في ظل الانتقال متسارع الخطى نحو العصر الكهربائي، يسعى العديد من صنّاع السيارات إلى إعادة تحديد الشخصية التي ينبغي لطرزهم المستقبلية أن تتحلى بها.
فالاستجابة لمتطلبات العصر هو أمر بالغ الأهمية، إلا أنّ الأهم بالنسبة للعلامات الفاخرة هو الحفاظ بموازاة ذلك على الإرث العريق. فمن أودي التي تناغم بين التطلع إلى المستقبل والحنين إلى الماضي، وكاديلاك التي تنشد تعزيز حضورها الرياضي من دون المساومة على معاني الفخامة التي ارتبط بها اسمها، وجاكوار التي تطمح إلى تحقيق مستوى أعلى من الرقي، وصولاً إلى بنتلي التي تأبى التنازل عن هويتها الأرستقراطية، وشيفروليه كورفيت التي تمزج العضلات الأمريكية بجاذبية أوروبية، نستعرض رؤية كل صانع لمستقبل النقل من خلال أحدث المفاهيم التصوّرية التي كشفت عنها هذه العلامات.
Audi Concept C
رغم أنّ المكانة الممتازة التي تعيشها أودي اليوم، بوصفها صانع سيارات عائلية فاخرة وموثوقة، وقد كرّست هذه المكانة في هذا المضمار على مرّ أكثر من قرن من خلال طرز سيدان ومركبات متعددة الاستخدامات حققت انتشارًا واسع النطاق، إلا أنّ السيارات التي ضمنت لعلامة الحلقات الأربع المتداخلة جاذبيتها هي الطرز الرياضية التي أنتجتها الشركة منذ بدايات التنافس الرياضي على حلبات السباق حتى اليوم.
فعند سماع اسم "أودي" سرعان ما يخطر على بال هواة السيارات طراز Type C وما تبعه من طرز مزجت التصميم الراقي بالروح الرياضية مثل كواترو، وTT وR8. لذا كان من الطبيعي أن تجيء الشركة بسيارة رياضية اختبارية تتطلع إلى المستقبل من دون أن تتنكر لهذا الإرث الجميل.
Audi
يحمل المفهوم التصوري Audi Concept C الذي كُشف عنه هذا العام خطوطًا مستوحاة من طرز أودي الأربعة الشهيرة: Type C وكواترو وTT وR8. لكنه لا يمثّل سيارة رياضية جديدة تحمل شعار الحلقات الأربع المتداخلة فحسب، بل يشي باللغة التصميمية الجديدة التي تعتزم أودي اعتمادها في مختلف ابتكاراتها في المستقبل القريب.
تتميز السيارة ذات المقعدين بسقف يتألف من لوحين قابلين للطي كهربائيًا، وهو ما يُمثل سابقة من أودي التي كانت سياراتها المكشوفة السابقة تعتمد كلها على أسقف قماشية قابلة للطي.
كما يغيب الزجاج الخلفي لتحل محله ألواح معدنية تحتوي على ثلاث فتحات أفقية، دُمج في إحداها مصباح التوقف الإضافي الثالث. وعلى مستوى الحجم، تُعد Concept C أقرب إلى R8 منها إلى TT، خصوصًا أن أودي تنوي من خلالها ملء الفراغ الذي نتج عن وقف إنتاج هذين الطرازين.
Audi
ولتعزيز الحضور الرياضي، عمدت أودي إلى موازنة أبعادها التي تبلغ 178.0 بوصة للطول، مقابل 78.0 بوصة للعرض، و50.3 بوصة للارتفاع، بعجلات قياس 21 بوصة مع تصميم مستوحى من عجلات TT.
هذا التصميم المبسط والأنيق للجسم الخارجي يغلب أيضًا على المقصورة مع تركيز على جودة المواد المستخدمة. وهنا أيضًا يستمر التمازج بين التوجه المستقبلي والحنين إلى الماضي من خلال لوحة قيادة تكاد الشاشات التقليدية تغيب عنها. فسيارة Concept C تحتضن شاشة وسطية تُطوى بسلاسة داخل لوحة القيادة، فيما أدوات التحكم بوظائف السيارة تبقى حاضرة بصيغتها المصنوعة من الألمنيوم المؤكسد، ما يعني أنك لست مُجبرًا على استخدام الشاشة طيلة الوقت.
أما في ما يخص قوة الدفع، فلم تكشف أودي حتى الساعة عن عدد المحركات الكهربائية التي ستتوفر للسيارة أو قوتها، إلا أنها ستتمتع بهندسة الجهد العالي بقوة 800 فولت والتي تسمح بشحن عالي السرعة للبطاريات.
