حين ترتفع حرارة السياسة والاقتصاد، تعود المعادن النفيسة إلى الواجهة بوصفها لغة السوق الأكثر صراحة. انعكس ذلك في موجة صعود لافتة هذا الأسبوع دفعت الذهب للارتفاع إلى سعر 4,428.92 دولار أمريكي للأونصة، متجاوزًا قمته السابقة عند 4,381 دولارًا والمسجلة في أكتوبر. وفي المسار نفسه، قفزت الفضة بنسبة 3.4% إلى 69.44 دولار للأونصة، في إشارة إلى أن الزخم لم يعد حكرًا على المعدن الأصفر وحده.

غير أن الدلالة الأهم لا تكمن في تسجيل قمة أسبوعية جديدة بقدر ما تظهر في الصورة الأوسع: حصيلة عام كامل من الصعود المتواصل. فمنذ بداية العام، ارتفع الذهب بأكثر من 68%، مسجلاً أقوى أداء سنوي له منذ 1979، ما يعكس اتساع موجة التحوّط في الأسواق وتحوّلها من رد فعل لحظي إلى اتجاه ممتد. وفي الاتجاه نفسه، لم تكن الفضة مجرد تابع للمعدن الأصفر هذا العام، إذ واجهت أحد أعوامها الأكثر قوة في تاريخها الحديث، فارتفعت قيمتها بنسبة 138% لتسجل أكبر مكاسب سنوية لها منذ أكثر من خمسة عقود، في إشارة إلى أن شهية المستثمرين للمعادن النفيسة اتسعت ولم تظل محصورة في الذهب وحده.

المعادن النفيسة تقفز إلى قمم جديدة.. والذهب يسجل أقوى أداء سنوي منذ عام 1979

Pexels

المشهد لا يتوقف هنا. فقد ارتفعت قيمة البلاتين بدوره بنسبة 5.3% لتبلغ 2,068 دولارًا للأونصة، محققًا أعلى مستوى له منذ أكثر من 17 عامًا، فيما صعد سعر البلاديوم بنسبة 3.2% إلى 1,767.68 دولار للأونصة، وهو أعلى مستوى في قرابة ثلاث سنوات. باختصار: سلة المعادن النفيسة بأكملها تتحرك في اتجاه واحد، مع فروق في السرعة وليس في الوجهة. وبحسب توقعات السوق، قد يواصل الذهب والفضة مسارهما الصعودي خلال عام 2026، مدعومين باستمرار بحث المستثمرين عن ملاذات تحافظ على القيمة وسط ضبابية المشهد العالمي.

أما التأثير الأكثر قربًا من حياة المستهلك فيظهر داخل صناعة الساعات والجواهر، إذ إن الارتفاع المتواصل في أسعار الذهب يضغط على التسعير مباشرة، وهو ما يفسر قرارات مثل رفع رولكس لأسعار ساعاتها الذهبية مع بداية العام.