7 مليون دولار أميركي)، ليمنح فرصة نادرة لاقتناء منزل يجمع بين التاريخ والفن والطابع السكني الراقي.
ويتولّى تسويقه مكتب سافيلز هامبستد Savills Hampstead المتخصص في العقارات الفاخرة، مستهدفًا الزبائن الباحثين عن نمط حياة يوازن بين سكينة قرى لندن القديمة وسهولة الوصول إلى وسط المدينة في موقع لا يتكرّر كثيرًا.
تحفة خالدة في قلب لندن
تبدأ قصة الجوهرة المعمارية مع شايم شرايبر، صانع الأثاث البريطاني الذي انطلقت مسيرته خلال الحرب العالمية الثانية بإنتاج صناديق الراديو، قبل أن يرسّخ مكانته في السبعينيات بوصفه أحد أبرز الأسماء في صناعة الأثاث في المملكة المتحدة.
لكن قبل ذلك بكثير، وتحديدًا في أوائل الستينيات، قرر شرايبر تشييد منزل عائلي غير تقليدي، فعهد بالمهمة إلى المعماري الاسكتلندي جيمس غوان، أحد روّاد عمارة ما بعد الحرب في بريطانيا.
كانت النتيجة مسكنًا في قلب لندن يخالف التقاليد بكل وضوح، ويجسّد رؤية فكرية متقدمة لعصره، تُترجمها الواجهة الخارجية الصارمة المصنوعة من القرميد الأزرق، بطابع صناعي خالص، يقابلها تصميم داخلي غني بالضوء والتفاصيل النادرة.
Tony Murray Photography; Savills
يمتد هذا المنزل الفريد على مساحة تقارب 520 مترًا مربعًا، ويضم مجموعة من المساحات الرحبة الموزعة بانسيابية مدروسة، تشمل غرفة استقبال مزدوجة، وغرفة طعام، ومكتبة يمكن تحويلها إلى غرفة ملابس، بالإضافة إلى مكتب خاص ومساحات معيشة تتناغم مع تفاصيل التصميم الداخلي.
وتعمل الواجهات الزجاجية الممتدة من الأرض حتى السقف على استقطاب الضوء الطبيعي إلى قلب المسكن، حيث ينعكس على أرضيات مصنوعة من رخام سان ستيفانو المستورد من إيطاليا، المعروف بتدرجاته الدافئة ولمعانه الخفيف، فيما تُكسى الجدران بألواح من خشب موهوهو الأفريقي الغني باللون والنسيج، ما يضفي شعورًا بالدفء والرفاهية الصامتة.
وتُغطى الأسقف، التي شُيّدت من الخرسانة مسبقة الصب، بطبقات من حجر باث، وهو حجر ذهبي مائل إلى العسل، يُستخرج من مدينة باث البريطانية ويُستخدم تقليديًا في الأبنية الملكية والمعالم التاريخية. وتمنح هذه الأسطح المائلة إيقاعًا بصريًا متناغمًا في الفضاء، يجمع بين صلابة المواد ونعومة الضوء.
أما النوافذ الشمالية، فتُطل مباشرة على مشاهد طبيعية ساحرة باتجاه متنزه هامبستد هيث، في حين تنفتح الواجهة الجنوبية الخلفية على حديقة خاصة تنعم بضوء الشمس على مدار اليوم.
Tony Murray Photography; Savills
تفاصيل مصقولة تحتفي بالحرفية
رغم طابع المنزل التاريخي الذي يُحاكي عمارة ما بعد الحرب، إلا أنه خضع لتحديثات مدروسة بعناية هدفت إلى تهيئته لمتطلبات الحياة المعاصرة من دون المساس بروحه الأصلية. شملت أعمال التحديث شبكات السباكة والكهرباء وأنظمة الحمّامات، ما أضفى راحة وظيفية حديثة على مسكن لا يزال يحتفي بجماليّاته الأولى.
وتتجلّى براعة التنفيذ في تفاصيل دقيقة لا تغيب عن العين الخبيرة، بدءًا من الأثاث المُدمج الذي صمّمه شايم شرايبر بنفسه — في امتداد طبيعي لمسيرته بوصفه أحد أعلام صناعة الأثاث البريطاني — وصولًا إلى السلالم الحلزونية التي لا تؤدي وظيفة حركية فحسب، بل تُعد عنصرًا معماريًا بإيقاع بصري مهيب.
ويقول جيمس ديابر، مدير مكتب سافيلز هامبستد: "نجح المالكون الحاليون في تكييف هذا المنزل مع متطلبات الحياة العصرية، من دون المساس بجماليات التصميم الذي يحمل توقيع منتصف القرن. مع أكثر من 5,600 قدم مربعة، إنه المسكن المثالي لعائلة تبحث عن التوسّع، والاستمتاع بالحياة في قلب الطبيعة، من دون الابتعاد عن وسط لندن".