تعاني مايوركا دومًا من هويات متعددة. من الممكن أنك شهدت الجانب النابض لجزيرة بالياريك، أي مشهد حفلة الشاطئ الصاخبة عند مجموعة فنادق فخمة ومتراصة واحدًا تلو الآخر على امتداد ساحل البحر المتوسط. لكن هناك جانبًا أكثر سكينة لهذه الجزيرة الإسبانية يعم أجواء العاصمة بالما. إنها أكثر شاعرية، وأكثر أصالة ولطالما فاقت بهدوئها مثيلاتها من منتجعات الشاطئ المفعمة بالضجيج على الساحل، إلى درجة أن لا أحد غالبًا يهتم بما فيه الكفاية ليشملها بزيارة. لكن في هذا الصيف، تخطو بالما خارج الظلال ليعلو شأنها بوصفها أكثر مكان على الجزيرة صخبًا (وأيضًا، لا بد من القول إنها أصلح) مكان للإقامة.

 

يعود ذلك التحول إلى حد كبير لمجموعة من فنادق الخمسة نجوم الجديدة. لكن الأمر لم يكن على شاكلة ما درج من عمليات استحواذ هائلة لصالح علامات راقية، بقدر ما كان سلسلة من تجديدات مدروسة تستعيد تاريخ مايوركا وثقافتها، إذ إن القوانين الصارمة في بالما فيما يخص تنظيم الأراضي تجعل هذا النوع من التطوير العقاري المفرط في حكم المستحيل. هذا مثلاً فندق Hotel Glòria de Sant Jaume، الذي يتميز، على غرار غالب ما افتُتح هنا العام المنصرم خلال الموجة الجديدة من الملكيات، بواحد من أكثر أبنية معالم المدينة السياحية شهرة وعراقة. إن الفندق الذي يقع ضمن دارة مرممة يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر، يتيه فخرًا بهيكله العريق والأنيق، وبلوحات جدارية أثرية أصيلة وأسقف ذات عوارض، لكنه يتميز أيضًا بوسائل راحة القرن الحادي والعشرين الحديثة، مثل حمام البخار، والحمامات التقليدية، والمسابح.

 

إن ما يبرهن أكثر على أن المباني العريقة قد تغدو أفخم الفنادق هناك هو مبنى Palacio Can Marques، إنه قصر من القرن الثامن عشر يقع على امتداد مرسى بالما. تزخر أجنحته الثلاثة عشر بثريات من زجاج مورانو وبُسط منسوجة يدويًا، ويزهو بعضها بشرفات خاصة. لقد افتتنا على وجه الخصوص بفناء الفندق الأسطوري المؤطر بأعمدة من المرمر على الطراز القوطي، فضلاً عن اليخت الخاص المتاح للإبحار في البحر المتوسط.

 

Hotel Glòria de Sant Jaume
 Hotel Glòria de Sant Jaume

 

إن كان بالإمكان التفوق على ذلك، لا يخامرنا شك في أنه ممكن، فسيكون ذلك لدى فندق Can Bordoy Grand House & Garden إنه الأحدث ظهورًا في جنبات بالما، إذ جرى افتتاحه في شهر يناير كانون الثاني ضمن ملكية تعود إلى القرن السادس عشر أعيد ترميمها وتحتضن 24 جناحًا مزينة بالمخمل والرخام. ما عليك إلا أن تقرع الجرس لتستدعي مساعدك الشخصي عند رغبتك في السباحة، وسيقوم بتجهيز مقعد للاسترخاء داخل الحديقة التاريخية الخاصة التي أعيد زراعتها بأشجار الكرز والزيتون.

 

نجحت بالما أيضًا في خطف الأضواء المسلطة على وجهات تناول الطعام في مايوركا. فلم يعد مرضيًا على الإطلاق تقديم أطباق تاباس عادية في مطاعم معتادة عفا عليها الزمن، إذ ينشط جيل أكثر شبابًا في أن يفي العاصمة قدرها فيما يخص فن الطهي، بدءًا من أندريو جينيسترا  الحائز نجمة ميشلان، والذي افتتح من فوره مطعمه الثاني، بالا روخا Bala Roja، ضمن فندق Hotel es Princep، وصولاً إلى مطعم Adrián Quetglas، الذي أسهم مطعمه الذي يحمل اسمه في فوز بالما مؤخرًا بنجمة ميشلان أخرى. يسعى الطاهي أندريس بينيتز Andrés Benitez في مطعم بوتانيك Botànic ضمن فندق كان بوردوي، إلى زرع بذور إمكانية حصد نجمة أخرى من خلال مطبخه الغني بأطايب أطعمة البحر المتوسط الطازجة، ذلك أن كثيرًا منها مصدره الجزيرة نفسها. في مطعم فيرا Fera الذي تحتشد فيه أعمال فنية، يعمد الطاهي سيمون بيتوتشنغ إلى مزج صنوف أطعمة مايوركا القديمة مزودة بنكهات آسيوية حديثة، كما في طبق اللحم الطري المدخن والمشرب بصلصة الهويسين والبرتقال. فهو طبق تقليدي اشتهرت به الجزيرة ويُروج بنكهة جديدة، لكأنه يشبه إلى حد كبير مدينة بالما ذاتها التي بُعثت من جديد.


www.gloriasantjaume.com
www.palaciocanmarques.com
www.canbordoy.com
www.adrianquetglas.es
www.ferapalma.com