يُعرف إريك شميت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل، بكونه واحدًا من أبرز رجال الأعمال في سيليكون فالي، لكن حضوره لا يقتصر على عالم التكنولوجيا فحسب. فقد امتد نفوذه إلى سوق العقارات الفاخرة، إذ بنى محفظة عالمية تضم مجموعة مختارة من المنازل والقصور التي تجمع بين الموقع الاستثنائي، والقيمة التاريخية، والتصميم المعماري المدروس.

من كاليفورنيا إلى نيويورك، ومن لندن إلى ميامي، تعكس اختيارات شميت لعقاراته ذائقة دقيقة، ورؤية استثمارية بعيدة المدى، وحرصًا على الخصوصية والتميّز. في السطور التالية، نستعرض أبرز محطات شميت العقارية، مع تسلسل زمني وجغرافي يُظهر تطور ذائقته واستثماراته. 

قصر في مونتيسيتو

تتربع هذه القلعة ذات الطابع المتوسطي على مساحة أربعة أفدنة في قلب مونتيسيتو. جرى تصميم القصر في عام 1926 على يد المهندس المعماري الشهير جورج واشنطن سميث، حاملاً توقيع الأسلوب الإسباني الكلاسيكي، مع لمسات فنية تعكس روح الحقبة الذهبية لعصر النهضة في التصميم.

يتكوّن القصر من خمس غرف نوم واسعة، مزودة بستة حمامات تزينها تفاصيل راقية. تُحيط بالمنزل حدائق غنّاء مترامية الأطراف، تتخللها مسارات مشي متعرجة بين ظلال الأشجار، إلى جانب حديقة مخصصة للضيوف تتيح لهم الاستزادة من سكينة الطبيعة.

كما يضم العقار استوديو عمل مُجهّزًا بأحدث التقنيات، يفتح آفاقًا واسعة للإبداع، إلى جانب ملعب تنس. ويكتمل المشهد بمنطقة مسبح فاخرة تضم بيتًا للمسبح مجهزًا بغرفة تبديل ملابس ومدفأة خارجية.

في عام 2006، استحوذ إريك شميت على هذا العقار من الممثلة والإعلامية الشهيرة إلين ديجينيريس، لينضم القصر إلى مجموعة ممتلكاته الخاصة.

قصر في مونتيسيتو

Google Earth

شقة في يلوستون كلوب

ضمن مجتمع يلوستون كلوب Yellowstone Club الحصري، الذي يُعد موطنًا للنخبة العالمية مثل بيل غيتس ومارك زوكربيرغ، يمتلك إريك شميت شقة فاخرة تمتد على مساحة شاسعة تبلغ 9,040 قدمًا مربعة، في واحدة من الوجهات الأكثر تفرّدًا لعشّاق التزلج والغولف. يتميّز هذا النادي الخاص بقدر عالٍ من الخصوصية، إذ لا يتجاوز عدد أعضائه 864 فردًا، ما يعكس طابعه النخبوي.

يمتد يلوستون كلوب على مساحة 2,700 فدان من التضاريس الجبلية، ويوفر 18 مصعدًا للتزلج وأكثر من 100 مسار مخصص، من دون الحاجة إلى تصاريح حكومية، ما يجعل تجربة التزلج فيه مزيجًا مثاليًا من الراحة والترف.

لكن ملكية شميت في هذا المجمّع تتجاوز حدود الاستثمار العقاري، إذ تحوّلت إلى منصة اجتماعية راقية، يستضيف من خلالها قممًا ولقاءات سنوية تجمع كبار قادة العالم في بيئة من العزلة والفخامة.

شقة في يلوستون كلوب

Yellowstone Club

قصر هولمبي هيلز

امتدادًا لاهتمامه بالمباني ذات الخلفية الثقافية، أضاف شميت إلى محفظته قصرًا فرنسي الطابع في هولمبي هيلز. يتربّع القصر على مساحة تبلغ 9,182 قدمًا مربعة، وهو لم يكن مجرد منزل فخم، بل محطة مرّت بها أسماء كبيرة في تاريخ هوليوود، إذ كان في السابق مملوكًا لعائلة أسطورة السينما غريغوري بيك، واستضاف على مرّ العقود ضيوفًا مرموقين من أمثال أودري هيبورن وكاري غرانت، ما أضفى عليه هالة من المجد الهوليوودي والذكريات الراقية.

