وسط أجواء تنضح بالفخامة والتاريخ، تستعد دار سوذبيز باريس في 25 يونيو المقبل للكشف عن مجموعة نادرة من تذكارات نابليون بونابرت تعكس في آنٍ واحد مجد الحقبة الإمبراطورية وأبعادها الشخصية العميقة.
تعود هذه المجموعة الاستثنائية إلى الجامع الشهير بيار-جان شالنسون الذي أفنى أكثر من أربعة عقود في اقتناء كل ما يتصل بالإمبراطور الفرنسي وسيرته الأسطورية، مدفوعًا بشغف لا يهدأ لإعادة رسم ملامح تلك الحقبة من خلال قطع أصيلة تنقل روح العصر، وتبوح بخفايا الحياة الإمبراطورية كما لم تُروَ من قبل.
وثائق وتذكارات إمبراطورية
يبرز من بين كنوز المزاد خاتمٌ ممهور بختم الإمبراطورية، قطعة صغيرة ولكن عظيمة في رمزيتها. إنه خاتم الختم Signet Ring المصنوع ببراعة في أوائل القرن التاسع عشر على يد الصائغ الفرنسي مارك-إتيان نيتو، الرجل الذي شكّلت إبداعاته النواة الأولى لدار شوميه، التي أصبحت لاحقًا واحدة من أعرق دور الجواهر في العالم.
يتميّز هذا الخاتم بتصميمه الدقيق ونقوشه المحمّلة بالدلالة: الحرف الإمبراطوري "N" محفور بعناية، يعلوه تاج مهيب يُجسّد سلطة نابليون وسطوته، وكأنما خُلق الخاتم ليُتوَّج إصبع القائد المختار.
أُهدي هذا الخاتم الفريد في عام 1811 إلى هانس دي برويير، القائد في صفوف حرس الشرف بمدينة نيميغن، خلال الزيارة الرسمية التي قام بها نابليون إلى مملكة هولندا.
لحظة جمعت بين البعد العسكري والبعد الرمزي، إذ حمل الإهداء دلالة شخصية عميقة تعبّر عن الامتنان والتكريم الإمبراطوري. وتُقدّر دار سوذبيز قيمة هذه القطعة الاستثنائية بين 226 ألف و340 ألف دولار، إلا أن هذه الأرقام قد لا تكفي لترجمة ما يمثله الخاتم لهواة الجمع، الذين يُتوقّع أن يتنافسوا بشغفٍ على اقتنائه، بوصفه أثرًا نابضًا من زمن لا يزال حيًّا في الذاكرة الأوروبية.
يتضمن المزاد أيضًا مقتنيات نابليونية تحمل طابعًا شخصيًا وتاريخيًا مهيبًا، من بينها عقد زواج نابليون وجوزفين، وثيقة تحمل بين سطورها بداية تحالفٍ عاطفي وسياسي شكّل ملامح الإمبراطورية في سنواتها الأولى.
كما يشمل المزاد طاولة زينة فاخرة للإمبراطورة، تعكس ذائقة تلك الحقبة في أدق تفاصيله، وتكشف عن لمحات من حياة القصور التي كانت تدار خلف الستائر المخملية. ويُعرض أيضًا عرش ملكي يحمل رمزية السلطة المطلقة، ويُعيد إلى الأذهان مشاهد البلاط الإمبراطوري بكل ما فيه من مراسم وأبهة.
غير أن القطعة التي أثارت اهتمامًا خاصًا لدى هواة الجمع والمؤرخين على حدّ سواء، هي سرير ميداني محمول، رافق نابليون في حملاته العسكرية عبر أوروبا.
هذا السرير، بتفاصيله البسيطة ووظيفته الحيوية، يشكّل أحد أكثر الشهادات الإنسانية تعبيرًا عن حياة القائد في خضم المعارك، إذ يختصر في هيئته المتواضعة تلاقي الأضداد في شخصية رجل جمع بين العظمة والصرامة، وبين المجد والوحشة.