تصور أنّكَ تستخدم هاتفك الذكي بشكل مستمر، تُحمّله جميع ملفّاتك كبيرها وصغيرها قديمها وجديدها، يُرافقك في كل مكان وتنجز عليه أعقد المهام، لكنك لا تراعي تعليمات الشركة المصنعة الموصية بالعناية به.. ستلاحظ مع مرور الوقت أن أداء الجهاز آخذ في التراجع. وكلنا يعرف أننا نلجأ إلى إعادة ضبط المصنع عندما يستعصي الحل لنعيد الأداء إلى سابق عهده، سواءٌ أكان في الجوال أم أي أجهزة إلكترونية أخرى.

 في الحقيقة عقلك وروحك قد يصلان بك إلى ذات المرحلة التي وصل إليها هاتفك.. فينتابك شعور خفيٌّ بأن شيئاً ما خرج عن السيطرة.. حالة من الشعور بالفوضى غير واضحة المعالِم.. شعور بالفتور وربما حرمان من طعم الأشياء لأنّك ببساطة مُشتَّت.

وهنا -كما جهازك الذكي تماماً- ستحتاج إلى إعادة ضبط مصنع حياتك! فكيف تفعل ذلك؟

كلمة السر «تخلَّصْ من الفوضى» لأن آلاف التفاصيل في حياتنا تُعكّرنا دون وعي منا، تتراكم فنشعر بمدى تأثيرها علينا.. لذلك التخلُّص من القدر الأكبر منها سيُحرّر المساحة العقلية الممتلئة في رأسك، ويمنحك الطاقة للمضي قدماً.

تخيّل أنَّك تُحدث عشرات الثقوب في خزان مليء بالماء، تلك الثقوب ستتسبب بإفراغه قطعاً.. الفوضى في حياتك كالثقوب في الخزان تتسبب في تسرُّب طاقتك.. فأين تكمن الفوضى التي يجب التخلص منها؟

فوضى المقتنيات:

اجمع كل الملابس والمقتنيات، الأجهزة والأسلاك والقطع الصغيرة التي تملأ أدراجك.. اجمعها في كومة واحدة، واعلم أن أي قطعة مرَّت عليها سنة ولم تستخدمها فأنت غالباً لن تستخدمها مرة ثانية.. تبرَّعْ بها، أو اختر الطريقة المناسبة لإخراجها من حياتك.

الفوضى الرقمية:

إذا كنت تضطر في كل مرة لتفريغ مساحة من "كمبيوترك" لاستخدام ما تَحرَّر لقضاء أمر مهم فأنت في الاتجاه الخطأ. إذا كانت ذاكرة "موبايلك" ممتلئةً دائماً، سطح المكتب في كمبيوترك مزدحماً، بريدك الإلكتروني بمساحة محدودة، عشرات التطبيقات تملأ جوالك ولا تستخدمها.. حرِّر المساحة، احذف كل شيء غير مفيد وغير مستخدم.. ستُحرِّر مساحة إضافية في مزاجك أيضاً.

الفوضى الاجتماعية:

اذهب إلى تويتر أو أي منصة تواصل اجتماعي تستخدمها بشكل متكرر. ألغِ متابعة أو استخدم خاصية "mute" لكل من يزعجك طرحه ولا يطيب لك نشره.. ألغِ إعجابك بالصفحات والجروبات غير المهمة خاصة على واتساب ما أمكن.

ستلاحظ أن "التايم لاين" خاصتك أصبح نظيفاً وصحيّاً… وستحرر مساحة إضافية في مزاجك أيضاً.

فوضى العلاقات:

متى كانت آخر مرة كرَّرت فيها عبارة "هذه آخر مرة سأجلس مع فلان"؟.. هناك من تجتمع بهم بقرار منك وبشكل متكرر لكنهم لا يرتقوا بحالك وبمزاجك.. لن أقول لك بالضرورة اقطع علاقتك بهم.. لكني سأقترح أن تُقلّل لقاءاتك بهم إلى حدّها الأدنى، وستلاحظ أن مساحة عقلية تحررت انعكست راحةً في بالك.
فوضى الأفكار:

هل تتفق معي أن هناك 4 أشياء في حياتك إذا كانت على ما يرام فأنت غالباً في وضع نفسي صحي؟

    العائلة
    العمل
    الصحة
    تحقيق الذات

أعطِ علامة من 10 لكل واحدة لتعرف في أي منها يكمُن التقصير.. بهذه الطريقة ستحدد بوضوح -على الأقل- ما الجانب الأكثر ضعفاً عندك، وبمجرد تحديده قبل العمل عليه حتى ستُحرر أيضاً مساحة إضافية من مزاجك لأنك عرفتَ من أين ستبدأ.

فوضى العادات:

حياتنا تتكون من عادات وطقوس وروتين، وقد يكون عندك هدف قصير الأمد، لكنَّ عاداتٍ تُكرّرها تحُول دون تحقيقه.. قد يكون الهدف أن تستيقظ باكراً للجري.. وتناقضه عادة السهر حتى الثالثة يومياً لمشاهدة الأفلام. قم بعمل قائمة بكل العادات التي تقوم بها في الأسبوع، ثم اسأل نفسك الأسئلة التالية:

    هل تتماشى هذه العادة مع أهدافي؟
    هل أستمتع بهذه العادة؟
    هل أفعلها فقط بسبب العادة أو الضغط الاجتماعي؟

نقطة مهمة فيما يتعلق بتنظيف العادات، لا بد من استبدال العادات القديمة بأخرى جديدة تحل محلها كي لا يعيدنا الفراغ إلى ذات العادة، وبذلك ستُحرّر أيضا مساحة إضافية من مزاجك.

فوضى الروح:

والروح أيضا تُصيبها الفوضى.. تلتصق بها شوائب صراعاتنا.. خيباتنا.. خذلاننا، كيف نتخلص من فوضى الروح؟ لا تصفو الروح إلا بالتجرد والتأمل والخلوة.. ألخّص الفكرة بأن الروح إذا صفــــــــت رقت وإذا رقــــــت اطمأنت.. وربما هذا ما ينقصك ويصيبك بالفتور.

أنت الآن بعد كل ذلك قمت بإعادة ضبط المصنع وتحتاج إلى تنزيل علاقات جديدة، عادات جديدة، أنت صاحب القرار باختيارها لتحصل على أداء عالي الجودة يطول ما أمكن.