اكتسبت فلسفة التبسيط مكانة مهمة خلال السنوات الأخيرة، لدرجةٍ أصبح معها هذا الأسلوب التصميمي المُقِلّ في التفاصيل منشودًا في قطاعات عديدة، بما فيها قطاع المنتجات الفاخرة. ما بين اليخوت الفخمة والجواهر الراقية والساعات الفاخرة، تتنوع الإصدارات التي تتجسد فيها فلسفة تتوخى تحقيق البساطة ليس لذاتها، ولكن في إطار اتساقها مع الجانب الوظيفي.

وقد تبنّت دور الساعات الشهيرة هذا المفهوم وألقت عليه ثوبها المتمايز من خلال النهل من معين التقاليد الحرفية العريقة والاعتماد في الوقت نفسه على رموز كاشفة عن مآلات التبسيط الفاخر. ونستعرض هنا أربعة إصدارات من عام 2023 تتجسّد فيها معالم الرقي في البساطة التي ما فتئت تجتذب نخبة هواة الجمع في كل مكان. 

Chopard L.U.C 1860

تُعد مجموعة L.U.C التي أطلقتها شوبارد قبل أكثر من ربع قرن نجمًا يتألق بهدوء في فئة الساعات الرسمية، لأنها تزهو بموانئ بديعة وتشطيبات رفيعة تُلائم تصميمها الانسيابي والتقليدي. جاءت الساعة الجديدة في علبة بقطر 36.5 ملليمتر، مشغولة من المركب الفولاذي النفيس Lucent Steel، الذي يتمايز بدرجة عالية من المتانة واللمعان ويؤكد في الوقت نفسه التزام العلامة بالفخامة المستدامة.

في قلب العلبة، يُشع الميناء المشغول من الذهب بلون السلمون الذي ابتكره الحرفيون باستخدام تقنية التفاعل الكهروكيميائي، كما يتألق بزخارف غيوشيه المميزة التي تنبعث تموّجاتها من اسم العلامة. وتزيّن الزخارف الحلزونية المتقنة عداد الثواني الصغيرة المستقر عند مؤشر الساعة 6 لتُسهم في إضفاء التناغم على مختلف عناصر الميناء.

صيغت علبة الساعة من المركب الفولاذي Lucent Steel.

Chopard
صيغت علبة الساعة من المركب الفولاذي Lucent Steel.


وإذا كانت بعض سمات الساعة، مثل المؤشرات المشغولة من الذهب الأبيض التي تتخذ شكل الحرف V، تبدو مألوفة، فذلك لأنها إصدار طبق الأصل عن طراز L.U.C الأول. تستكمل هذه الساعة حكاية الأناقة التي ابتدأها كارل فريدريك شوفوليه في عام 1997، والدليل على ذلك حصول آلية الحركة ذاتية التعبئة L.U.C 96.40-L على شهادة دمغة جنيف المتفرّدة.

توفر الآلية، التي تتباهى بتشطيبات رفيعة وزخارف كوت دو جنيف، احتياطيًا للطاقة يدوم 65 ساعة ومقاومة لضغط الماء حتى عمق 30 مترًا. وبالإضافة إلى العلبة المستحدثة والميناء المبتكر، تكتمل الساعة بحزام من جلد العجل بلون رمادي داكن.

يتألق الميناء بلون السلمون وبزخارف غيوشيه المميزة.

Chopard © Alex Teuscher
يتألق الميناء بلون السلمون وبزخارف غيوشيه المميزة.

Parmigiani Fleurier Tonda PF Minute Rattrapante

لن يبتعد عن الصواب من يقول إن مِشعل البساطة في قطاع الساعات الفاخرة بِيَد دار برميجياني فلورييه، على الأقل منذ أن شَغل غويدو تيريني منصب رئاستها التنفيذية. غير أن تقديم الرموز التصميمية البسيطة على ما سواها لا يعني بأي حال أن الدار تضرب صفحًا عن التعقيدات المحكمة، وإلا لما ترشحت أربعة من إصداراتها الأخيرة إلى جائزة جنيف الكبرى للساعات لعام 2023.

تستوطن الساعة علبة من الفولاذ تقترن بميناء نقي.

Parmigiani Fleurier
تستوطن الساعة علبة من الفولاذ تقترن بميناء نقي.


كانت ساعة Tonda PF Minute Rattrapante إحدى الساعات المترشحة، وظهورها الأول جاء في علبة بقطر 40 ملليمترًا، مشغولة من الفولاذ المقاوم للصدأ، تقترن بقرص مخدّد من البلاتين. وقد تألقت العلبة بتشطيبات رفيعة يجد الناظر امتدادًا لها في الميناء الرمادي الرملي الذي يتباهى بزخارف غيوشيه على نمط حبوب الشعير، وعقربين للساعات والدقائق مطليين بالروديوم، فضلاً عن عقرب ثالث محتجب مشغول من الذهب الوردي بزنة 18 قيراطًا.

لكن هذا الطابع التصميمي المُقلّ يقترن بتعقيد من نوع آخر، يتجسد في العقرب الذهبي الذي يقفز بمقدار خمس دقائق بالضغط على الزر المستقر عند مؤشر الساعة 10، أو بمقدار دقيقة واحدة باستخدام الزر القابع عند مؤشر الساعة 8. عقب الضغط على الزر المدمج في التاج، يعود العقرب الذهبي ليتوارى تحت العقرب المطلي بالروديوم، وتؤدي هذه الخاصية دور منبّه صامت بسيط يُتيح قياس الزمن المقضي في مزاولة مختلف الأنشطة. وجدير بالذكر أن هذه الساعة تحتضن آلية حركة ذاتية التعبئة توفر احتياطيًا للطاقة يدوم 48 ساعة.

