ارتبط اسم الكافيار عبر العصور بالموائد الفاخرة وولائم الأمراء والحكام، ما جعل كثيرين يطلقون عليه لقب "رولز- رويس الطعام" في إشارةً إلى فخامته. وتسببت الهالة المحيطة بالكافيار في اختلاط الأمر على كثير من الناس حول العالم، لذا نتعرّف معكم فيما يأتي على الكافيار الحقيقي.

المصدر.. أسماك هجينة

يُعرف الكافيار بشكل عام بأنه بيض السمك غير المخصب، لذا فإن جميع أنواع الكافيار هي بيض سمك، ولكن لا يطلق اسم الكافيار على أنواع بيض السمك كلها. فالكافيار مصدره بيض أسماك الحَفش Sturgeon، وهي فصيلة أسماك تتكون من 27 نوعًا مختلفًا من الأسماك.

وتعد أسماك الحَفش من الأسماك الهجينة التي تمضي جزءًا كبيرًا من حياتها في المياه المالحة، إلا أنها تسافر وتتحرك عكس تيارات المياه العذبة لتصل إلى أماكن التكاثر التي تفضلها.

وتؤثر هذه الأسماك العيش في المياه ذات درجات الحرارة المنخفضة إلى جانب المياه شبه الاستوائية، لذلك توجد بكثرة في أمريكا الشمالية والمسطحات المائية المحيطة بها.

وبالرغم من أن أسماك الحَفش توجد في كثير من المواطن الطبيعية، إلا أن أسماك البحر الأسود تحديدًا هي الأكثر شهرة في عالم الكافيار. لذلك يتمتع الكافيار بشهرة كبيرة في إيران وروسيا تحديدًا، ويمكن القول إن أباطرة روسيا هم من جعلوا الكافيار مشهورًا على النحو الحالي.

الكافيار.. طعام الملوك

ألوان ومذاقات

يستخدم بيض الأسماك بكثرة في مختلف مكونات الطعام مثل السوشي، إلا أن بيض سمك الحَفش فقط هو الذي يطلق عليه كافيار، وهو دائمًا دائري الشكل بينما قد يتنوع لونه قليلًا بحسب الأنواع المختلفة داخل فصيلة الحَفش، وتراوح ألوانه من اللون الأسود إلى اللون الكاكي الأخضر.   

كما يختلف طعم الكافيار قليلاً بالاعتماد على موسمه وموطن السمكة وطريقة تخزينه وجوانب أخرى. إلا أن تناوله يشبه تناول الزبدة التي تذوب فور تذوقها، وفي بعض الأحيان يشبه طعم البندق والمكسرات، ويطلق عليه في هذه الحالة اسم Caspian Pop، وهي إشارة للصوت الذي يحدثه الكافيار عندما ينفجر فوق الطبق.

الكافيار.. طعام الملوك

أصناف فاخرة من الكافيار

بالرغم من أن الكافيار يأتي حصرًا من سمك الحَفش، إلا أنه عائلة سمك الحَفش تنتج الكثير من الأنواع التي قد تختلف في موطنها ونوع الطعام الذي تتغذى عليه، لذلك نجد أصنافًا مختلفة من الكافيار ومن أهمها:

كافيار Beluga

يأتي كافيار بيلوغا من أسماك Huso Huso Sturgeon التي تتخذ من البحر الأسود موطنًا لها، ويصل وزن أنثى هذا النوع إلى 1200 كيلوغرام. كما أن كافيار بيلوغا يعد أفخم أصناف الكافيار على الإطلاق، وكان الطعام المفضل لأباطرة روسيا.

ويرى الكثير من المهتمين بالكافيار حول العالم بأن بيلوغا هو الكافيار الأصلي والحقيقي، وأن مختلف الأنواع الأخرى من الكافيار هي تقليد سيئ له ومحاولة لمشابهة طعمه الفاخر، لذا فإن سعر الكيلوغرام الواحد من كافيار بيلوغا يصل إلى 10 آلاف دولار.

