كلما كانت الأسماك طازجة، ارتفعت جودتها، ومن ثم مكانة الوجهة التي تقدمها، وهي قاعدة شائعة بين محبي المأكولات البحرية. ولكن ظهر أخيرًا اتجاه جديد بين أفخم مطاعم المأكولات البحرية يتمثل بتجفيف الأسماك وتعتيقها لأيام، بل لأسابيع. ورغم أن الأمر قد يبدو للوهلة الأولى غير مفهوم، لأن الأسماك تعد من أكثر الأطعمة حساسية، إلا أنه يحمل بين طياته نكهات عميقة ومستويات استثنائية من المذاق والرائحة.

عملية تعتيق الأسماك

تتبع أغلب المطاعم الفاخرة الطريقة اليابانية آيك جيمي عند تحضير الأسماك لعملية التعتيق، وتتمثل باستلام الأسماك طازجة ثم ضربها ضربة واحدة على الرأس - هذه الطريقة تزيد من جودة اللحوم ومدة صلاحيتها - يتبع ذلك صنع فتحة في الرأس لإخراج الدماء، ثم صنع شق من الرأس حتى الذيل عبر الحبل الشوكي حتى تتوقف السمكة عن الحركة تمامًا، يتبع ذلك إزالة الأحشاء والدم من تجويف بطن السمكة، ثم إزالة الخياشيم. هذه الخطوات بالترتيب نفسه ستجعل لحم السمكة أكثر رقة. في النهاية، يمكن وضع الأسماك على الجليد حتى تخلو من الدماء تمامًا، حينها ستصبح في حالة مثالية لدخول أجهزة التعتيق مثل DRY AGER.

كلما زادت كمية الدهون التي تحتوي عليها السمكة، زادت المدة التي يتطلبها تعتقيها، إذ تبقى الأسماك الخالية من الدهون في جهاز التعتيق من يومين إلى أربعة أيام، بينما تبقى الأسماك الدهنية مثل السلمون الملكي لمدة أسبوعين أو أكثر. ورغم أن طريقة التعتيق واحدة لمختلف أنواع الأسماك، إلا أن النكهات تختلف كثيرًا باختلاف هذه الأنواع، لذا يوصي كبار الطهاة بسمك الكنعد والسلمون الملكي والبرمون والنهاش والبرانزينو والغندوري.

تعد عملية التعتيق للأسماك وسيلة مثالية للتعامل مع الهدر في المطاعم، وهو ما جذب اهتمام كثير من الطهاة المهتمين بالاستدامة، إذ تستطيع المطاعم شراء مزيد من الأسماك الكبيرة والاحتفاظ بها لفترة طويلة، كما هو الحال مع اللحوم الحمراء الجافة.

رغم كون عملية التعتيق الحالية حديثة نوعًا ما، نظرًا لاستخدامها أجهزة تبريد وتعتيق تكنولوجية، فقد تنوعت طرق الاحتفاظ بالأسماك عبر التاريخ، مثل التخمير والتخليل وغيرها من الأساليب التي رفعت من جودة الأسماك وفترة صلاحيتها في كثير من الحضارات القديمة.