يضم القصر سبع غرف نوم، وتسعة حمّامات، إلى جانب مصعد داخلي يُسهّل التنقّل بين طوابقه، وحدائق منسقة بعناية وحوض سباحة. وقد اقتنى إريك شميت هذا القصر في عام 2014، مضيفًا بذلك إلى محفظته العقارية تحفة تحمل طابعًا تاريخيًا، وتُجسّد في الوقت نفسه ذوقه الرفيع في اختيار العقارات ذات القيمة الثقافية والرمزية.

قصر هولمبي هيلز

Google Earth

قصر أستور كورتس في راينهبيك

في عام 2016، أضاف إريك شميت إلى مجموعته العقارية جوهرة تاريخية فريدة: قصر أستور كورتس، الذي تبلغ مساحته الداخلية نحو 40,000 قدم مربعة، ويقع وسط مشهد طبيعي آسر يمتد على 50 فدانًا. صُمّم هذا المعلم المعماري عام 1902 على يد المهندس الأمريكي الشهير ستانفورد وايت، ليكون منزل ضيافة وملعب تنس داخليًا لعائلة أستور، إحدى العائلات الأكثر ثراءً ونفوذًا في تاريخ أمريكا. ويُعد القصر مثالاً نادرًا على فخامة طراز Beaux-Arts، الذي يمزج بين التناسق الصارم والزخرفة الفاخرة.

ظل العقار لعقود وجهة حصرية للصفوة، واحتضن مناسبات تاريخية، أبرزها حفل زفاف تشيلسي كلينتون، ابنة الرئيس الأمريكي الأسبق، عام 2010، ما أضفى عليه بريقًا إضافيًا من الحداثة السياسية.

بعد شرائه، لم يكتف شميت بامتلاك المكان، بل شرع في عملية ترميم امتدت لسنوات، أعاد خلالها الحياة إلى تفاصيل القصر الأصلية، محافظًا على طابعه التاريخي مع دمج أحدث التقنيات، ومنها نظام تدفئة جيولوجي صديق للبيئة. 

كما وسّع حدود الملكية بشراء قطعة أرض مجاورة تبلغ مساحتها 55 فدانًا، تضم جناحًا خارجيًا، وحديقة واسعة، ومسبحًا، وذلك لإعادة توحيد عناصر العقار كما كانت في مطلع القرن العشرين. ولم تتوقف طموحاته عند ذلك، إذ يُخطط شميت لإحياء سكة القطار الصغيرة التي كانت تجوب أنحاء القصر في الماضي.

قصر أستور كورتس في راينهبيك

Google Earth

جزر سانسيت في ميامي بيتش

بعيدًا عن الأضواء، شق إريك شميت طريقه إلى ميامي بيتش من خلال سلسلة من عمليات الشراء السرية، التي نُفّذت بعناية على جزر سانسيت. وبقيمة تجاوزت 114 مليون دولار، كوّن شميت محفظة عقارية مذهلة تضم سبع ملكيات رئيسة، بعضها يطل مباشرة على المياه الهادئة لخليج بيسكين، فيما يتميّز البعض الآخر بوجود ملاعب تنس خاصة، ومساحات خضراء مترامية تُعزز من خصوصية المشهد.

لكن طموح شميت في ميامي لم يقتصر على العقارات السكنية، إذ وسّع وجوده نحو الجانب التجاري من خلال دعمه لمشروع تطوير مبنى فاخر متعدد الطوابق في منطقة ساوث بيتش. هذا المشروع يشير إلى رؤية شميت بعيدة المدى لدمج الرفاهية السكنية مع الحضور الاقتصادي المؤثر في واحدة من الأسواق الأسرع نموًا في الولايات المتحدة.

جزر سانسيت في ميامي بيتش

Google Earth

جاي بالي في هولمبي هيلز

في موقع آخر من لوس أنجليس، أضاف إريك شميت إلى محفظته عقارًا جديدًا في هولمبي هيلز. في عام 2021، اقتنى شميت ملكية تحمل توقيع المعماري الأسطوري بول آر. ويليامز، أحد أبرز رموز التصميم في هوليوود الكلاسيكية. يُ

عرف هذا القصر باسم "جاي بالي"، وقد شُيّد في ثلاثينيات القرن الماضي على مساحة شاسعة تُقدَّر بنحو 15 ألف قدم مربعة، محتضنًا 13 غرفة نوم، وصالة سينما فسيحة تتسع لنحو 80 ضيفًا، إلى جانب ملعب تنس مُغطّى ببلاط مزخرف بنقوش سماوية.