كافيار Osetra

يؤمن البعض بأن كافيار أوسيترا هو ثاني أفضل صنف كافيار بعد بيلوغا، وهو يمتاز بلونه الذهبي المميز ويمكن أن يميل لونه إلى اللون البُني أيضًا. ويأتي كافيار أوسيترا بحجم متوسط وطعم غني أشبه بطعم الجوز.

وتتخذ الأسماك التي تنتج كافيار أوسيترا من بحار روسيا موطنًا لها، وهي أصغر قليلاً في الحجم من الأسماك المنتجة لكافيار بيلوغا وتعيش لأعمار طويلة تصل إلى 50 عامًا.

كافيار Sevruga

يأتي الكافيار المستخرج من أسماك سيفروغا في المرتبة الثالثة بين أفخم أصناف الكافيار حول العالم، ولكنه أقل سعرًا مقارنة بغيره، وذلك بسبب وفرة الأسماك التي يستخرج منها، إذ إنها تمتاز بمعدل التكاثر السريع. ولا يقف الاختلاف هنا، إذ إن طعم كافيار Servuga يختلف كثيرًا عن طعم الكافيار التقليدي لأنه لا يذوب في الفم مباشرةً، ويشبه الجوز المقرمش في طعمه. ويراوح لون هذا الكافيار بين الأسود والرمادي.

ولا تقتصر أصناف الكافيار عند هذه الأنواع الثلاثة، إذ توجد الكثير من الأنواع الأخرى مثل كافيار المحيط الهادئ والكافيار السيبيري. كما أن الأبحاث أنتجت مجموعة متنوعة ومختلفة من الأسماك الهجينة التي تنتج كافيارًا ذا جودة وكفاءة عالية.

الكافيار.. طعام الملوك

أين ينتج الكافيار؟

تسبب البحث والرغبة في الحصول على الكافيار في وضع أسماك الحَفش المختلفة تحت خطر الانقراض، وذلك بسبب ممارسات الصيادين التي كادت تقضي على الأسماك بشكل عشوائي دون تقديم أي حل أو بيئة بديلة، إذ كانوا يصطادون السمك، ثم يقومون بفتح أكياس البيض من أجل استخراج الكافيار، ثم يلقون السمكة مجددًا في البحر حتى تموت، إلى أن تدخلت هيئة حماية الأسماك والحيوانات البحرية في الولايات المتحدة الأمريكية، وقدمت قانونًا يجرم صيد الأسماك المنتجة للكافيار بشكل عشوائي أو شخصي. وبدلاً من ذلك بدأ الاعتماد على حصد الكافيار من أسماك المزارع، لذلك تجد الكثير من المزارع المنتشرة حول العالم مثل الولايات المتحدة ومدغشقر والشرق الأوسط وغيرها من المناطق البحرية الأخرى.

 وبحسب ما قاله رود ميتشيل، رئيس شركة براون للتجارة وأحد أهم موردي الكافيار الفاخر حول العالم، فإن المكان الذي رُبيت فيه الأسماك لا يهم كثيرًا عند إنتاج الكافيار، إذ ما يهم حقًا هو الطريقة التي يجري إنتاج الكافيار بها.

وبالرغم من محاولة الكثير من المزارع حول العالم الوصول إلى تركيبة الكافيار المثالية التي تشبه الكافيار المنتج في مواطنه الطبيعية، إلا أن الطعم يختلف كثيرًا بسبب اختلاف نوع الطعام الذي تتناوله الأسماك في مواطنها الأصلية مقارنةً بأسماك المزارع، إذ تتغذى الأخيرة على أطعمة محددة وثابتة من أجل إنتاج كافيار متماثل في الطعم والجودة طيلة العالم.

وبشكل عام فإن الكافيار المنتج في البيئة الطبيعية للأسماك يتفرّد بطعم أغنى مقارنة بمذاق الكافيار المنتج في المزارع، لذلك فإن الطلب عليه أكبر وسعره دائمًا أغلى من سعر كافيار المزارع.

