قطعة إمبراطورية نادرة، تتلألأ بزخارف الثلج وتحتضن بين طبقاتها سرًّا مدهشًا، تعود إلى دائرة الضوء من جديد. ففي الثاني من ديسمبر المقبل، وخلال أسبوع الكلاسيكيات في لندن، تستعد دار كريستيز لعرض "بيضة الشتاء" الشهيرة، إحدى أروع إبداعات دار فابرجيه، وتقدر قيمتها بأكثر من 25 مليون دولار أمريكي.

رحلة عبر الزمن

أُنجزت هذه القطعة عام 1913 بتكليف من الإمبراطور الروسي نيقولا الثاني لتكون هدية عيد الفصح لوالدته الإمبراطورة الأرملة ماريا فيودوروفنا، في عام احتفلت فيه روسيا بمرور ثلاثة قرون على تأسيس سلالة رومانوف.

ومنذ ذلك الحين، خاضت البيضة رحلة استثنائية عبر الزمن؛ فبعد الثورة الروسية، نُقلت إلى ترسانة الكرملين، ثم بيعت في عشرينيات القرن الماضي ضمن حملة بيع كنوز الإمبراطورية. وبعد ذلك، تنقلت بين أيدي جامعين كبار من بريطانيا إلى الولايات المتحدة، قبل أن تحقق رقمًا قياسيًا عالميًا في مزاد كريستيز بجنيف عام 1994، لتعود وتحطم الرقم نفسه مجددًا في مزاد نيويورك عام 2002.

وتبقى هذه البيضة من رموز إرث فابرجيه، الذي أبدع بين عامي 1885 و1916 خمسين بيضة إمبراطورية، لم يتبقَ منها سوى 43 فقط، فيما تُصنَّف "بيضة الشتاء" بين الأشد ندرة والأكثر توثيقًا.

دار كريستيز تعرض "بيضة الشتاء" من فابرجيه بقيمة تتجاوز 25 مليون دولار

Christie’s

ألما بيل.. المبدعة المتفردة

لكن سر هذه القطعة التاريخية لا يكتمل إلا بذكر صاحبة الرؤية. فقد جسدت المصممة الفنلندية ألما تيريسيا بيل مزيجًا مذهلاً من الحرفية والجماليات؛ إذ صاغت البيضة من الكريستال الصخري المنقوش بزخارف تحاكي الصقيع، وأحاطتها بإطار بلاتيني مرصّع بالألماس الوردي على هيئة رقاقات ثلج، فيما يزينها حجر القمر المنقوش عليه تاريخ 1913.

ويخفي المفصل الداخلي للبيضة شريطين من البلاتين المرصّع بالألماس، يمنحانها توازنًا هندسيًا خفيًا لا يقل فخامة عن بساطتها الظاهرة. وتستقر التحفة فوق قاعدة من الكريستال نُحتت على هيئة جليد يذوب ببطء، تتخللها مسارات دقيقة من البلاتين المرصّع بالألماس الوردي تحاكي قطرات الماء المتلألئة.

عند فتحها، تنكشف المفاجأة الداخلية: سلة بلاتينية مرصّعة بالألماس، تحمل زهور شقائق النعمان منحوتة من الكوارتز بأوراق من النفريت وسيقان ذهبية، في مشهد شاعري يرمز إلى التحول من الشتاء القاسي إلى تجدد الربيع. وقد استوحت ألما تصميمها من نافذة متجمدة في ورشتها، حين رأت بلورات الجليد مثل زهور متحجرة، فحوّلت هذا الإلهام العابر إلى أسطورة فنية خالدة.

وإلى جانب "بيضة الشتاء"، ستطرح كريستيز نحو 50 قطعة أخرى من أعمال فابرجيه، تشمل تماثيل حجرية، وحيوانات، وأدوات فنية، وقطع أثاث، بأسعار تقديرية تبدأ من ألفي دولار أمريكي وصولاً إلى مليوني دولار أمريكي.