تحتشد قرية السباق في ميناء سان تروبيه بزوّار تأنقوا بإطلالات يغلب عليها اللونان الأزرق البحري والأبيض، اللذان يمثلان قواعد الملبس في سباقLoro Piana Giraglia Regatta . إنها السنة الثانية التي يقترن فيها اسم لورو بيانا بأحد أرقى السباقات الصيفية في البحر الأبيض المتوسط.
وفي ما يشكل أحدث حلقة في سلسلة طويلة من الأحداث البحرية التي رعتها الدار على مر أكثر من 20 عامًا، ينطلق مسار السباق من الساحل الفرنسي نحو جنوى في إيطاليا، ويمرّ بانعطافة حادّة حول جزيرة جيراليا الصغيرة الواقعة قبالة الطرف الشمالي لكورسيكا.
يتجسّد الترابط بين الإبحار ودار الأزياء الشهيرة، والأهم، بين البحر وعائلة لورو بيانا، في شخص الرجل الذي أتينا للقائه: بيير لويجي لورو بيانا، الشخص الودود الذي بلغ السبعينيات من عمره، والذي يتمايز بقامة رجل عاش حياة ملؤها الشغف، وأحبّ الإبحار منذ مراهقته، بعدما اصطحبه صديق للعائلة في جولة على متن مركب شراعي.
يقول بيير لويجي لورو بيانا مبتسمًا: "أن تستخدم الريح لتسير بسرعة أو ببطء، أن تقود القارب وكأنه مجهّز بمحرّك. إنه أمر مدهش". في نهاية المطاف، كان من الطبيعي أن يدخل مجال المنافسة. وفي هذا يقول: "عندما تبحر، تبدأ لا شعوريًا في البحث عن قوارب أخرى لتتحدى أصحابها. إنها غريزة"، ثم يضيف بقدر من التواضع: "أظن أنها هواية ممتعة".
Loro Piana © STÉPHANIE DAVILMA
ينطلق سباقLoro Piana Giraglia Regatta من الساحل الفرنسي نحو جنوى في إيطاليا، ويمرّ بانعطافة حادّة حول جزيرة جيراليا.
يمتلك الرجل اليوم قاربين: الأول هوMy Song (الظاهر في الصور)، وهو يخت شراعي بطول 81 قدمًا شارك في سباق جيراليا. أما الثاني، فهو اليخت الاستكشافي المريح Masquenada، الذي يبلغ طوله 167 قدمًا. ولا شك في أن هذا الترتيب يليق برجل كان له أثر بالغ في تشكيل ملامح واحدة من أبرز دور الأزياء في أوروبا.
تأسست الشركة التي تحمل اسم العائلة على يد سلفه، بيترو لورو بيانا في عام 1924. وبعد تعاقب بضعة أجيال، تولّى بيير لويجي وشقيقه سيرجيو قيادة الشركة لأربعة عقود إلى أن استحوذت مجموعة إل في إم إتش LVMH على الحصة الكبرى منها في عام 2013، في صفقة بلغت قيمتها نحو 2.6 مليار دولار. في العام نفسه، توفي سيرجيو، ولكن أرملته وبيير لويجي لا يزالان يحتفظان بجزء من ملكية العلامة إلى اليوم.
Loro Piana © STÉPHANIE DAVILMA
سترة Bomber من لورو بيانا، مصنوعة من نسيح Wind Stretch Storm System الذي طوّره بيير لويجي وسيرجيو لنفسيهما.
أثبت الشقيقان قدرتهما على تطوير إرث العائلة، ونجحا في الارتقاء بالدار من خلال التزام صارم بالمواد بالغة الفخامة وتقنيات النسيج الرائدة.
وكان ارتباط العلامة بالرياضة، لا سيّما الإبحار وركوب الخيل والتزلج والغولف، عنصرًا جوهريًا في تحديد ملامح صورتها. يعلّق بيير لويجي مازحًا: "كانت هذه هي الرياضات التي نمارسها أنا وشقيقي. كنا ملتزمين جدًا في العمل خلال سبعينيات القرن الفائت وثمانينياته وتسعينياته، لذا كنا نشبه زبائننا تمامًا: أشخاص يعملون بجد، ولكنهم يعرفون كيف يستمتعون، وكانت الرياضة جزءًا من ذاك التوجّه".
