أن تكون الرئيس التنفيذي لشركة ناشئة ناشطة في قطاع الطائرات الكهربائية القادرة على الإقلاع والهبوط عموديًا، فذلك قد يبدو تقهقرًا إلى الوراء إذا كنت قبلها عالم صواريخ مدرّبًا في وكالة ناسا.

ولكن جايوون شين يرى فيها وظيفة أحلامه، وهي وظيفةٌ أعقبت وظيفة أحلامه السابقة المختلفة تمامًا. بعد الحصول على شهادة الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية من جامعة فرجينيا للتكنولوجيا، بدأ شين، المولود في سيول، مساره المهني الذي امتد 30 عامًا مع وكالة ناسا، وتقاعد في عام 2019 عندما كان مسؤولاً مشاركًا في إدارة مهام أبحاث الطيران، وهو ثالث أعلى منصب تنفيذي وأعلى منصب مدني في وكالة ناسا.

وخلال هذا المشوار، كان شين عضوًا في عدد من اللجان الرئاسية، كما قاد دراسات عدة حول هياكل الطائرات والمحركات الثورية، وذلك بهدف دمج الاستدامة في قطاع الطيران.

على أن أحدث المناصب التي يشغلها شين، بوصفه رئيسًا لمبادرة التنقل الجوي المتقدم التي أطلقتها هيونداي ورئيسًا تنفيذيًا لشركة سوبرنال التابعة لها والمتخصصة في تطوير الطائرات الكهربائية القادرة على الإقلاع والهبوط عموديًا، تعد مناصب أكثر طليعية، لأنها تتضمن تطوير نوع جديد من الطائرات الكهربائية بالإضافة إلى البنية التحتية الملائمة لها على نطاق واسع يشمل العالم كله.

وقد انجذب شين، الودود والوقور والهادئ، إلى التزام رئيس شركة هيونداي إيسون تشونغ الطويل بتطوير حلول النقل العالمية، وفي هذا يقول: "إنهم ملتزمون كليًا بجعل النقل الجوي جزءًا من سلسلة الإنتاج". ويتابع: "بالإضافة إلى هذا، سنستفيد من خبرتهم في إنتاج المركبات بأعداد كبيرة، وخصوصًا المركبات الكهربائية".

على غير ما هو عليه حال الشركات الناشئة الأخرى ذات الملكية العامة، والتي ترزح تحت وطأة ضغط تحقيق النتائج، يبدو أن الوقت في صفّ سوبرنال. استعرضت الشركة نموذجًا أنيقًا لطائرة كهربائية من خمسة مقاعد تشبه السيارات في شكلها وتعمل بنظام الإقلاع والهبوط عموديًا، غير أنها لا تُعول على استخلاص الترخيص إلا بحلول عام 2028، أي بعد العديد من منافسيها بثلاث سنوات. يقول شين: "أن تكون الأول ليس ميزة بالضرورة. فالمُراد هو تطوير منتج مناسب للسوق".

لا يركّز شين على المركبة وحدها، بل إنه يحيط بالصورة كاملة، إذ يدرس سبل تجهيز المناطق الحضرية بما يناسبها من المدرجات العمودية والبنى التحتية. وبدلاً من الاستكانة إلى الأماني بخصوص مستقبل قطاع الطائرات الكهربائية القادرة على الإقلاع والهبوط عموديًا، فإنه يتخذ نهجًا مدروسًا يتوخى استيعاب المسار المُرجح لتطور المنظومة بأكملها، وكل ذلك في نطاق نموذج أعمال مربح.

وفي هذا يقول: "نحن لا نستبدل النقل برًّا، بل نُحسّنه. فهذا النقل يتطور بوتيرة سريعة أيضًا". ويضيف قائلاً: "نحن بحاجة إلى التأكد من أن المركبات الكهربائية المعززة بنظام الإقلاع والهبوط عموديًا تتفوق حقًا على وسائل النقل الأخرى".

حتى الأسئلة المتشعبة، المتعلقة بتكاليف التصنيع، والوقت الذي توفره مركبات الأجرة الطائرة، وما إذا كان أصحاب الثروات الهائلة سيقودون السوق بدايةً، تشغل بال شين قدر ما تشغله أدق تفاصيل تصميم المركبة. كل هذا والقطاع يسير في طريق تحقيق المخططات.

يقول شين: "نريد أن نحيل هذا المستقبل المثير إلى واقع ملموس، ولكننا لسنا في سباق المائة متر". ويختم قائلاً: "إن ما يميزنا عن الشركات المنافسة يتمثل في خطتنا طويلة الأجل".