يتغيّر وجه العالم عامًا بعد عام، وتتحوّل ملامح الأرض فصلاً بعد فصل، لكن دار الأزياء الإيطالية ستيفانو ريتشي تواصل رسالتها العريقة في صون الفنون والحرف اليدوية في موطنها فلورنسة، حتى مع امتداد حضورها العالمي من باكو ودبي إلى بيفرلي هيلز.

ومع استحواذها أخيرًا على ورشة الكريستال والزجاج الفلورنسية موليريا لوكّي Moleria Locchi، التي اشتهرت منذ أواخر القرن التاسع عشر بترميم التحف النفيسة ونقشها، تعزز الدار رؤيتها نحو المستقبل، وترسخ جذورها في عالم الحِرَف الفنية. 

تستوطن الورشة مقرًا تاريخيًا في حي سان فريديانو، أحد أهم معاقل الحرفيين في فلورنسة، حيث اكتسبت سمعتها منذ القرن التاسع عشر بترميم كؤوس أثرية وثريات مورانو، قبل أن تعيد باولا لوكّي إطلاقها عام 1964 لتتحول إلى مركز للإنتاج والنقش على الكريستال والزجاج. وعلى مدى أكثر من 12 عامًا، تعاونت مع ستيفانو ريتشي لإبداع كؤوس وقوارير وأدوات ضمن خط منتجات الدار للمنازل SR Home.

ويعلق نيكولو ريتشي، الرئيس التنفيذي لستيفانو ريتشي في بيان: "فلورنسة مدينة بالكثير للسيدة باولا لوكّي، التي وبفضل شغفها، ضمنت بقاء هذه الجوهرة حتى يومنا هذا. ومع الجيل الثالث من عائلة لوكّي، ستستمر هذه التقاليد في قلب مجموعة ستيفانو ريتشي".

بعد استحواذها على موليريا لوكّي.. هكذا تعيد ستيفانو ريتشي إحياء تقاليد الحرفية الفلورنسية

Stefano Ricci

هذا الاستحواذ يعكس التزام الدار، التي وُلدت عام 1972 بوصفها علامة صغيرة لصناعة ربطات العنق اليدوية، بالحفاظ على الحرف التقليدية وصونها من الاندثار. 

فمنذ البدايات، تميّزت مجموعات ستيفانو ريتشي بالحرفية الرفيعة، وتوسعت لتشمل القمصان المحيكة يدويًا والمنتجات الجلدية، محافظةً على الإرث الفلورنسي الأصيل. واليوم، يُعد قسم الحياكة حسب الطلب  وجهة للرجال الذين يبحثون عن أرقى مستويات الأناقة الإيطالية، فيما ينتج مقرها في كالدايني كماليات مثل الأبازيم وأزرار الأكمام، بالإضافة إلى التحف الفضية المصنوعة بتقنيات النقش والدق.

يقول نيكولو ريتشي: "منذ العصور الوسطى، شكّلت فلورنسة مدينة الفنون والحرف. وعلى مر القرون، بنت ثقافة قائمة على الحرفية والذوق والجمال، وهو ما جعل صورتها متفرّدة عالميًا. ولطالما التزمت ستيفانو ريتشي بالحفاظ على هذا الإرث ونقله للأجيال القادمة".

بعد استحواذها على موليريا لوكّي.. هكذا تعيد ستيفانو ريتشي إحياء تقاليد الحرفية الفلورنسية

Stefano Ricci

ليست هذه المرة الأولى التي تتدخل فيها الدار لإنقاذ ورش فلورنسية عريقة. ففي عام 2009، أعادت إحياء مصنع النسيج التاريخي Antico Setificio Fiorentino، الذي تأسس عام 1786 ولا يزال يعمل بأنوال تعود إلى القرن الثامن عشر لإنتاج أقمشة متفردة للمؤسسات والقصور الملكية. 

يقول نيكولو ريتشي: "هذه التقاليد رائعة لكنها هشة؛ فالجائحة شكّلت تهديدًا حقيقيًا للحرف الفلورنسية، إذ انتقلت بعض الورش إلى ملكية أجنبية. ثمة مجالات بأكملها، مثل النسيج الحريري أو النقش على الكريستال، تعتمد على بضع عائلات فقط، وبين جيل أو جيلين قد تضيع بالكامل. استحواذنا على ورش مثل Antico Setificio Fiorentino وموليريا لوكّي يضمن استمراريتها ويحمي تقنياتها وأرشيفها وأدواتها من الزوال".

بعد استحواذها على موليريا لوكّي.. هكذا تعيد ستيفانو ريتشي إحياء تقاليد الحرفية الفلورنسية

Stefano Ricci

لم تكتف الدار بدعم هذه الحرف، بل جعلتها أكثر حضورًا أمام الجمهور. فمنذ امتلاكها مصنع النسيج Antico Setificio Fiorentino، فتحت أبوابه لعدد محدود من الزوار لمعاينة عملية الإنتاج مباشرة، وهو ما تخطط لتكراره مع موليريا لوكّي خلال الأشهر المقبلة. ويضيف ريتشي: "إتاحة الفرصة لعدد محدود من الزوار للانغماس في أجواء الحرفية الاستثنائية يمنحهم تجربة فريدة، ويجعلهم يدركون القيمة الحقيقية للعمل".

ومع أن منتجات موليريا لوكّي ستظل الأكثر حضورًا داخل متاجر ستيفانو ريتشي حول العالم—من الكؤوس المزخرفة بالكريستال إلى الأطباق الفاخرة المرصعة بالفضة—إلا أن دمجها مع الأقمشة الحريرية المنسوجة يدويًا والفضة المنحوتة في متاجر الدار ومشاريعها يضمن أن تبقى هذه التقاليد حيّة ومعاصرة. فعلى ما يقول ريتشي: "إن الحفاظ على الحرف عبر استخدامها هو ما يمنحها مستقبلاً حقيقيًا".