متعة عيش فاخر تعد بها فسحة استحدثت

في وادي كوتشيلا لتكون فضاء للاستجمام

والمغامرات في الهواء الطلق.

 

يحكي آلان كواترماين، بطل الرواية الخرافية King Solomon’s Mines «مناجم الملك سليمان» من عام 1885، والذي كان يحاكي في أوانه شخصية إنديانا جونز الشهيرة، فيقول: «بحلول ظهيرة اليوم الثالث من مسيرتنا، لمحنا أشجار الواحة. ولم تكد تمر ساعة على غياب الشمس حتى وجدنا أنفسنا نسير مجددًا فوق العشب ونصغي إلى خرير المياه». إن تخيلت الواحة التي حكى عنها كواترماين وقد اتسعت لتتجلى فضاء فردوسيًا رحبًا بحجم منتجع، فقد تجد في هذه الصورة إيحاء إلى ما ينتظر المسافرين إلى هذه الواحة العصرية الممتدة على مساحة 37 فدانًا في وادي كوتشيلا.

 

تحتضن هذه الفسحة مسكنًا من 11 حجرة ينبسط على مساحة 40 ألف قدم مربعة، إضافة إلى مزرعتين، إحداهما لإنتاج التمور، والأخرى لتربية الأحصنة المستخدمة في أعمال الزراعة والحراثة، وملعب غولف من تصميم كلايف كلارك يمتد على مساحة 6 فدادين. كما جُهزت هذه الملكية ببحيرة ضخمة، وأقنية مائية، وحديقة للحيوانات الأليفة، وممرات للخيول والدراجات الهوائية، وملاعب لكرة المضرب، ومسبح وناد صحي، ومنصة لهبوط الطائرات المروحية.

 

تتزين الحجرة الفسيحة المواجهة للبحيرة بأريكة مقطعية وكرسيين دوارين من إيه رودان تتدثر جميعها بكسوة من قماش Great Plains.

تتزين الحجرة الفسيحة المواجهة للبحيرة بأريكة مقطعية وكرسيين دوارين من إيه رودان تتدثر جميعها بكسوة من قماش Great Plains.

 

يضم الفريق الذي تولى تصميم هذه الواحة مهندسة التصاميم الداخلية دوروثي ويليتس، ومارك برادشو من شركة الإنشاءات برادشو كونستراكشن، والمهندسة الخبيرة في تنسيق المواقع الطبيعية آن أتينغر. وإذ يعلق المهندس المعماري غريغوري ج. سميث على مهمة فريق التصميم، فيقول: «لقد حولوا قطعة أرض مسطحة إلى فضاء يصعب تصوره، أو بتعبير آخر إلى مكان يتجاوز حدود الواقع».

 

يزهو الجناح الرئيس بإطارين تعرض في كل منها دمية ظل إندونيسية، زيادة على مصباح من مجموعة أرماني كازا، وأريكة مقطعية من إيه رودان.
يزهو الجناح الرئيس بإطارين تعرض في كل منها دمية ظل إندونيسية،
زيادة على مصباح من مجموعة أرماني كازا، وأريكة مقطعية من إيه رودان.

 

"ينبغي أن يكون كل عنصر معتمد ترابيا في اللون والتركيبة، جوهريا وباعثا على التأمل،

ليعكس إذ ذاك طابع منزل فاخر يستلهم العيش في رحاب الجزر ويزهو بإيحاءات من جزر الكاريبي وجنوب المحيط الهادئ"

 

الواقع هو أن هذا المكان يتجاوز حدود المألوف حقًا، سواء على مستوى المفهوم التصوري أو على مستوى التنفيذ. فبحسب ما يوضح برادشو، كانت الأرض في حالتها البدائية تشكل مرعى لحيوانات المزارع. ويستطرد برادشو قائلاً: «ولأن المشروع يقع خارج تخوم المدينة، اضطررنا إلى مد المرافق الخدمية من على بعد ميل وأكثر». وقد شمل هذا الأمر إمدادات مياه الشفة، والغاز، والكهرباء. وبفعل الحجم الضخم للمشروع، كان لا بد من تعزيز إمكانات البنية التحتية بنحو عشرة أضعاف. وعن هذا يقول برادشو: «يحتاج تزويد بيت نموذجي بالكهرباء إلى لوحة رئيسة لإنتاج الطاقة بقوة مئتي أمبير. أما لوحة إنتاج الطاقة في هذه الواحة، فتبلغ قوتها ألفي أمبير».

 

ابتكرت المصممة دوروثي ويليتس طاولتين مصممتين بحسب الطلب، إحداهما للعبة البلياردو والأخرى لكرة اليد.

ابتكرت المصممة دوروثي ويليتس طاولتين مصممتين بحسب الطلب،
إحداهما للعبة البلياردو والأخرى لكرة اليد.

