منذ انطلاقتها الأولى في حيّ جاكس بالدرعية قبل خمس سنوات، رسّخت مؤسسة بينالي الدرعية حضورها بوصفها جسرًا يربط الفن بالمجتمع، وأسهمت في تحويل الحي التاريخي إلى مركز إبداعي يحتضن الحوار الثقافي ويعكس روح التحوّل التي تشهدها المملكة. ومع كل دورة جديدة، كانت المؤسسة تكتب فصلاً جديدًا في مسيرة الفن السعودي المعاصر، جامعـةً بين الرؤية المحلية والطموح العالمي.
واليوم، تتأهب الدرعية، القلب الثقافي النابض للمملكة العربية السعودية، لاستقبال الدورة الثالثة من بينالي الدرعية للفن المعاصر 2026، أحد المحافل الفنية الأبرز في العالم. 

ويعود البينالي هذا العام تحت رؤية فنية جديدة تنطلق في 30 يناير 2026، مواصلاً دوره في صياغة مشهد فني يعبر عن تحولات الزمن السعودي، ويربط بين ماضي الجزيرة العربية الغني بالحكايات، وحاضرها المتسارع نحو آفاق الفن العالمي.

في الحِلّ والترحال.. رؤية تنسج خيوط الحركة والذاكرة

ينطلق بينالي الدرعية للفن المعاصر 2026 من قلب الدرعية التاريخية، حيث تتجدد الحكاية بين جدرانها الطينية وروحها الضاربة في عمق الذاكرة، ليقدّم تجربة فنية ثرية تُبرز كيف صنعت الهجرة والتنقّل عبر القرون جسورًا من التواصل بين الخليج العربي وثقافات العالم.

تحت عنوان "في الحِلّ والترحال"، تنسج الدورة الثالثة من بينالي الدرعية للفن المعاصر رؤيتها من إرث المجتمعات الرحّالة في جزيرة العرب..

مستلهمةً من حركة البشر والرياح والحكايات التي عبرت الصحراء لتصنع ذاكرةً مشتركة بين الثقافات.

ومن خلال أكثر من عشرين عملاً فنيًا جديدًا، يتحول البينالي إلى مساحة مفتوحة للحوار تجمع بين الفنانين والموسيقيين والمخرجين والكتّاب والمعماريين في تجربة حسية متعددة الأوجه تُعيد تعريف العلاقة بين الفن والحياة.

بينالي الدرعية للفن المعاصر 2026.. رحلة فنية تستكشف معاني الحركة والارتحال

Diriyah Biennale

يشارك في صياغة هذه التجربة كوكبة من الأسماء البارزة على الساحة الفنية العالمية، من بينهم بيو أباد، رند عبدالجبار، عهد العمودي، عفراء الظاهري، محمد الحمدان، رُبى السويل، تيسير البطنيجي، يوسف أغبو-أولا، رافين تشاكون، روهيني ديفاشر، ميرفه إرطفان، إيفانا فرانكه، رحيمة غامبو، بيتريت هاليلاي، عزيز هزارة، ألانا هانت، يزن الخليلي، جورج ماهاشي، تيو ميرسييه، نور مبارك، نانسي منير، حسين ناصر الدين، دانيال أوتيرو توريس، تاو نغوين فان، غالا بوراس-كيم، ساركر بروتيك، مجموعة رقص ميديا، أوسكار سانتيان، تشونغ كونغ تونغ، وولف للعمارة، أغوستينا وودغيت، ويو جي.

تُجسّد هذه الرؤية الطموحة التوجّه الاستراتيجي لمؤسسة بينالي الدرعية إلى ترسيخ حضور الفن السعودي عالميًا، وهو ما أكّدته الأستاذة آية البكري، الرئيس التنفيذي للمؤسسة، بقولها: "يسعدني أن أرى ملامح الدورة الثالثة من بينالي الدرعية للفن المعاصر وقد بدأت تتشكل بهذه الصورة المميزة. 

فمنذ انطلاقته الأولى قبل خمس سنوات هنا في حيّ جاكس بالدرعية، عمل البينالي على بناء جسور التواصل مع جمهور الفن والثقافة محليًا ودوليًا. وتأتي هذه الدورة استكمالاً لهذه المسيرة". 

بينالي الدرعية للفن المعاصر 2026.. رحلة فنية تستكشف معاني الحركة والارتحال

Diriyah Biennale

قيادة فنية تحمل خبرة ورؤية عالمية

يقود بينالي الدرعية للفن المعاصر 2026 كلٌّ من نورا رازيان، نائب المديرة ورئيسة المعارض في مؤسسة فن جميل بدبي وجدة، وصبيح أحمد، القيّم الفني والمنظّر الثقافي المعروف، إذ يجتمعان على رؤية تُعيد رسم ملامح المشهد الفني من قلب الدرعية إلى العالم. 

ويعضدهما فريق دولي من القيمين الفنيين يضم معن أبو طالب ومي مكي وكابيلو مالاتسي ولانتيان شي، في توليفةٍ تجمع بين الخبرة العالمية والحس الإبداعي المتجدد.

بينالي الدرعية للفن المعاصر 2026.. رحلة فنية تستكشف معاني الحركة والارتحال

Diriyah Biennale

أوكل تصميم المساحات المعمارية إلى استوديو فورما فانتازما العالمي، ليمنح المعرض بعدًا بصريًا ينصهر فيه الفن بالتصميم في لغة معاصرة تنبض بالحركة والضوء، فيما يتولّى المعماري المقيم في ميلان سامي زرقة مهمة التصميم المعماري المساعد، في تجسيدٍ لتعاونٍ عالميٍّ يحتفي بروح الابتكار، ويجعل من البينالي مساحةً تتقاطع فيها الفنون والهويات والثقافات.

في تعبيرٍ عن الرؤية التي تقود هذه التجربة الفنية العالمية، يقول المديران الفنيان للبينالي نورا رازيان وصبيح أحمد: "في هذه المنطقة، تبلورت علاقات وأنماط متنوعة من أشكال السَير والارتحال. فحركة الرياح وتدفق التجارة وموجات الهجرة والشتات، كلها ظواهر حملت معها حكايات وأغاني ومفردات، ونتجت عنها إيقاعات وبحور شعرية، مثل بحر الرَّجَز. 

التأمل في هذا العالم المتغير، وما ينطوي عليه من احتفاء بمختلف أشكال الحركة، يفتح أمامنا نافذة لفهم مكوناتنا الثقافية من منظور التبادل والانتقال، وتتبع مسارات الارتحال وتقاطعاتها، كما يمنحنا الفرصة لإعادة سرد حكايات الشتات التي بقيت حية في الأجساد والمواد والإيقاعات والأنغام".