Audi
Jaguar Type 00
لا تقتصر مهمة المفهوم التصوري Type 00 على تقديم سيارة اختبارية أخرى من جاكوار، تتمثّل من خلالها لغة التصميم التي ستعتمدها الشركة في السنوات المقبلة.
بل إنها أقرب إلى إعلان عن أنّ العلامة البريطانية التي كانت دائمًا تسوّق سيارتها بسعرٍ أقل مما توحي به خطوطها الخارجية وشخصيتها الفاخرة، ستتحوّل إلى صانع سيارات كهربائية حصرًا وستنافس ضمن فئة أعلى من الفئة التي نافست فيها سابقًا مع استهداف واضح لبنتلي.
على صعيد التصميم الخارجي، تثبت سيارة Type 00 أنّ عملية مخاطبة القلب قبل العقل، التي كانت قد توقفت في الفترة الأخيرة، استؤنفت من جديد.
فرغم أنها مركبة كهربائية لا يحتاج تثبيت المحرك ضمن جسمها إلى حيّز كبير، إلا أنّ نمط غطاء المحرك الطويل يميّز خطوطها الخارجية، شأنه في ذلك شأن المظهر الصندوقي الذي عُرفت به أنجح سيارات الشركة الأم جاكوار لاند روفر مع طراز رينج روفر.
الجدير بالذكر أن اعتماد كلمة Type في تسمية السيارة ليس أمرًا جديدًا على جاكوار، لكن العلامة استحدثت هذه المرة في الاسم الرقمين 00: يُقصد بالصفر الأول صفر انبعاثات في إشارة إلى أنّ السيارة ستكون كهربائية صديقة للبيئة، فيما الصفر الثاني يشير إلى أنها السيارة رقم صفر ضمن عملية إعادة إطلاق العلامة بحلة جديدة وتوجه مختلف.
Jaguar
مقابل المقدمة الطويلة التي توحي عن قصد بأنّ السيارة مجهزة بمحرك كبير، يتمتع الجزء الخلفي بسقف ينحدر سريعًا نحو الأسفل وبلا زجاج خلفي، على ما هو رائج حاليًا في العديد من السيارات الاختبارية أو تلك المخصصة للإنتاج على نطاق واسع.
أما الواجهة الأمامية ذات الخطوط المبسطة، فتحتوي على شبكة تبدو منحوتة ضمن الجسم بدلاً من أن تكون مثبتة عليه، ويكملها مصباحان نحيفان للغاية في الأعلى ومصباحان آخران في الأسفل.
وبالانتقال إلى الجوانب، يسيطر التصميم الصندوقي من خلال ألواح تتخذ شكلاً يذكرنا بسيارة رينج روفر، وتحديدًا الجيل الأحدث منها.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ فريق التصميم في جاكوار لم يكن مقيّدًا بقاعدة عجلات مقرّرة للسيارة، بل صُممت قاعدة العجلات والمنظومة الدافعة بناءً على تصميم السيارة بدلاً من العكس، خصوصًا أنّ الهدف الأول من Type 00 هو تحديد النهج التصميمي الأحدث من جاكوار وليس الإتيان بسيارة أخرى تتوافق مع المكوّنات المتاحة حاليًا للشركة.
Jaguar
Cadillac Elevated Velocity
قد يكون ما حققته كاديلاك مع طرح المفهوم التصوري Elevated Velocity Concept هو أفضل ما يمكن لعلامة تجارية مرموقة أن تقوم به: الدخول إلى قطاع جديد عليها من دون الالتزام بشروط الانتماء إليه، بل من خلال فرض شخصيتها المميزة عليه.
فهذه السيارة، المستوحاة من شقيقتها Opulent Velocity التي جرى إطلاقها في العام الماضي، تحمل معها سمات التصميم المستقبلي الذي لا يتنكر لإرث كاديلاك، لتمضي به إلى ساحة مركبات الدفع الصغيرة "كروس أوفر" ذات القدرات العالية خارج حدود الطرق المعبدة.
مع تصميم سيارة ذات ارتفاع واضح عن سطح الأرض مقابل انخفاض خط السقف، تستعرض كاديلاك إمكانيات تصميمية جديدة، إذ تتميز سيارة Elevated Velocity، التي جرى الكشف عنها خلال أسبوع مونتيري للسيارات، بأبواب كبيرة تُفتح على شكل أجنحة النورس بشكلٍ يسمح بالوصول إلى المقعدين الأماميين والخلفيين في وقتٍ واحد.