يؤدي العقرب الذهبي بحركته دور منبّه صامت.

Parmigiani Fleurier
يؤدي العقرب الذهبي بحركته دور منبّه صامت.

Vacheron Constantin Traditionnelle

تعيد دار فاشرون كونستانتين بعث روح البساطة في مجموعة Traditionnelle من خلال إصدار جديد يزهو بلون أخضر لا تخطئه العين البصيرة بمعالم الأناقة الفاخرة. لم تبتعد الدار السويسرية الراسخة في العراقة عن الرموز التصميمية التي اشتهرت بها هذه المجموعة، بل عززت وضوحها عن طريق استخدام علبة نحيفة مشغولة من الذهب الوردي بقطر 38 ملليمترًا، وميناء كلاسيكي بلون أخضر يتباهى بزخارف على نمط أشعة الشمس. مع كل حركة للمعصم، يتناثر الضوء على هذا الميناء، مستحدثًا تأثيرًا يشد النظر ليس إلى لونه فحسب، ولكن إلى المؤشرات والعقارب المشغولة من الذهب الوردي أيضًا، وإلى عداد الثواني الصغيرة عند مؤشر الساعة 6، وحلقة الدقائق التي تتخذ هيئة سكّة حديدية.

يتناثر الضوء على الميناء محدثًا تأثيرًا يشد الأنظار.

Vacheron Constantin
يتناثر الضوء على الميناء محدثًا تأثيرًا يشد الأنظار.


قد يكون الطابع المبسّط للميناء تكملة لما كانت فاشرون كونستانتين قد بدأته في القرن التاسع عشر، بيد أن هذا لا يمنع من استكشاف مسارات الابتكار الممكنة من داخل هذا الإطار الكلاسيكي عن جدارة، على ما يقول كريستيان سيلموني، مدير قسم التصميم الفني والتراث في الدار.

ويتأكد هذا الأمر في آلية الحركة ذاتية التعبئة 4400AS التي حصلت على دمغة جنيف والتي يمكن مطالعة مكوّناتها عبر غطاء الجزء الخلفي المشغول من البلور الياقوتي. جرى تطوير هذه الآلية بالكامل في محترفات الدار، وهي توفر احتياطيًا للطاقة يدوم 65 ساعة ومقاومة لضغط الماء حتى عمق 30 مترًا. وجدير بالذكر أن الساعة تكتمل بحزام أخضر داكن مصنوع من جلد التمساح.

تجمع الساعة بين علبة من الذهب الوردي وميناء بزخارف على نمط أشعة الشمس.

Vacheron Constantin
تجمع الساعة بين علبة من الذهب الوردي وميناء بزخارف على نمط أشعة الشمس.

H. Moser & Cie Streamliner Small Seconds Blue Enamel

وطّنت علامة إتش موزر أند سي نفسها بوصفها صانع ساعات مستقلاً لا يهاب الخوض في خضم الابتكار مهما كان بعيدًا عن السائد في قطاع الساعات الفاخرة، وهذا ما تؤكده ساعة Streamliner Small Seconds Blue Enamel التي تنضح بالبساطة والتعقيد المحتجب.

اختارت الدار صقل الميناء بطلاء المينا بلون Aqua Blue.

H. Moser & Cie
اختارت الدار صقل الميناء بطلاء المينا بلون Aqua Blue.


صيغت الساعة التي تتخذ هيئة وسادية في علبة من الفولاذ بقطر 39 ملليمترًا، وقد استُلهم تصميمها من القواطر السريعة التي سادت في عشرينيات القرن العشرين وثلاثينياته. على أن العلبة الجديدة تتمايز بأبعاد معدّلة تمنحها استطالة أكبر.

بل إن الطريقة التي جرى بها إدماج السوار عززت هذا الطابع الممتد، وهو ما أضفى على خطوط الساعة انسيابية شديدة ومرونة بالغة. لإبراز الأبعاد المبتكرة للعلبة، اختارت الدار السويسرية صقل الميناء بطلاء المينا باستخدام تقنية الإشعال في الفرن.

صيغت الساعة في علبة من الفولاذ استُلهم تصميمها من القواطر السريعة في عشرينيات القرن العشرين وثلاثينياته.

H. Moser & Cie © Franz J.Venzin
صيغت الساعة في علبة من الفولاذ استُلهم تصميمها من القواطر السريعة في عشرينيات القرن العشرين وثلاثينياته.


وقد لجأت إلى لون أزرق مميز باسم Aqua Blue، استخلصته بعد عملية مطوّلة من معالجة الأصباغ وإضافتها طبقة تلو الأخرى حتى تتأكسد وتندمج معًا عند تسخينها في الفرن. تُحدث هذه العملية الدقيقة فروقات لونية طفيفة بين كل ميناء وآخر، ولكن تبقى بعض العناصر متماثلة، مثل المؤشرات الفولاذية، والعقارب المشغولة من قطعتين، وميناء الثواني الصغيرة عند مؤشر الساعة 6. تنبض الساعة بآلية الحركة ذاتية التعبئة HMC 500 التي وظفت فيها العلامة دوّارًا صغيرًا مشغولاً من البلاتين للمرة الأولى، ما رفع احتياطي طاقتها إلى أكثر من 74 ساعة، في حين ظلت مقاومة ضغط الماء عند حدود 120 مترًا.