لم يتوقف شميت عند حدود القصر التاريخي، بل حرص على توسيع نطاق حضوره في الحي الراقي نفسه عبر شراء منزل عصري بمساحة 3,700 قدم مربعة، يتسم بتصميم معاصر وانفتاح معماري يمنح إطلالات خلّابة على الطبيعة المحيطة. بهذا المزج بين الحداثة والتاريخ، صنع شميت مجمعًا سكنيًا خاصًا يعكس شخصيته المتّزنة.

جاي بالي في هولمبي هيلز

Google Earth

منزل في ويست هوليوود

ضمن خياراته التي تجمع بين البساطة والخصوصية، يمتلك شميت منزلًا إسباني الطابع في ويست هوليوود، يعكس نمطًا مختلفًا عن بقية ممتلكاته. 

يُحاط المنزل ببوابات خاصة، وتبلغ مساحته نحو 4,000 قدم مربعة، ويضم خمس غرف نوم وخمسة حمامات، ويتميّز بتصميم داخلي يعزز مفهوم الحياة المفتوحة، إذ تنساب المساحات الداخلية بسلاسة نحو المسبح والحديقة الخاصة، وسط مطبخ وصالة طعام فسيحة تُتيح تجربة عيش فاخرة في قلب المدينة.

منزل في ويست هوليوود

Google Earth

منزل على شاطئ ماليبو

أما في ماليبو، فقد اختار إريك شميت عقارًا يعكس الطابع الفريد لهذا الشريط الساحلي. يقع العقار ضمن مجتمع ماليبو كولوني، أحد الأحياء السكنية الأشد حراسةً وخصوصية في المنطقة. هناك، يمتلك شميت منزلًا يُجسّد مزيجًا متناغمًا بين البساطة المعمارية والأناقة الساحلية. العقار الذي يعود تاريخه إلى عام 1969، خضع أخيرًا لعملية تجديد شاملة أعادت ابتكاره بروح تصميم منتصف القرن، مع الحفاظ على انفتاحه الخلاب على زرقة المحيط الهادئ.

يمتد المنزل على مساحة تقارب 3,500 قدم مربعة، ويضم ثلاث غرف نوم وخمسة حمّامات. وتُطل غرفة المعيشة ذات السقوف الخشبية المرتفعة على مناظر بحرية آسرة، فيما يُضفي المطبخ لمسة من النقاء العصري على التصميم الداخلي. أما الجناح الرئيس، فيوفّر تجربة إقامة فاخرة مع شرفة خاصة تُطل على الأفق، ويفضي إلى مسبح خارجي يندمج مع طبيعة المكان.

ويكتمل هذا الملاذ الهادئ بوجود بيت ضيافة منفصل، يتيح استقبال الأصدقاء أو العائلة بعيدًا عن صخب المنزل الرئيس، ما يمنح العقار طابعًا وظيفيًا من دون المساس بأجواء العزلة والترف.

منزل على شاطئ ماليبو

Google Earth

إنشانتد هيل في بيفرلي هيلز

في عام 2021، أضاف إريك شميت إلى محفظته واحدة من الأراضي الأكثر إثارة للانتباه في لوس أنجليس: "إنشانتد هيل"، قطعة أرض أسطورية تبلغ مساحتها نحو 120 فدانًا، كانت في السابق مملوكة لـبول ألين، الشريك المؤسس لشركة مايكروسوفت. تقع هذه الأرض المرتفعة فوق منطقة كانيون بنديكت، وتُعد من المواقع النادرة التي توفر إطلالات بانورامية على المدينة والمحيط في آنٍ واحد.

ما يميز "إنشانتد هيل" ليس موقعها الاستثنائي فحسب، بل أيضًا قابليتها الفريدة للتطوير، إذ تنقسم إلى خمس قطع أراضٍ متجاورة، ما يمنح المالك حرية هندسية لتصميم مجمع سكني فائق الفخامة أو تركها بوصفها ملكية شاسعة موحّدة.

وبخلاف من سبقوه، تجاوز شميت الخطط القديمة التي كانت تسعى لتحويل الموقع إلى مشروع سكني ضخم، مفضلاً الحفاظ على إمكانياته مفتوحة، بما يعكس رؤية استراتيجية بعيدة المدى. هذه الخطوة تُعزز من قيمة العقار بوصفه موردًا فريدًا، في سوق يندر فيه التوسّع الأفقي بهذا الحجم والموقع.