Cadillac
هذا ويسيطر النهج الأنيق الخالي من أي خطوط معقدة على جسم السيارة، مع مقدمة طويلة تتقدمها واجهة أمامية بخطوط تحاكي بقالب عصري ما كان يتوفر لسيارات كاديلاك التي أُنتجت في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته.
وفقًا لكاديلاك، فإنّ العديد من سمات التصميم التي نراها في هذا المفهوم التصوري ستعرف طريقها قريبًا إلى طرز الشركة الجديدة. ليس هذا فحسب، بل حتى العجلات المضيئة التي يبلغ قطرها 24 بوصة في هذه السيارة الاختبارية، توشك أن تصبح حقيقة واقعة متوفرة ضمن لائحة خيارات التخصيص التي يمكن للزبائن طلبها. وتتميز السيارة أيضًا بنظام لتنقية الهواء، وتعويض جفاف الهواء والتغيرات الحادة في درجات الحرارة وتغيرات الارتفاع.
في المقابل، ثمة مجموعة من التقنيات الأخرى التي تستعرضها الشركة في هذه السيارة فيما يصعب علينا تخيل وصولها إلى خطوط الإنتاج التجاري قريبًا، ويشمل ذلك نظامًا يستخدم اهتزازات مضادة للغبار لإعادة تنظيف السيارة بعد العبور وسط عاصفة رملية، ونظام الأشعة ما تحت الحمراء لمساعدة الركاب على استعادة نشاطهم.
وفي ما خلا كونها سيارة كهربائية ومزودة بنظام تعليق هوائي نشط عالي الكفاءة، لم تكشف كاديلاك عن أي معلومات دقيقة تتعلق بنظام الدفع الذي جُهّز به هذا المفهوم التصوري، كما لم تفصح عن زوايا الاقتراب أو الابتعاد أو غيرها من المعلومات التي تتعلق بالقدرات خارج الطرق المعبدة.
من الداخل، زيّنت كاديلاك المقصورة بكسوات من الجلد والقماش تزهو بتدرجات مُختلفة من اللون الأحمر، لكنها جرّدتها من الشاشات التقليدية، مستكشفةً سبلاً جديدة لعرض المعلومات، مثل الشاشة المدمجة في المقود.
Cadillac
Bentley EXP 15
مع اقتراب موعد إطلاق أول سيارة كهربائية بالكامل في تاريخها، آثرت بنتلي الحفاظ على السمات التصميمية التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم من حضور راق وشخصية مميزة، متجنبةً تحدي الذائقة الرفيعة لزبائنها والدخول في مغامرات تصميمية غير محسوبة.
وإذ ذاك، كشفت عن مفهوم تصوري يعطي فكرة واضحة عما ينبغي لسيارة بنتلي أن تكون عليه في المستقبل: سيارة قادرة على خطب ود أشد الزبائن وفاءً لإرثها العريق.
Bentley
وفي العادة، عندما يعتمد صانع ما نهجًا محافظًا بعض الشيء في التصميم، تأتي النتيجة سيارة تعاني بعض الرتابة أو التكرار. لكن المفهوم التصوري EXP 15 يهز قواعد المألوف بمزيج من الخطوط الصندوقية والزوايا الناعمة في إطار سيارة للتجوال الفاخر لا تشبه أي مركبة أخرى من هذا النوع، ولكن تشبه سيارات بنتلي فيما تتباهى بإطلالة مستقبلية.
فقد استلهمت بنتلي تصميم EXP 15 من طراز سبيد سيكس Speed Six الذي يعود إلى عام 1930، وبما أنّ السيارات الكهربائية لا تحتاج إلى شبكة تهوية أمامية كبيرة لتبريد المحرك، اختار الصانع بدلاً من ذلك عنصر إضاءة زخرفية يطلق عليه اسم "الفن الرقمي".
على أن هذه الشبكة المضيئة ليست وحدها العنصر التصميمي الذي حافظت عليه بنتلي رغم عدم الحاجة التقنية إليه، إذ جرى رسم خطوط الغطاء الأمامي بشكلٍ يوحي بأنه يحتضن فتحات لتهوية محرك احتراق داخلي (غير موجود أساسًا)، وذلك لتعزيز مزيج الهيبة، والأناقة، والروح الرياضية التي تسيطر على المقدمة.