قاد هذا الشغف الشقيقين مرارًا إلى تطوير مواد وأزياء متينـة ولكن أنيقة لأنشطتهما الترفيهية، قبل أن يقدّماها لزبائنهما الرياضيين. وفي هذا يقول بيير لويجي: "قمنا بابتكار منتجات تتمتع بخصائص غير مألوفة، بما في ذلك ألياف طبيعية مثل الصوف أو الكشمير معززة بطبقة تجعلها مقاومة لنفاذ الماء والريح، وأنا كنت أوّل من اختبرها".
Loro Piana © STÉPHANIE DAVILMA
اليخت الشراعيMy Song يبحر ساعة الغروب.
في إحدى المرّات، أراد بيير لويجي تصميم سترة للتزلج تكون "أقدر على توفير الدفء وأخفّ وزنًا وأشد نعومة وأعلى تميزًا" من النماذج المصنوعة من النايلون، فابتكر نموذجًا أوليًا واختبره بنفسه على المنحدرات. وهكذا وُلد نظام Storm System من لورو بيانا، الذي أطلق عام 1994، واستخدمته علامات عدّة لاحقًا في تصميم قطع مقاومة للعوامل الجوية، مشغولة من الكشمير أو الصوف. يقول بيير لويجي مفاخرًا: "ما زلت أحتفظ بتلك السترة".
تكرّر الأمر نفسه في عرض البحر عندما وُلدت السترة مزدوجة الوجه المصنوعة في جهة منها من الكشمير المحبوك وفي الجهة الأخرى من البوليستر المقاوم للماء، من حاجة بيير لويجي إلى قطعة عملية على متن يخته. وفي هذا يقول: "إنها خفيفة جدًا، لا تتجعّد، وتوفّر الدفء، ومقاومة للرياح. إنها قطعة تحل الكثير من المشكلات".
Loro Piana © STÉPHANIE DAVILMA
حذاءSummer Walk الشهير من العلامة، والذي جرى تقليده على نطاق واسع حول العالم.
أما الحذاء الأشهر الذي ابتكرته العلامة وجرى تقليده على أوسع نطاق، فهو الحذاء الخفيفSummer Walk الشهير بنعل أبيض وكسوة من الجلد المقلوب، فيعزو بيير لويجي الفضل في ابتكاره إلى شقيقه سيرجيو، ويقول: "عندما كنا في العشرينيات والثلاثينيات من عمرنا ونبحر كثيرًا، كانت الأحذية الوحيدة المتوفّرة من طرازSperry أوSebago .
وعندما تُستهلك نعولها، تصبح صلبة وزلقة". جاء الحل في نعل غير قابل للانزلاق ولا يترك أثرًا، "شأنه في ذلك شأن إطارات الفورمولا 1 عند هطول المطر" على ما يقول بيير لويجي. طلب سيرجيو من صانع الأحذية الخاص به أن يخيط هذا النعل إلى جزء علوي من الجلد المقلوب.
لاحقًا، أُنتج منه إصداران: طراز Summer Walk وطرازOpen Walk. يقول بيير لويجي: «اكتشفنا أن الناس ينسقون هذه الأحذية حتى مع الملابس الرسمية لأنها مريحة جدًا. إنها قصة نجاح بدأت من بحث بسيط حول منتج".
يبدو أن الحسّ العملي، متى ما اقترن بالذائقة الرفيعة، يمكنه أن يحوّل شركة عائلية إلى عملاق عالمي في عالم الأناقة. نعم، قدر قليل من الأنانية قد يصنع فارقًا كبيرًا.
تصوير: ستيفاني دافيلما Stéphanie Davilma
العارض: لويك أنتينا Loic Antina
التجميل والعناية بالبشرة: إدواردو برافو Eduardo Bravo