في الساعات الأولى من ليلة صيف معتدلة الطقس في بلدية مولشيم بفرنسا، أطالع وهج كوكب المشتري عاليًا في السماء الليلية من محيط شاتو سان جان Château St. Jean القائم على نحو 17 فدانًا من الأراضي منذ 165 عامًا.

أُمضي الليلة في هذا القصر الخيالي الذي اشتراه إيتوري بوغاتي، مؤسس شركة السيارات الفرنسية الشهيرة، في عام 1928.

حتى وقت قريب، ظل هذا المكان مغلقًا في وجه العموم، باستثناء العاملين الذين يحرسون الملكية، ما يعني أن هذه الفرصة نادرة جدًا، تقتضي رقابة شديدة، وتتطلب ترك جواز سفري عند بوابة الأمن. فأهلاً بكم معي في حصن بوغاتي.

لم يكن المقر الرئيس للعلامة التجارية محرّمًا دائمًا، إذ كان من المعروف أن إيتوري يستضيف الزبائن قبل تسليمهم سياراتهم.

وكان بوسعهم أيضًا الإقامة في فندق بور سانغ Pur Sang القريب من مقر بوغاتي، على ما فعلت عارضة الأزياء والمشاركة في سباق الجائزة الكبرى هيلين نيس عندما قدمت في عام 1929 لتسلم سيارتها من طراز Type 35C المبتكرة حسب الطلب.

على غير ما كان عليه حال نيس، أقمت داخل قبة جيوديسية تقع خلف القصر مباشرة، وتشبه فسحة للتخييم الفاخر تزدان بمفروشات من بوغاتي، ويدعمها نظام مستقل للتحكم في درجة الحرارة.

وما يثير الاهتمام هو أن تجربة مولشيم النادرة هذه دفعت بالشركة إلى البحث في إمكانية تحويلها إلى برنامج موجه للزبائن، ما من شأنه إحياء الأيام التي كان فيها شراء سيارة من الطراز الرفيع يتضمن إقامة حصرية ولكن في عالم السيارات.

عندما أوصلتني سيارة إلى القصر، رحت أرتشف القهوة وأتذوق بعض الوجبات الخفيفة التي أعدها طاهي بوغاتي الخاص. وفي استوديو التصميم، قدم الفريق عرضًا حصريًا لآخر سيارة شيرون مجازة للإنتاج، وهو طراز خاص للقيادة على الطرقات المفتوحة لن يراه الجمهور إلا بعد أسابيع.

بعدها، في المشتل الزجاجي، عاينت بعض مشاريع التعاون الحالية التي أطلقتها العلامة، مثل تعاونها مع شركة IXO Carbon والذي تفتق عن طاولة بلياردو مصنوعة من ألياف الكربون قيمتها 300,000 دولار. وفي منطقة Remise Sud، عاينت نظامًا صوتيًا من Tidal يحاكي هيكل مكبراته هيكل سيارات العلامة الرائع.

وما كان المكان ليخلو بالطبع من تصميمات بوغاتي التاريخية، وليس تلك الخاصة بالسيارات فحسب، فإلى جانب سيارة Royale Type 41 التي تبدو صفائحها المعدنية وكأنها تمتد ميلاً كاملاً، وهي واحدة من أصل ست سيارات متبقية من هذا الطراز، استطعت معاينة مكتب بجماليات مبهرة من تصميم كارلو، والد إيتوري.

 تزدان فسحة للتخييم الفاخر في القبة الجيوديسية بمفروشات من بوغاتي، ويدعمها نظام مستقل للتحكم في درجة الحرارة.

Enes Kucevic/Bugatti
تزدان فسحة للتخييم الفاخر في القبة الجيوديسية بمفروشات من بوغاتي، ويدعمها نظام مستقل للتحكم في درجة الحرارة.

ولكن منتهى الإثارة كان فرصة أخذ سيارة بوغاتي طراز Type 51 من عام 1932 في جولة حول أراضي القصر.

تزهو السيارة بأبعادها الرشيقة المتناغمة مع محرك كثير الجلبة من ثماني أسطوانات معزز بشاحن توربيني، فتبدو مثل كبسولة زمنية باهرة تضج بالصخب الميكانيكي.

يتكتم المسؤولون في بوغاتي حول ما إذا كان ثمة برنامج مستقبلي للزبائن قد يشتمل على مثل هذه التجارب النادرة، ويقرّون بأن تجهيز القصر لاستقبال السياح، مهما كان عددهم صغيرًا، أمر في غاية "التعقيد".

ولكن من الواضح أن العلامة تدرك المورد الهائل المتاح بين يديها وتتطلع إلى الاستفادة منه.

جولة فاخرة في الأرجاء على متن سيارة بوغاتي Type 51 من عام 1932 تثري هذه التجربة النادرة.

Enes Kucevic/Bugatti
جولة فاخرة في الأرجاء على متن سيارة بوغاتي Type 51 من عام 1932 تثري هذه التجربة النادرة.

وفي هذا قال سيدريك ديفي، مدير عمليات بوغاتي في الأمريكتين: "اشترى إيتوري بوغاتي هذا القصر عام 1928 بلا نية للعيش فيه. لقد أراد موقعًا فخمًا للترفيه عن زبائنه الأكثر ثراء، بمن فيهم الملوك، وإلهامهم".

وأضاف ديفي أنه عندما اشترت مجموعة فولكس فاجن حقوق اسم بوغاتي في عام 1998، "كانت مهمتهم الأولى الاستحواذ على العقار الأصلي وإحياء العلامة التجارية بشكل لائق من هذا الأساس".

ربما لا وقت أفضل من الآن لتحلّ ضيفًا على بوغاتي، ذلك أن الاندماج الأخير مع عملاق السيارات الكهربائية ريماك أوتوموبيلي يعني أن قلب مولشيم المتقد بالبنزين سيصبح كهربائيًا عما قريب، حتى في الوقت الذي يتواصل فيه العمل داخل القصر والمشغل المصمم على هيئة حلوى ماكرون، وحيث تُجمع السيارات يدويًا بوتيرة أفضل ما توصف به أنها "متأنية".

وتعلم الإدارة الحالية جيدًا أن التحدي سيكون الارتقاء بمستوى الضيافة المتفرد بحيث تتجسد فيه مقولة إيتوري الشهيرة: "ما دام مشابهًا لمنتج آخر، فإنه ليس من بوغاتي".