أصبحت أسعار الكافيار في متناول كثيرين الآن بسبب تنوع المزارع وكثرتها، إلا أنك عندما تتجه إلى الكافيار الأغلى في السعر، فإنك تحصل على أفضل جودة يمكن الوصول إليها، لذا فإن أسعار الكافيار تزيد تصاعديًا حتى تصل إلى كافيار بيلوغا الأفخم والأغلى سعرًا.

ويعد الكافيار الروسي هو أفخم أنواع الكافيار، إلا أن روسيا توقفت عن تصديره، لذلك فإن أي منتج يحمل علامة الكافيار الروسي إما منتج مهرب أو مزور يحاول الاستفادة من سمعة روسيا في عالم الكافيار.

الكافيار.. طعام الملوك

كيفية تخزين الكافيار

يعد الكافيار من المنتجات السمكية التي تتأثر بالحرارة، لذا ينبغي تخزينه في مكان بارد للغاية في درجة حرارة بين 1 و 3 درجات مئوية، ويمكن أن تظل علبة الكافيار غير المفتوحة صالحة للأكل في هذه الدرجة حتى أسبوعين، ولكن يتغير طعم الكافيار بشكل طبيعي إلى طعم أكثر ملوحةً كلما احتفظت به أكثر، لذلك من الأفضل أن تتناوله طازجًا.

علامات تلف الكافيار

ابتكر الطاهي المرموق دانيال بولود منذ أكثر من عشرين عامًا نظامًا لتقييم الكافيار وأطلق عليه Three T's، ويعتمد هذا النظام على ثلاثة عوامل رئيسة، إذ يجب أن يكون طعم الكافيار مناسبًا وليس حامضًا أو مالحًا أو غريبًا، كما ينبغي أن يكون الملمس متناسقًا ومتماسكًا ويمكن فصل حبيباته بلسانك، وأخيرًا يجب أن يكون لونها واضحًا ونقيًا مع لمعة مناسبة.

ويرى البعض أن الكافيار يجب أن يعامل مثل المحار، لذلك إن كان طعمه مالحًا أو غريبًا فهو كافيار فاسد أو مخزن.

الكافيار.. طعام الملوك

أفضل طريقة لتناول الكافيار

تختلف المدارس عندما يتعلق الأمر بتناول الكافيار، حيث يرى الطاهي الفرنسي إيريك ريبرت -المهتم بالكافيار ومالك شركة سابقة في مجال الكافيار-  أن الكافيار لا يحتاج إلى أي محسنات طعم أو طهو، إذ يمكنك تناوله بسهولة دون استخدام الأدوات المعدنية، وذلك لأنها تؤكسد الكافيار وتسبب تغير طعمه.

ويرى البعض الآخر أنك تستطيع تناول الكافيار مع فطيرة بيليني إلى جانب كريمة طازجة أو مع قطعة من الخبز الأبيض فقط، ولكن هذا لا يعني أنك لا تستطيع طهي الكافيار أو دمجه مع الوجبات المختلفة.   

ويقوم ريبرت نفسه بتقديم الكافيار مع الجبن المشوي وفي بعض الأحيان الأخرى مع لحم الواغيو الفاخر، ويبتكر الطاهي جان جورج فونغريشتن وجبات جديدة دائمًا عبر المزج بين الكافيار والمكونات الأخرى مثل البيض والليمون والبطاطس والزبادي والأعشاب المختلفة.

ويرى ريبرت أن التجربة في تجهيز الكافيار ودمجه مع الأطعمة المختلفة ليست أمرًا جديدًا، إذ يقول إنه عمل في أحد المطابخ عام 1983 وكانوا يدمجون الكافيار بكثرة في مختلف وجباتهم، كما أن انتشار مزارع الكافيار وطرق استيراده القانونية ساعد كثيرًا على دمجه في الكثير من الأنواع المختلفة للطعام وأتاح للكثيرين تجربته وتقديم ابتكاراتهم به.

ومهما كانت الطريقة التي ترغب في تناول الكافيار بها، فإنه لا توجد طريقة خاطئة لتناوله، وذلك لأنه يعد طعامًا فاخرًا بحد ذاته دون الحاجة إلى أي محسنات، ولو لم يكن هكذا لما أصبح غذاء الأباطرة والملوك حول العالم.