وسط عبير النسيم المتوسطي الذي يعانق مياه الخليج ويترك أثره على تفاصيل فندق جميرا مرسى العرب، يطل مطعم ريالتو Rialto بوصفه إحدى وجهات الضيافة الراقية التي تجمع بين رهافة التصميم الإيطالي وروح الحداثة في دبي. لا يكتفي المكان بتقديم تجربة طهو أصيلة، بل ينسج رحلة بصرية تتدرّج من فخامة التفاصيل إلى هدوء الأجواء، إذ تتجسّد الأناقة في كل زاوية وكأنها مشهد مقتبس من إرث البندقية العريق.

لغة التصميم.. بين الكلاسيكية والعصرية

في هذا الركن الذي يحمل روح الطراز البندقي العريق، يتجسد التقاء الحِرفة الفنية بالتصميم المعاصر في مشهد يوازن بين البذخ والصفاء. كل تفصيل في مطعم ريالتو يؤدي دوره في صياغة هوية المكان، من الأرضيات المصقولة التي تعكس الضوء مثل صفحة ماء هادئة، إلى الجدران التي تكتسي بطبقات من الدفء والعمق، فتبدو كأنها تحفظ في نسيجها ذاكرة الحجارة الإيطالية القديمة وقد أعيد تفسيرها بلمسة عصرية دقيقة.

تتوزع الإضاءة بذكاء يبرز ملمس المواد ويكشف جمال تناسقها، فيما الخشب والرخام ينسجان معًا توازنًا بصريًا، إذ لا يغيب حس الفخامة، لكنه يتجلّى في الهدوء المدروس لا المبالغة.

لغة التصميم.. بين الكلاسيكية والعصرية

JMAA Rialto

أما الإطلالة المفتوحة على قلب المنتجع، فتمنح امتدادًا بصريًا يربط الداخل بالخارج، ليصبح المشهد جزءًا من التجربة المعمارية، وليس مجرد خلفية جمالية. ومع امتداد الأفق، تنساب الموسيقى الإيطالية بخفةٍ تكمل الإحساس بالانسجام. في مطعم ريالتو، تصبح الضيافة امتدادًا للفكرة نفسها؛ تُتاح التجربة كأنها تصميم آخر، قائم على التوازن والدقة والرُقي الذي يخلو من الزخرفة الزائدة، ليؤكد أن الفخامة الحقيقية تنبع من البساطة حين تُصاغ بإتقان.

لغة التصميم.. بين الكلاسيكية والعصرية

JMAA Rialto

فنّ الطهو كما يرويه روبيرتو ريسبولي

في قلب هذه التجربة يقف الطاهي روبيرتو ريسبولي القادم من مدينة بومبي حاملاً إرثًا طهويًا يُجسّد أكثر من عشرين عامًا من الإبداع في مطابخ أوروبا الفاخرة الحاصدة لنجوم ميشلان. عُرف ريسبولي بقدرته على تحويل النكهات المتوسطية إلى سرد بصري تُروى فيه الحكاية عبر طبق من الباستا أو مقبلات بحرية تُقدم بجانب الطاولة بتلك اللمسة المسرحية التي تُضيء اللحظة. وبأسلوبه الخاص، يمزج الطاهي بين تقنيات الطهو الحديثة وتقاليد المطبخ الشمالي الإيطالي، ليبتكر أطباقًا تفيض بالأناقة والبساطة في آن واحد.

من ملامح توقيعه الإبداعي تأتي قائمة غداء العمل بعنوان برانزو أوكلوك Pranzo O'clock، التي صُممت لتناسب وتيرة الحياة العملية من دون التنازل عن روح المطبخ الإيطالي. تبدأ التجربة بالسلطات الموسمية الطازجة وأطباق الباستا المحضّرة أمام الضيوف، مثل طبق تروفيه أل بيستو Trofie al Pesto الذي تميزه صلصة الريحان، إلى جانب أطباق اللحم والمأكولات البحرية المعدة من أجود المكونات المتاحة يوميًا. ولا يكتمل المشهد إلا مع لمسة الحلويات الإيطالية التي يبرع فيها المطعم، يتصدرها طبق التيراميسو الكلاسيكي الذي يُقدَّم بجانب مثلجات محضّرة داخل المطعم، ويُعد جزءًا أصيلاً من الثقافة الإيطالية.

فنّ الطهو كما يرويه روبيرتو ريسبولي

JMAA Rialto

رحلة النكهات بتوقيع ريالتو

ولا تقتصر التجربة في ريالتو على الأطباق التقليدية التي يعرفها عشّاق المطبخ الإيطالي، بل تمتد إلى قائمة تزدان بروائع خاصة تعكس الشخصية الإبداعية للطاهي روبرتو ريسبولي. من بينها طبق بيكورينو أل تارتوفو Pecorino al Tartufo  الذي يحتفي بالكمأة السوداء عبر مزيج متقن من النكهات الترابية والعطرية، ويقدَّم بطريقة تُبرز البساطة الراقية للمكونات الأصلية. يليه طبق كارباتشيو دي تونو أل تارتوفو نيرو Carpaccio di Tonno al Tartufo Nero، وتحية للبحر تُقدَّم في هيئة شرائح تونة دقيقة تتلألأ بزيت الزيتون البكر ونكهة الكمأة المتوازنة.

أما طبق الرافيولي Il Raviolo di Rialto المحشوة بجبن الريكوتا والزبدة والمريمية، فيحاكي فلسفة المطبخ الشمالي في الجمع بين الدفء الريفي والدقة الحضرية في المذاق والعرض معًا. ويأتي طبق الفيتوشيني Fettuccine Manzo e Parmigiano  ليكمّل التجربة ويعبّر عن عمق المطبخ الإيطالي كما يراه ريسبولي: تجربة حسّية متكاملة تُحترم فيها المواد وتُقدَّم بلمسة فنية مدروسة.

رحلة النكهات بتوقيع ريالتو

JMAA Rialto

ما يجعل تجربة ريالتو متفردة هو هذا التوازن الدقيق بين الفخامة والتناغم، فلا شيء يعلو على صوت المذاق الحقيقي. كل طبق بمنزلة قصيدة قصيرة تُروى برهافة، وكل زاوية من المطعم تحمل توقيعًا فنيًا يليق بمكان يجمع بين الحداثة الساحرة وروح البندقية الأبدية.