في زمن تتقاطع فيه الثقافة الشعبية مع الموضة الرقمية، وتُعرض فيه منتجات افتراضية في مزادات عالمية، ظهرت دمية صغيرة الحجم وغريبة الشكل، لتتحول إلى إكسسوار لا غنى عنه لحقيبة بيركين، ومن ثم إلى أحد أبرز رموز الظواهر الاستهلاكية المعاصرة. فهل نجحت لابوبو في اجتياح عالم الموضة الفاخرة؟
دمية لابوبو Labubu، هو ذاك الكائن واسع العينين وذو الأسنان البارزة، بتصميم مستوحى من الأساطير الإسكندنافية، ويحمل لمسات فنية من توقيع الرسام كايسينغ لونغ. وقد تحوّل إلى منتج قابل للجمع بعدما منحته شركة بوب مارت Pop Mart الصينية حياة جديدة ضمن مجموعة ألعابها الفنية. 

يشبه لابوبو في ملامحه ألعاب Beanie Babies، لكن بلمحة عصرية، ويراوح سعره الأساسي بين 20 و30 دولارًا، إلا أن شعبيته المتصاعدة خلال السنوات الماضية جعلت منه ظاهرة عالمية، يتداولها الهواة ويظهر في عروض الأزياء العالمية، وعلى حقائب المشاهير، وفي مزادات فنية.

ظهرت الشخصية لأول مرة عام 2015 في كتاب مصوّر بعنوان The Monsters Trilogy. وفي عام 2019، وقّع لونغ، المقيم في هونغ كونغ، اتفاقية ترخيص مع شركة Pop Mart الصينية لتحويل تصاميمه إلى دمى قابلة للجمع.

النهج التسويقي لشركة بوب مارت لم يقتصر على الإنتاج، بل اعتمد نموذج "صناديق المفاجآت" المغلقة، حيث لا يعرف المشتري أي نسخة سيحصل عليها حتى يفتح العبوة. 

وقد ساهم هذا النموذج في تحوّل لابوبو إلى ما يشبه الظاهرة على شبكات التواصل الاجتماعي، مع انتشار مقاطع الفيديو التي توثق فتح العلب بحثًا عن النسخة النادرة "لابوبو السرّي"، التي لا تتجاوز احتمالية العثور عليها 1 من كل 72.

خلال أسبوع واحد فقط، ظهر وسم #labubu في أكثر من 32 ألف منشور على تيك توك في الولايات المتحدة، وأكثر من مليون منشور على مستوى العالم. 

ظاهرة لابوبو.. كيف تحوّلت دمية آسيوية إلى أحدث صيحة في عالم الموضة

Pop Mart

في المقابل، استغل الموزعون هذا الطلب المتزايد لرفع الأسعار على منصات إعادة البيع، حيث عُرضت بعض النسخ المحدودة على موقع eBay بأسعار تصل إلى 7 آلاف دولار، فيما تجاوزت أسعار بعض الإصدارات الخاصة أكثر من 3 آلاف دولار، مثل تلك المصمّمة بالتعاون مع فانز Vans على منصة StockX.

تحوّلت الدمية إلى مادة تصاميم مقلّدة تحمل شعارات علامات مثل شانيل وغوتشي، تباع في متاجر مثل Lizzie and Friends مقابل 15 دولارًا للقطعة. وعلى الرغم من أن العلامات الفاخرة لم تدخل رسميًا في هذا الاتجاه، إلا أن بعض الدور بدأت تُظهر اهتمامًا.

أخيرًا، أطلق فاريل ويليامز عبر منصّته Joopiter مزادًا شمل 14 دمية لابوبو، صُمّمت خصوصًا بالتعاون مع Sacai وCarhartt WIP، ضمن مجموعة مستوحاة من فرقة سفنتين Seventeen الكورية. بلغ مجموع العائدات 337.5 ألف دولار، وكان أعلى سعر لدمية واحدة باللون الأخضر الزاهي 31.2 ألف دولار. في الصين، بيعت دمية لابوبو بالحجم البشري في مزاد خاص مقابل 150 ألف دولار.

كما ظهرت الدمية ضمن فعاليات أسبوع الموضة في باريس لخريف/شتاء 2025–2026، مرتدية تصاميم مخصصة، وسط عروض رئيسة لبعض الدور. وتداول عدد من المشاهير صورًا لها على حساباتهم، منهم ريهانا، ودوا ليبا، وليزا من BLACKPINK، حتى نشر ديفيد بيكهام صورة لنسخة منها أهداها لابنته هاربر، معلّقة على حقيبة من لويس فويتون.

في طوكيو، باتت بعض الفنادق مثل ذا أديشن The Edition تضع رسومات لابوبو على بطاقات الترحيب بالضيوف. أما في القطاع المالي، فقد عرض بنك Ping An الصيني دمى لابوبو كحافز لفتح حسابات جديدة مقابل إيداع يتجاوز 6 آلاف دولار، قبل أن تتدخل الجهات التنظيمية وتوقف الحملة بسبب مخالفتها لشروط الترويج البنكي.

تشمل مجموعة لابوبو الآن دمى قماشية، ودبابيس معدنية، وإكسسوارات، وملابس. ويمكن تشبيه توسعها بالعلامات الكبرى مثل Hello Kitty أو Stitch، إذ تتجاوز الشخصية الأصل لتتحول إلى منظومة تجارية متكاملة.

هذا وقد توسعت Pop Mart، التي تأسست عام 2010، لتصبح واحدة من أكبر شركات الألعاب الفنية عالميًا، مدعومة بشبكة متاجر، وآلات بيع أوتوماتيكية، وشراكات في مختلف أنحاء العالم.

هذا التوسع ترافق مع اهتمام متزايد من الأسواق الثانوية. فقد صادرت الجمارك الصينية أخيرًا 462 دمية لابوبو جرى تهريبها لإعادة بيعها في السوق المحلي بأسعار مرتفعة، بحسب ما أفادت به شبكة سي إن إن.

انعكس نجاح بوب مارت بشكل مباشر على مؤسسها وانغ نينغ، الذي دخل لأول مرة قائمة أغنى عشرة أشخاص في الصين. وانغ، البالغ من العمر 38 عامًا، احتل المركز العاشر في قائمة فوربس اللحظية للمليارديرات بثروة بلغت 22.7 مليار دولار، معظمها من حصته في الشركة، ليكون بذلك أصغر الأعضاء سنًا. أما سهم Pop Mart، فقد شهد ارتفاعًا لافتًا هذا العام، إذ تضاعف ثلاث مرات ليصل إلى 34.40 دولار في بورصة هونغ كونغ.

من منتج فني محدود إلى ظاهرة اجتماعية وتجارية عالمية، تستمر لابوبو في التمدد ضمن مشهد تتقاطع فيه ثقافة الإنترنت، وجمع المقتنيات، وتحولات الذوق العام في زمن يتغير بسرعة.