إنشانتد هيل في بيفرلي هيلز

Google Earth

منزل نيوتن بي بيكر في جورجتاون

ولم تخلُ محفظة إريك شميت العقارية من بُعد تاريخي له دلالته السياسية. ففي عام 2023، ضمّ شميت واحدة من الممتلكات الرمزية في العاصمة الأمريكية تمثلت بمنزل تاريخي يقع في حي جورجتاون، تعود أصوله إلى أواخر القرن الثامن عشر؛ لكن ما يُضفي على هذا العقار طابعًا استثنائيًا هو ارتباطه بشخصية بارزة من التاريخ الأمريكي المعاصر: جاكلين كينيدي، التي سكنت فيه لفترة بعد اغتيال زوجها الرئيس جون كينيدي.

يمتد العقار على مساحة تفوق 16 ألف قدم مربعة، ويضم 13 غرفة نوم و18 حمّامًا. ومن أبرز ملامحه الداخلية ممرات سرية تُذكّر بجو الغموض والهيبة التي تحيط بالمنازل الرئاسية، إلى جانب غرفة معيشة مزيّنة بأوراق الذهب. أما الجناح الرئيس، فيُطل على حديقة خاصة، توفر ركنًا هادئًا من العزلة داخل واحد من الأحياء الأكثر ديناميكية في واشنطن العاصمة.

باستحواذه على هذا العقار، لا يوسّع شميت نفوذه الجغرافي فحسب، بل يُدخل إلى مجموعته عنوانًا يحمل بُعدًا تاريخيًا نادرًا.

منزل نيوتن بي بيكر في جورجتاون

منزل هولاند بارك في لندن

وفي العاصمة البريطانية، اتجه شميت إلى هولاند بارك، حيث استحوذ على عقار فيكتوري الطراز، ضمن صفقة تعكس اهتمامه بالمواقع المرموقة في الأسواق العالمية. بلغت قيمة الصفقة نحو 54.6 مليون دولار أمريكي، ما يعكس المكانة البارزة للعقار ضمن سوق العقارات الفاخرة البريطانية.

المبنى يتمتع بطابع فيكتوري إيطالي كلاسيكي، وقد جرى تشييده عام 1862، محافظًا على تفاصيله المعمارية الأصلية التي تجمع بين الرصانة البريطانية والزخرفة الأوروبية. ويمتد العقار ليشمل حديقة خاصة منعزلة، ومرآبًا يتّسع لما يصل إلى أربع سيارات، إلى جانب ثلاثة منازل مرفقة تُعزز من مرونة استخدامه سواء للسكن أو الاستثمار.

لكن الأهم من القيمة التاريخية هو ما يخطط له شميت بعد الاستحواذ، إذ ينوي طرح العقار ضمن سوق الإيجار الفاخر في لندن، مستهدفًا شريحة ضيقة من المستأجرين الباحثين عن التميّز المعماري والموقع الاستراتيجي. هذه الخطوة تعكس مرة أخرى استراتيجيته الذكية في المزج بين اقتناء العقارات الأيقونية وتحويلها إلى أصول مدرّة للدخل.

منزل هولاند بارك في لندن

BBC

بنتهاوس سان فرانسيسكو

اختتم شميت سلسلة استثماراته العقارية بشقة بنتهاوس فاخرة في باسيفيك هايتس، مقابل 24 مليون دولار. هذا العقار النخبوي يمتد على مساحة تُقارب 5,700 قدم مربعة، ويقع في موقع مرتفع يمنحه إطلالات بانورامية نادرة على معالم المدينة، أبرزها جسر غولدن غيت وخليج سان فرانسيسكو الهادئ.

بنتهاوس سان فرانسيسكو

The Wall Street Journal

تضم شقة البنتهاوس ثلاث غرف نوم رئيسة، إلى جانب ثلاثة حمامات كاملة وأربعة حمامات صغيرة. وتُحيط بالعقار شُرفات خارجية واسعة تُعزز الشعور بالانفتاح وتفتح المجال للتفاعل المستمر مع المناظر الطبيعية الخلابة.

خضع العقار أخيرًا لعملية ترميم دقيقة، استُوحي خلالها التصميم الداخلي من الطراز الأوروبي الكلاسيكي، مع تفاصيل جورجية تُبرز الفخامة المعمارية، وأرضيات رخامية تُضيف لمسة من الرقي الملموس.