في العادة، تثمر دورة الحنين في عالم الأزياء عن نفض الغبار عن إطلالات يُفضل أن تبقى في الماضي. ويبدو أن العجلة الدوّارة قد توقفت اليوم عند ثمانينيات القرن الفائت، ما أثار مخاوف أولئك الذين لا يتذكرون من ذلك العقد سوى المبالغة في البهرجة التي كانت تطبع الملابس. لكن عند إعادة النظر، في مرحلة متأخرة، في أزياء تلك الحقبة، التي تعكس ذائقة مريبة وتتميز بقصتها الانسيابية، يتبيّن أنها تبدو مثالية للمرحلة الحالية.

في العادة، تثمر دورة الحنين في عالم الأزياء عن نفض الغبار عن إطلالات يُفضل أن تبقى في الماضي. ويبدو أن العجلة الدوّارة قد توقفت اليوم عند ثمانينيات القرن الفائت، ما أثار مخاوف أولئك الذين لا يتذكرون من ذلك العقد سوى المبالغة في البهرجة التي كانت تطبع الملابس. لكن عند إعادة النظر، في مرحلة متأخرة، في أزياء تلك الحقبة، التي تعكس ذائقة مريبة وتتميز بقصتها الانسيابية، يتبيّن أنها تبدو مثالية للمرحلة الحالية. يعني ذلك الابتعاد عن سترات علامة Members Only المستلهمة من سترات سائقي السباقات، والميل أكثر إلى إطلالة ريتشارد غير في فيلم American Gigolo بدور المرافق المتأنق جوليان كاي الذي يختال في أرجاء لوس أنجليس بسترات تنسدل بتراخٍ فوق الجسم، وقمصان خفيفة من الكتان، وسراويل بطيات، كلها من ابتكار جورجيو أرماني. دفع الفيلم بالمصمم الإيطالي إلى دائرة الشهرة ووضع الأزياء الرجالية على مسار أكثر أناقة وحيوية.

Brioni

يقول الكاتب سايمون دونان، الذي كان يعمل في متجر ماكسفيلد Maxfield في لوس أنجليس عندما اشتهر الفيلم، والذي باع أزياء أرماني لأمثال جاك نيكولسون وهاري دين ستانتون، يقول: "لقد حرر الأزياء. جرّدها من قصة الإبط المرتفعة، وصرامة الحياكة البريطانية، واستبدل بها هذه المفردات الجديدة للحياكة ذات القصات الانسيابية المرنة التي توفّر الراحة".

بالحديث عن نهضة أرماني الحالية، يقول دونان: "إنه متأهب دومًا للتعبير عن الفخامة البعيدة عن التكلف، والانضباط، والبساطة". إنه يقدم بشكل رئيس ترياقًا للجرأة المسرفة التي طبعت أزياء الرجال في السنوات الأخيرة. على المستوى الثقافي، قد نكون بعيدين كل البعد عن الاستخدام المسرف والسافر للمواد في ثمانينيات القرن الفائت. لكن على مستوى الأناقة، فإن الإطلالة التي ميزّت تلك الحقبة تناسب على نحو مثالي قواعد الملبس التي تروّج لأزياء تناسب العمل من أي مكان: تصاميم متحررة من التعقيد أو الصرامة تستلهم الراحة غير المقيدة التي تتيحها الملابس الرياضية بموازاة الإيحاء بمظهر مصقول.

Chris Tphel/Paramount/Picture/Alamy

في موسم الربيع الفائت، استعان موقع مستر بورتر Mr Porter بأرماني ليعيد ابتكار عدد من إبداعاته الأكثر نجاحًا في ثمانينيات القرن الفائت: بذلات غير محددة القصات، ومعاطف طويلة فضفاضة، وقمصان حريرية بظلال لونية عدة تراوح بين البيج والرمادي. وإذا ما حكمنا على الأمور من منظور الإطلالات المسترخية التي عكستها القصات الانسيابية في مجموعات الخريف الفائت من إرمنيجيلدو زينيا، وبريوني، وبيرلوتي وعلامات أخرى كثيرة، فإننا سنكتشف أن سلالة الأناقة غير المتكلفة التي أطلقها أرماني شكلت مصدر إلهام لكثيرين. يقول جيري لورينزو من علامة فير أوف غاد، الذي استلهم مجموعته الخريفية من السترات الفضفاضة والسراويل الواسعة التي تتناسق على نحو غير متكلف مع الملابس الرياضية وقطع الدنيم ذات المظهر العتيق، من مسلسل Miami Vice ومن إطلالة جوني ديب في مسلسل 21 Jump Street – يقول: "ننجذب تلقائيًا إلى أناقة تلك الحقبة ومعالمها التي كانت توحي بالراحة والبعد عن التكلف".

تشمل مجموعة لورينزو قطعًا عدة مستنسخة من السترة مزدوجة الصدر ذات الأربعة أزرار، أحد أبرز التصاميم البائدة التي تعود إلى ذلك العقد، لكنه قدمها بأسلوب يبدو أقرب إلى المعاطف الخارجية منه إلى قطعة في بذلة رسمية. ظهرت أيضًا السترات مزدوجة الصدر التي توحي بالقدر نفسه من الاسترخاء في مجموعات دور مثل درايكس وكيتون، ما يثبت أن السترة حيث الوصلة بين الياقة وطيتها تقع عند مستوى أدنى، والطيات الضخمة المميزة لهذا الأسلوب، توحي بمظهر مسترخٍ بطبيعته، حتى عند تنسيقها مع قميص رسمي.   

في المقابل، عمدت دور أخرى مثل زينيا إلى التخلي نهائيًا عن سترة البذلة، واختارت بدلاً منها السترات القصيرة المشدودة عند الخصر، أو سترات الدراجين، التصميم الآخر المفضل من حقبة الثمانينيات، ونسقتها مع سراويل ذات طيات مشغولة من القماش نفسه. عند ارتداء هذا الزي، المغاير للبذلة التقليدية، مع قميص أحادي اللون من دون رابطة عنق، يتبدد الحد الفاصل بين ملابس العمل والقطع التي يمكن ارتداؤها خارج أوقات الدوام. أما عند ارتداء السترة منفردة، فإنها تمنحك قدرًا أكبر من المرونة. ربما لهذا السبب يبدو أن الاحتفاء في هذا الموسم بأسلوب ثمانينيات القرن الفائت يبدو بعيدًا عن مفهوم الزي وأقرب إلى إعادة تقييم مدروسة لمساهمات تلك الحقبة في عالم الأناقة الفاخرة. 

يقول لورينزو: "لا شك في أن عالم الأزياء يشهد تقلبات. لكن اقتراح تصميم راق ومريح يعانق تضاريس الجسم بانسيابية يلقى دومًا الاستحسان".

Rocco Spaziani/picture-alliance/dpa/ AP iMAGES