في وقت يشهد فيه قطاع العقارات الفاخرة تحولات متسارعة، يكشف تقرير نايت فرانك لعام 2025 عن نمو غير مسبوق في سوق العقارات السكنية التي تحمل توقيع علامات تجارية. فقد تجاوزت المشاريع العالمية حاجز الألف مشروع في أكثر من 83 دولة، تُجسّدها ما يقارب 80 علامة مرموقة في قطاعي الضيافة والمنتجات الفاخرة، من بينها فورسيزونز والريتز- كارلتون وغيرهما من الأسماء التي ارتبطت تاريخيًا بأرقى معايير الرفاهية.

ولأن المشهد بات أكثر تنوعًا، دخلت علامات السيارات الفاخرة على الخط لتصوغ تجارب سكنية تحمل هويتها المميزة، مثل بنتلي وأستون مارتن، ما فتح الباب أمام حقبة جديدة من التمازج بين عالم الرفاهية السكنية وأناقة التصميم الهندسي الذي لطالما ميّز هذه الدور.

طفرة في عقارات العلامات التجارية

شهد قطاع العقارات السكنية التابعة لعلامات تجارية طفرة غير مسبوقة في العقد الأخير، بعدما تضاعفت أعداد المشاريع والوحدات بوتيرة لافتة. 

فخلال فترة قصيرة نسبيًا، ارتفع عدد هذه المشاريع من 169 مشروعًا فقط إلى أكثر من 611 مشروعًا، فيما قفز عدد الوحدات من 27 ألف وحدة إلى ما يزيد على 162 ألف وحدة.

وفي هذا يقول ليام بيلي، رئيس قسم الأبحاث العالمي في نايت فرانك: "إن هذا الزخم تسارع بشكل ملحوظ منذ عام 2023، مدفوعًا بزيادة الطلب على أسلوب الحياة المرتبط بالعلامات التجارية، ورغبة المطورين في ترسيخ وجودهم ضمن قمة السوق العقاري الفاخر". وبحسب توقعات التقرير، فإن عدد هذه المشاريع مرشّح لتجاوز الألف مشروع بحلول عام 2030، ليصبح هذا القطاع ركيزة أساسية من ركائز الفخامة العالمية.

وإذا كانت الولايات المتحدة لا تزال السوق الأكبر لهذا النوع من التطوير العقاري، فإن هيمنتها بدأت تتراجع أمام صعود لافت للشرق الأوسط، حيث تبرز دبي والسعودية في طليعة المشهد بفضل مشاريع طموحة، ومرافق راقية، ومفاهيم معيشية مبتكرة تجذب المستثمرين والمشترين على حد سواء. 

أما في آسيا والمحيط الهادئ، فيستمر النمو بوتيرة متصاعدة، غير أن البوصلة باتت تتجه أكثر فأكثر نحو المنطقة العربية، التي تحولت إلى نقطة استقطاب رئيسة لرؤوس الأموال العالمية.

ويخص التقرير دبي، في إشارة إلى مكانتها المتصاعدة بوصفها مركزًا يجتذب الأثرياء، ويشهد موجة من التصاميم المعمارية الجريئة وتوسع العلامات الفاخرة في إعادة صياغة مفهوم السكن. 

وقد انعكس ذلك على حجم المبيعات، التي بلغت نحو 100 مليار دولار أمريكي، منها 73 مليار دولار في النصف الأول فقط من عام 2025، لتؤكد الإمارة مكانتها بوصفها إحدى أسواق العقار الفاخر الأكثر ديناميكية في العالم.

تحولات في نموذج العقار الفاخر

رغم أن العلامات الفندقية ما زالت تمثل القوة المهيمنة على السوق، وتشكل نحو 83% من المشاريع القائمة، إلا أن ملامح مرحلة جديدة بدأت تتكشف بوضوح. 

فقد تراجع النموذج التقليدي الذي يربط العقار بالفندق لمصلحة توجه متنامٍ نحو تطوير عقارات مستقلة، على نحو خاص في أمريكا الشمالية والشرق الأوسط، حيث يُنفّذ ما يقارب نصف المشاريع الجديدة من دون فنادق عاملة. هذا التحول يمنح السكان فرصة لاختبار تجربة حياتية مترفة، بعيدًا عن ازدحام الضيوف وضجيج الخدمات الفندقية اليومية.

العقارات السكنية التي تحمل توقيع علامات تجارية تشهد نموًا عالميًا، ودبي تتصدر الريادة

Pexels

وفي موازاة ذلك، تتسع دائرة العلامات المشاركة في القطاع لتتجاوز حدود الضيافة نحو عوالم أخرى، من شركات السيارات الفاخرة إلى دور الأزياء العالمية، في استجابة لتطلعات نخبة الباحثين عن تجربة متفردة وصياغة أنماط معيشية مميزة.

وتبرز ميامي بوصفها مختبرًا حيًا لهذا التوجه، مع مشاريع تحمل توقيع علامات كبرى مثل بورشه وبنتلي، وتُثري الإقامة بمزايا استثنائية تشمل التعاون مع طهاة حاصلين على نجوم ميشلان، وتجارب حصرية للمقيمين، وصولاً إلى تفاصيل غير مسبوقة مثل مصاعد السيارات التي تنقل المركبة مباشرة إلى الشقة.

دبي تقود المرحلة.. لكن السباق مستمر

في قلب هذا النمو المتسارع، تبرز دبي بوصفها ساحة اختبار مثالية للنماذج الجديدة في العقار الفاخر، مع مشاريع نوعية تسعى إلى سد فجوات واضحة في السوق. ومن أبرزها مشروع ديسكفري ديونز Discovery Dunes الذي تطوره شركة ديسكفري لاند كومباني Discovery Land Company، والذي يجمع بين الغولف ونمط الحياة الراقية. 

ويشير مؤسس الشركة ورئيس مجلس إدارتها مايك ميلدمان في تصريحاته لمجلة Robb Report، قائلاً: "من الصعب ممارسة الغولف في دبي حاليًا. 

عندما أطلقنا The Summit Club في لاس فيغاس، كان هناك 100 ملعب يخدم 2.5 مليون نسمة، ورغم ذلك بيع المشروع بسرعة لأنه لم يكن هناك مجتمع يدمج الغولف بنمط الحياة. الأمر نفسه يتكرر في دبي والمنطقة بأكملها".

وإذا كانت دبي قد خطفت الأضواء بوصفها وجهة سبّاقة في هذا التوجه، فإن السباق لم يُحسم بعد؛ إذ تتسابق العلامات الفاخرة في مجالي الضيافة ونمط الحياة إلى توسيع حضورها خارج الولايات المتحدة والشرق الأوسط، باتجاه آسيا والهند حتى مناطق ناشئة في أوروبا، في تأكيد على أن العقار المرتبط بالعلامة التجارية أصبح ظاهرة عالمية تعيد تعريف مشهد الفخامة.