عاد السكون ليخيّم على أزقة البندقية وقنواتها المتلألئة، بعد ثلاثة أيام من احتفالات زفاف مؤسس أمازون الملياردير جيف بيزوس وخطيبته الإعلامية لورين سانشيز، في حفل خُصّ به الصف الأول من النجوم ونخبة الأثرياء والعائلات الملكية، إذ لبّى الدعوة نحو 200 ضيف، من بينهم أورلاندو بلوم، وليوناردو دي كابريو، والإعلامية الأمريكية الشهيرة أوبرا وينفري، والملياردير ورجل الأعمال الأمريكي بيل غيتس.

أقام الضيوف في مجموعة من الفنادق الفاخرة مثل فندق غريتي بالاس العريق، وسانت ريجيس، فضلاً عن فندق أمان الفاخر الذي أقام فيه العروسان.

حضرت الملكة رانيا العبدالله زوجة العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني ، وكذلك ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني وزوجته الأميرة رجوة، بالإضافة إلى حضور الأميرة إيمان وزوجها جميل ألكسندر ترميوتس. كما سجّلت إيفانكا ابنة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزوجها جاريد كوشنر حضورهما ضمن الاحتفالات.

وبحسب فوربس، راوحت التقديرات لتكاليف حفل الزفاف الأسطوري بين 20 و25 مليون دولار، وذلك نقلاً عن مصادر محلية ومطّلعين على تفاصيل الحفل، مع احتمال ارتفاع الرقم بناءً على المفاجآت التي خُصّ بها الضيوف، من دون أي تصريح رسمي من بيزوس حتى الآن.

وكان لوكا زايا، رئيس إقليم فينيتو الذي تنضوي تحته مدينة البندقية، قد صرّح بأن التكاليف بلغت 46 مليون دولار، قبل أن يُعلن مكتبه لاحقًا أن الرقم استُمدّ من "مصادر إلكترونية"، ولا يستند إلى معلومات مباشرة من بيزوس أو فريقه.

أما وزارة السياحة الإيطالية، فأشارت إلى أن الزفاف قد يترك أثرًا اقتصاديًا يُقدَّر بأكثر من مليار دولار، أي ما يعادل ثلثي العائدات السنوية من السياحة في البندقية، من دون تقديم شرح واضح لكيفية احتساب هذا الرقم، مع العلم أن بيزوس يُعد اليوم من بين أغنى رجال العالم بثروة تقدَّر بحوالي 237 مليار دولار، ما يجعل مثل هذه النفقات غير مؤثرة.

وقد تنقّل الضيوف عبر المدينة العائمة باستخدام نحو 30 تاكسي مائيًا خاصًا، بلغت كلفة استئجار كل منها بين 210 و290 دولارًا للساعة، وفقًا لما أوردته فوربس، ما يرفع تكلفة النقل المائي وحده إلى ما لا يقل عن 270 ألف دولار.

ولم تغب التفاصيل المترفة عن موائد الحفل، إذ تولّى الطاهي الإيطالي فابريتسيو ميللينو، الحائز ثلاث نجوم ميشلان، مهمة الإشراف على تقديم قوائم الطعام من مطعمه الشهير Quattro Passi في قرية نيرانو القريبة من نابولي. وبلغت تكلفة تقديم المأكولات والمشروبات نحو 1.1 مليون دولار على مدار ثلاثة أيام، بمتوسط 1800 دولار للفرد الواحد، وفقًا لتقديرات سابقة من عملاء المطعم.

وفيما تولّت شركة Munaretto Flowers المتخصّصة في تنسيق الزهور الفاخرة مهمة تزيين المكان، يُعتقد أن تكلفة الورود وحدها بلغت مئات الآلاف من الدولارات، كما وُزّعت هدايا خاصة للضيوف شملت قطعًا من زجاج مورانو الفاخر، وحلويات تقليدية من Rosa Salva، أحد أقدم وأعرق مخابز المدينة.

انطلقت الاحتفالات بحفل استقبال بالقرب من كنيسة مادونا ديل أورتو، قبل أن يُختصر بسبب عاصفة رعدية مفاجئة. أما المراسم الرسمية، فقد جرت في كنيسة بازيليك سان جورجيو ماجوري في جزيرة سان جورجيو. 

أحيا الحفل المغني ماتيو بوتشيلي، نجل التينور الإيطالي الشهير أندريا بوتشيلي، في أمسية أعقبها استقبال على الجزيرة نفسها. وفي اليوم التالي، أُقيم حفل آخر في أرسينالي، أحد أبرز المعالم التاريخية في المدينة والذي يعود إلى القرن الثاني عشر. كان من المقرّر أن يُعقد الحفل في سكولا غراندي ديلا ميزيريكورديا، إلا أنه نُقل قبل أيام قليلة لأسباب أمنية، بعد تهديدات من نشطاء بإغلاق القنوات المائية عبر نشر تماسيح مطاطية، تعبيرًا عن رفضهم لمظاهر البذخ في الزفاف.

وشهدت الاحتجاجات ذروتها حين علّق ناشطو منظمة غرينبيس لافتة عملاقة في ساحة سان ماركو كُتب عليها: "إذا كان بمقدورك استئجار البندقية لزفافك، فبإمكانك دفع المزيد من الضرائب"، إلى جانب صورة لبيزوس وهو يضحك.

في المقابل، رد بيزوس بتقديم تبرعات بقيمة 3.6 مليون دولار وزّعت بالتساوي على ثلاث مؤسسات في البندقية: مؤسسة Corila المعنية بحماية البيئة، ومكتب اليونسكو في البندقية، وجامعة البندقية الدولية. وقد أعلنت اليونسكو أن المبلغ المخصّص لها سيُستخدم لدعم الجهود في الحفاظ على التراث الثقافي والبيئي للمدينة.

وبحسب فوربس، رغم الأرقام الفلكية، فإن زفاف بيزوس وسانشيز لا يُعدّ الأغلى في مجتمع أثرياء العالم. ففي عام 2004، نظّم الملياردير الهندي لاكشمي ميتال حفل زفاف أسطوريًا لابنته في باريس بتكلفة 60 مليون دولار، شمل عروضًا نارية عند برج إيفل وأداءً موسيقيًا لكايلي مينوغ.

أما الرقم القياسي، فقد كُسر في عام 2024 مع زفاف أنانت أمباني، نجل أغنى رجل في الهند موكيش أمباني، في سلسلة احتفالات امتدّت لأشهر، تخللتها عروض لريهانا وجاستن بيبر، وبلغت تكلفتها ما بين 400 مليون و500 مليون دولار، ليُصبح الزفاف الأغلى في التاريخ الحديث.