Bentley
ولا تأتي سيارة EXP 15 ببابين وأربعة مقاعد وصندوق خلفي منفصل، على ما هو عليه الحال مع شقيقتها كونتيننتال جي تي Continental GT الشهيرة، بل تتميز بثلاثة أبواب، بالإضافة إلى صندوق خلفي "هاتشباك" ينفتح على المقصورة.
والغريب هو طريقة توزيع هذه الأبواب، إذ يوفر باب واحد إمكانية الدخول إلى المقصورة لكل من السائق وراكب المقعد الخلفي، فيما يوفر البابان الآخران اللذان يُفتحان من الوسط إمكانية الوصول إلى مقعد خلفي دوّار من الجهة الأخرى. هذا ويحتوي الصندوق الخلفي على مقاعد نزهة مدمجة يمكن للجالسين عليها تأمل المناظر الطبيعة الخلابة أو متابعة الأنشطة الرياضية.
لم تذكر الشركة قوة الدفع التي تتمتع بها سيارة EXP 15، ولكن بما أنّ بنتلي هي جزء من مجموعة فولكس فاغن التي تضم أيضًا أودي، فمن الطبيعي أن تتوفر للسيارة مجموعة واسعة من خيارات الدفع الكهربائي عالية الكفاءة.
Bentley
Chevrolet Corvette Concept
منذ إطلاق كورفيت لأول مرة خلال خمسينيات القرن الماضي، لم تكن هذه السيارة مجرد مركبة رياضية تعتمد على الأداء العالي لتحظى باستحسان مالكها، بل كانت رمزًا من رموز الثقافة الأمريكية، والسيارة الرائدة ضمن مدرسة العضلات الأمريكية الميكانيكية المفتولة، الأمر الذي ضمن لها النجاح في السوق الأمريكي كما في غيره من أسواق العالم.
ولكن بحلول أواخر العقد الماضي، بدأت شيفروليه تُرسل إشارات مفادها أنّ سيارة أمريكا الرياضية الأنجح والأشهر ستخلط جيناتها الأصيلة بجينات أوروبية من خلال منصة جديدة تستضيف المحرك في الوسط خلف مقصورة القيادة مباشرةً.
ورغم أنّ هذا التلاعب في الجينات كان من الممكن أن يُثير حفيظة عشاق التركيبة الأصيلة للسيارة، إلا أنّ طراز C8 كان محط حفاوة عند وصوله إلى الأسواق، إذ رأى فيه كثيرون من عشاق الأداء العالي رديفًا منخفض الكلفة لسيارات أوروبية مثل Ferrari F8 أو لامبورغيني هوراكان.
Chevrolet
واليوم، قد يكون من المبكر التفكير في إطلاق الجيل التاسع من كورفيت، إلا أنّ جنرال موتورز بدأت بذلك حقيقةً من خلال سيارة اختبارية تحمل بكل بساطة اسم "كورفيت كونسبت" Corvette Concept.
على أن هذه السيارة لن تُبصر النور بالشكل الذي تظهر به اليوم في صيغة مفهوم تصوري هو في الحقيقة أقرب إلى دراسة تهدف إلى إعطاء فكرة عما سيكون عليه الجيل المقبل من السيارة الرياضية الأمريكية المحببة.
أما الجميل في الأمر، فهو أنّ مهمة رسم خطوطها أوكلت إلى استوديوهات التصميم المتطورة التابعة لـجنرال موتورز، والتي تتخذ من مدينة ليمينغتون سبا في المملكة المتحدة مقرًا لها.
Chevrolet
وكونها تعتمد نمط تصميم السيارات المزودة بمحرك وسطي، فهي بطبيعة الحال لا تتشابه مع أجيال كورفيت السبعة الأولى، فيما تختلف عن الجيل الثامن من حيث نعومة خطوطها وابتعادها عن الزوايا الحادة في القسم العلوي من جسمها.
لكن ما يربطها بإرث كورفيت يبقى في الواجهتين الزجاجيتين، الأمامية والخلفية، المقسمتين على شكل نوافذ مستقلة ضمن لمسة تُعيد إلى الأذهان سمة "النافذة المنقسمة" التي ميزت شيفروليه كورفيت ستينغ راي من عام 1963.
أما القسم السفلي من السيارة، فيتمايز بتركيبة ديناميكية هوائية معقدة تسمح بتوفير مزيج عالي الكفاءة من الانسيابية والضغط الهوائي لتحقيق الثبات خلال القيادة السريعة.
وفيما لم يُعلن رسميًا عن المعلومات والأرقام الخاصة بالمنظومة المسؤولة عن دفع السيارة، إلا أنها ستكون على الأرجح مجموعة دفع كهربائية.





