أعلنت فيراري رسميًا دخولها عالم السيارات الكهربائية بالكشف عن سيارتها الجديدة إليتريكا Elettrica، أول طراز كهربائي بالكامل في تاريخ العلامة الإيطالية العريقة، والمقرر طرحه في عام 2026. ومع هذه الخطوة، لا تقدم فيراري سيارة كهربائية جديدة فحسب، بل تضع تصورًا خاصًا بها لمستقبل الأداء الفاخر.
على مدى السنوات الماضية، أثبتت السيارات الكهربائية جدارتها في جوانب الكفاءة والابتكار، لكنها لم تنجح بعد في ترسيخ مكانتها ضمن فئة الفخامة الدائمة. فإعادة بيعها تظل تحديًا حتى لأكثر العلامات تميزًا، ومع استثناءات محدودة مثل رولز-رويس سبيكتر، لم ينجح أحد بعد في ابتكار سيارة كهربائية يمكن أن تُعدّ “تحفة خالدة”. غير أن فيراري، التي بنت سمعتها على الجمع بين الأداء والشغف، تبدو عازمة على كسر هذه القاعدة.

في مارانيلو، موطن الحصان الجامح، كشفت الشركة خلال عرضٍ خاص قبيل يوم أسواق رأس المال 2025 عن تفاصيل دقيقة لمكونات هيكل السيارة وبطاريتها ومحركاتها، من دون الإفصاح عن التصميم النهائي. الرسالة كانت واضحة: "إليتريكا" ليست تجربة عابرة، بل رؤية فيراري الخاصة لعصر الكهرباء، حتى وإن كان جزء كبير من هندستها الأساسية ليس ثورياً بالكامل.

يقول بنديتو فينيا، الرئيس التنفيذي لفيراري في بيان: "نستهدف زبائننا الذين يريدون خوض تجربة فيراري الفريدة، لكن في سيارة كهربائية بالكامل. إليتريكا ليست تحولاً في هوية فيراري، بل هي امتداد طبيعي لعالمها".

أول سيارة كهربائية بالكامل من فيراري.. إليتريكا بقوة ألف حصان

Ferrari

تأتي «إليتريكا» بتصميم كوبيه رباعي المقاعد، وتمزج بين الأناقة الإيطالية المترفة والأداء الفائق. وتتفوق أرقامها على كثير من سيارات الاحتراق التقليدية، بقوة تتجاوز 1000 حصان، وتسارع من 0 إلى 100 كيلومتر في الساعة خلال 2.5 ثانية فقط، وسرعة قصوى تبلغ 310 كيلومترات في الساعة. أما المدى الكهربائي، فيصل إلى 530 كيلومترًا في الشحنة الواحدة، بفضل بطارية ضخمة بسعة 122 كيلوواط في الساعة، أي أكبر بنحو 20٪ من بطارية تسلا موديل S، إضافة إلى بنية كهربائية بجهد 800 فولت تتيح شحنًا يكفي 150 ميلاً من المدى في أقل من 20 دقيقة.

وتتميز البطارية بتركيبة هندسية ذكية تضم 210 خلايا موزعة على 15 وحدة مستقلة، موضوعة في الغالب أسفل أرضية السيارة مع صفٍّ مزدوج تحت المقاعد الخلفية. وعلى عكس الاتجاه السائد الذي يعتمد على دمج الخلايا في وحدة واحدة لتحقيق كثافة أعلى، اختارت فيراري نهجًا مغايرًا يركّز على الاستدامة وسهولة الصيانة. يمكن فك البطارية من هيكل السيارة عبر 20 مسمارًا فقط، واستبدال وحداتها الداخلية بسهولة، في إشارة إلى رؤية فيراري لصناعة سيارة "قادرة على العيش إلى الأبد"، حتى مع تطور تقنيات البطاريات.

وفي خطوة تعكس حرصها على تقديم تجربة قيادة متكاملة، استعملت فيراري هيكلًا من الألمنيوم المعاد تدويره، وجهزت السيارة بأربعة محركات كهربائية مستقلة، واحد لكل عجلة، لتوفير نظام دفع رباعي فائق الدقة يوزّع العزم لحظيًا وفق حالة الطريق. هذا الابتكار يمنح السائق تحكمًا استثنائيًا في المنعطفات، بينما يُسهم نظام التوجيه الخلفي، القادر على تحريك العجلات حتى 2.15 درجة، في تعزيز الرشاقة رغم الوزن الكبير.

وللحفاظ على روح القيادة التي تميز سياراتها، زودت فيراري إليتريكا بـمقابض تبديل السرعات الكلاسيكية على عجلة القيادة، تتيح للسائق الاختيار بين نمط قيادة سلس أو رياضي، مع تعديل استجابة المحركات ونظام التعليق تلقائيًا.

لكن الصوت، كما عهدناه من فيراري، يظل جزءًا لا يتجزأ من التجربة. فبدلًا من الصمت المألوف في السيارات الكهربائية، طوّرت العلامة نظامًا صوتيًا مبتكرًا يحاكي الإحساس السمعي لمحركاتها الشهيرة. داخل هيكل المحرك الخلفي، يوجد مستشعر خاص يلتقط الاهتزازات عند دوران المحرك بسرعة تصل إلى 25,500 لفة في الدقيقة، ليحوّلها مضخّم رقمي إلى نغمة متناغمة تتغيّر مع سرعة العجلات والمحرّكات، لتأتي النتيجة على هيئة صوت كهربائي نابض بالحياة، يمنح السائق تواصلاً حسياً فورياً مع السيارة.

Ferrari

شبّه مهندسو فيراري الأمر بالفارق بين الغيتار الصوتي الذي يُضخّم صوته الطبيعي، والغيتار الكهربائي الذي يعتمد على مضخّم خارجي — وكلاهما خضع لعمليات ضبط دقيقة لتقديم تجربة صوتية مُرضية. كذلك جرت هندسة الصوت في إليتريكا بعناية فائقة لتقديم نغمة مميزة تمزج بين الإحساس والابتكار. وعلى ما يقول جانماريا فولغينزي، مدير المنتجات في فيراري: "الأمر أشبه بالاختيار بين مركب شراعي وقارب بمحرك. التجربة مختلفة لكنها تظل ممتعة".

ورغم هذه التفاصيل كلها، ما زالت فيراري تتكتّم على الشكل الخارجي للسيارة وصوتها الفعلي، مكتفية بتأكيد أنها سيارة بأربعة أبواب أقرب إلى سيارة تجوال فاخر أنيقة من كونها سيارة رياضية صغيرة. ويُنتظر أن تكشف عنها تدريجيًا خلال النصف الأول من عام 2026، في حملة متقنة تُجسّد دقّة فيراري في بناء الترقّب.

حتى ذلك الحين، تظل إليتريكا أكثر من مجرد أول سيارة كهربائية لفيراري؛ إنها بيان فني وتقني يؤكد أن الانتقال إلى الكهرباء لا يعني التخلي عن الشغف أو الجمال، بل إعادة تعريفهما. وبوعدٍ يجمع بين صوتٍ أكثر حضورًا، وتجربة قيادةٍ أكثر نقاءً، وعمرٍ أطول، تمضي فيراري بثقة لتضع معيارًا جديدًا في عالم السيارات الفاخرة، حيث تلتقي الابتكارات الهندسية بروح الأداء الإيطالي الخالص.