 

تعود ملكية هذا المشروع إلى مطور عقاري ناشط رياضيًا أوصى بأن تكون المساحات الداخلية والخارجية مترابطة وخالية من العوائق، الأمر الذي اقتضى، بحسب تعبير سميث، من شركة أوبيريون أركيتيكتشور بلاس ديزاين، «استخدام الزجاج بقدر ما تسمح قوانين البناء». وإذ ذاك، جرى اعتماد عدد ضئيل من الجدران الصلبة التي ترتفع من الأرضية إلى السقف. وعن هذا يقول برادشو: «اضطررنا بالنتيجة إلى استخدام مقدار من الفولاذ يفوق ما استُخدم في بناء استاد إنديان ويلز الرياضي المجاور». يُذكر أن هذا الاستاد يستضيف بطولة بي إن بي باريباس المفتوحة لرياضة كرة المضرب.

 

أحد أجنحة الضيوف الأكبر مساحة.

أحد أجنحة الضيوف الأكبر مساحة.

 

تقول ويليتس موضحة: إن فريق التصميم ابتكر في الأساس «جزيرة في قلب الصحراء»، وقد بات لهذا المكان اليوم أسطورة خاصة به. أما اللغة التصميمية الرئيسة المعتمدة للمشروع، فإندونيسية الأصل، ويُراد منها وفقًا لسميث «استحضار أسطورة ثعبان البحر في بالي». لكن المنزل نفسه صُمم بما يجعله أقرب إلى فسحة عصرية للاستجمام والترفيه. لا بد من الإشارة إلى أن تحقيق الطابع الجمالي المنشود في قلب واد قاحل يتطلب قدرًا هائلاً من الحنكة والبراعة التصميمية بما يضمن ألا يبدو المجمع متنافرًا تمامًا مع محيطه. أدركت ويليتس، على سبيل المثال، ألا مجال لاعتماد نقوش تستلهم سعف النخيل، أو ألوانًا زاهية تذكِّر بالشاطئ. ينبغي عوضًا عن ذلك، على قولها «أن يكون كل عنصر معتمد ترابيًا في اللون والتركيبة، جوهريًا وباعثًا على التأمل، ليعكس إذ ذاك طابع منزل فاخر يستلهم العيش في رحاب الجزر، ويزهو بإيحاءات من الكاريبي وجنوب المحيط الهادئ».

 

في المطبخ المخصص للحفلات والملحق بالمنزل الرئيس، جرى تطعيم النضد المستقلة التي صنعت أسطحها من الكوارتز بخزائن مشغولة بحسب الطلب لدى شركة بي كاي ديزاين.

في المطبخ المخصص للحفلات والملحق بالمنزل الرئيس، جرى تطعيم النضد المستقلة التي صنعت أسطحها من الكوارتز
بخزائن مشغولة بحسب الطلب لدى شركة بي كاي ديزاين.

 

ينعكس الطابع الآسيوي للعمارة أيضًا على الظلال اللونية المعتمدة وعلى قطع الأثاث. تقول ويليتس: «تعكس لدي ألوان أخضر نبتة المريمية، والصلصال، وتدرجات الرمادي، شعورًا راسخًا بالسلام والسكينة. أما الأحمر، فيكرِّس الإيحاءات الآسيوية». واللافت أن المصممة كشفت عن سعة حيلة تحديدًا فيما يتعلق باختيار الأعمال الفنية وقطع الزينة، لا سيما أن التحف الأثرية واللوحات الفنية كانت تضفي طابعًا رسميًا مسرفًا على المنزل. كرست ويليتس في المكان عوضًا عن ذلك، طابعًا أكثر حيوية وتناسقًا، وزينته بإطارات متقنة الصنع تحيط بأقمشة بديعة أو بدمى إندونيسية، زيادة على مشغولات محلية متناسقة وزعتها على الطاولات وفوق الرفوف، فأضفت على المساحة روحًا خاصة بها. كان لا بد لتصميم ويليتس من أن يزاوج بطريقة متبصرة بين الأسلوب وأجواء السكينة من أجل ضمان تناغم العناصر كلها مع الماء، والسماء، والإطلالات الأخاذة.

 

  

"لقد حولوا قطعة أرض مسطحة إلى فضاء يصعب تصوره،

أو بتعبير آخر، إلى مكان يتجاوز حدود الواقع"

 

أما الاعتماد الكبير على الفولاذ في بناء المنزل، فلم يسمح باستحداث بنى ناتئة تقي من الرياح وشمس الصحراء الحارقة فحسب، بل أتاح أيضًا رفع الأسقف المكسوة بالأخشاب حتى علو 37 قدمًا. وكان من الضروري أن تكون قطع الأثاث متناسقة ومتوازنة الأبعاد بقدر ما هي مريحة. وعن هذا تقول ويليتس: «أراد الزبون أن تكون المجالس وثيرة أكثر من المعتاد لأنه طويل القامة، ولأن كثيرًا من أصدقائه رياضيون محترفون». وتضيف المصممة قائلة: «صنعنا نماذج لقطع الأثاث من الموسلين لكي يتسنى له تبيّن ما سيكون عليه وضعها لاحقًا».

 

 

كانت السبيل الوحيدة المتاحة لتحقيق المطلوب تقتضي تصميم قطع الأثاث وصنعها بحسب الطلب. وتلفت ويليتس في هذا السياق إلى أن «قطعًا كثيرة صُممت وصُنعت خصيصًا لأجل هذا المشروع، بما في ذلك طاولتا البلياردو وكرة اليد في غرفة الألعاب». وتتابع ويليتس قائلة: «وبالنظر إلى المهلة الزمنية المختصرة المتاحة لإتمام المشروع، كان عليَّ اللجوء إلى أشخاص أعرف أني أستطيع الاعتماد عليهم». والواقع هو أن ابتكار بعض قطع الأثاث المتميزة قد أتاح للمصممة التحكم في عملية إنتاجها. فقد أوكلت على سبيل المثال مهمة صنع المصابيح الخزفية لغرفة المعيشة إلى شركة ميرينا كيم سيراميكز. كما عملت ويليتس عن كثب مع الفنان الفرنسي إتيان مويا لابتكار ألواح من الخشب المنحوت استخدمتها في حجرات عدة، فيما اعتمدت على شركة إيه رودان لتزويدها بمواد التنجيد. تقول ويليتس: «تصنع هذه الشركة منتجاتها كافة في الولايات المتحدة حيث مصنعها في لوس أنجلس. ولأن الزبون يعيش في بيفرلي هيلز، كان من السهل إشراكه في مسار اختبار المنتجات قبل شرائها». (اعتمد برادشو مقاربة مشابهة للأشجار المغروسة فوق «الجزر» التي استُحدثت وسط البحيرة الرئيسة. فقد اصطحب برادشو أعضاء الفريق الموكل إليه تنسيق المساحات الخارجية إلى كاليفورنيا الجنوبية لكي يتنزهوا في بساتين أشجار الزيتون المعمرة ويختاروا بأنفسهم أشجارًا يزيد عمرها على 110 سنوات. يقول برادشو: «كان الأمر سيكون سيئًا إن انتظرنا 30 يومًا حتى موعد استلام الأشجار لنكتشف عندئذ أنها ليست ما نريده بالتحديد»).

 

"كان لا بد لتصميم ويليتس من أن يزاوج بطريقة متبصرة بين

الأسلوب وأجواء السكينة من أجل ضمان تناغم العناصر كلها

مع الماء، والسماء، والإطلالات الأخاذة"

 

 

فيما يتعلق بالمساحات الخارجية، قسمت أتنغر المشروع إلى قطاعات ربعية توزعت كالآتي: مزرعة للتمور تزهو بما يزيد على ألف شجرة نخيل، ومزرعة للأحصنة، ومرعى يمكن استخدامه أيضًا ملعب غولف غير تقليدي، إضافة إلى المجمع السكني. وإذ توضح أتينغر مخططها فتقول: «إن المزروعات المحاذية مباشرة للمنزل الرئيس والقناة المائية تضفي على المكان طابعًا شبه استوائي. أما مساكن الضيوف، فيغلب على محيطها الخارجي طابع صحراوي بسيط ومنسق». وتميز الملكية أيضًا رسومات تجسد حدائق يابانية الطراز.

 

لو أن كواترماين وصحبه مروا مصادفة بهذه الواحة، لكان اكتشاف الكنوز المخبوءة في مناجم الملك سليمان الخرافية، حسب الرواية، ليبدو فجأة فارغًا من أي أهمية. فأي ثروات عساها تضاهي هذه التصاميم الآسرة؟

 

يدور التصميم كله حول الإطلالات. فشعاع الشمس يغمر مثلاً كامل أرجاء حجرة النوم الرئيسة التي ألحقت بها غرفة استحمام داخلية، وأخرى أقيمت في الهواء الطلق.

يدور التصميم كله حول الإطلالات. فشعاع الشمس يغمر
مثلاً كامل أرجاء حجرة النوم الرئيسة التي ألحقت بها
غرفة استحمام داخلية، وأخرى أقيمت في الهواء الطلق.
 

Dorothy Willetts, Willetts Design & Associates
www.willetsdesign.com
Gregory J. Smith, Uberion Architecture + Design
www.uberion.com
Mark Bradshaw, Bradshaw Construction
www.markbradshawconstruction.com
Anne Attinger
www.anneattinger.com