في قلب حي أبر إيست سايد Upper East Side، حيث تصطف القصور التاريخية والواجهات الكلاسيكية على إيقاع حياة نيويورك الراقية، يطل قصر بيل كوزبي وزوجته كاميلا بوصفه إحدى علامات العمارة الفاخرة في مانهاتن.
إلا أن هذا المبنى العريق، الذي شهد فصولاً من حياة نجوم هوليوود وزيارات نخبة المجتمع، يعود إلى الواجهة من جديد، بعد أن طُرح مؤخرًا في السوق بسعر يناهز 29 مليون دولار أمريكي.
القصر معروض حاليًا للبيع عبر مكتب كوركوران Corcoran العقاري، الذي يتولى تسويقه بوصفه واحدًا من العناوين المرموقة النادرة في السوق. وبالرغم من أن الإعلان لم يتضمن أي إشارة إلى اسم كوزبي، إلا أن المتابعين سرعان ما ربطوا هذا الطرح بملف مالي معقّد يحيط بالممتلكات العائلية.
فقد كشفت سجلات محكمة مانهاتن العليا عن تخلف الزوجين عن سداد قروض بلغت قيمتها 17.5 مليون دولار، إلى جانب ضرائب عقارية متراكمة تجاوزت 300 ألف دولار أمريكي منذ يونيو 2024. ورغم أن بنك فيرست فاونديشن First Foundation استحوذ على العقار العام الماضي، إلا أن الزوجين يواصلان نفي هذه المطالبات، ليظل القصر اليوم معروضًا أمام المشترين وسط تعقيدات تاريخه القانوني.
عقار بيل كوزبي في مانهاتن.. قصر كلاسيكي بلمسة خالدة
العقار الفاخر، المعروف سابقًا باسم قصر لوستير Luyster Mansion، يحمل توقيع المعماري الشهير جون دنكان، الذي ارتبط اسمه أيضًا بتصميم ضريح غرانت التاريخي في شمال المدينة، ما يجعله أحد أبرز الشواهد على عمارة نيويورك الكلاسيكية عند مطلع القرن العشرين.
وفي عام 1987، انتقل هذا المعلم الفريد إلى ملكية بيل كوزبي، الذي اقتناه مقابل 6.2 مليون دولار أمريكي خلال فترة ذروة نجاحه في مسلسل ذا كوزبي شو The Cosby Show. ويُروى أن القصر كان آنذاك هدية مفاجئة لزوجته كاميلا، ليضيف بذلك فصلاً شخصيًا جديدًا إلى تاريخه المعماري العريق.
ورغم ما أحاط به من تحديات قانونية في السنوات الأخيرة، إلا أن القصر ما زال القصر بجاذبيته المعمارية الفريدة. تتوّج واجهته المشغولة من الحجر الجيري المنحوت يدويًا أسقف نحاسية مزدوجة، تمنحه حضورًا فخمًا بين قصور شارع East 71st. المنطقة نفسها تُعرف بقيمتها التاريخية العالية، إذ شهدت عام 2021 بيع منزل جيفري إبستين المجاور مقابل 51 مليون دولار أمريكي، ما يعكس استمرار الطلب على هذه العناوين الاستثنائية رغم الجدل المحيط ببعضها.
J.C. Rice
فخامة المساحات الداخلية
من اللحظة الأولى التي تعبر فيها عتبة قصر بيل كوزبي، تكشف التفاصيل الداخلية عن ذروة الحرفية التي ميزت مطلع القرن العشرين: مدخل من رخام كارارا يقود إلى بهو مركزي شاهق بارتفاع 4.57 متر، يفتح بدوره على صالون رئيس بمساحة 46.45 متر مربع، تزينه أرضيات من خشب الماهوغني المُطعَّم وتتوزع داخله 11 مدفأة تُضفي على أجوائه لمسة دافئة من الفخامة الكلاسيكية.
ومن هناك، تنفتح الأبواب الفرنسية على شارع East 71st، فيما يربط مصعد كلاسيكي من الماهوغاني والبرونز بين الطوابق، محافظًا على أصالة المكان. أما غرفة المعيشة، فتتميّز بسقف مقبب وأرضيات خشبية بنمط متعرج، في حين تتلألأ غرفة الطعام الرسمية في الطابق السفلي بسعة استثنائية تتسع لما يقارب 30 ضيفًا.
في الطوابق العلوية، يكشف الجناح الرئيس عن غرفتين خاصتين للحمام، فيما تتوزع غرف إضافية تضم غرفة دراسة هادئة وغرفة ضيوف بشرفة خاصة تُطل على الحي. وتُضيء فتحات السقف المقببة هذه المساحات الطبيعية، فيما تكمل العقار حديقة على السطح بمساحة 46.45 متر مربع تُعد من أبرز مزاياه الخارجية.
أما المطبخ، الذي يستحضر حقبة المبنى حين كان جزءًا من مدرسة ليسيه فرانسيه Lycée Français الفرنسية، فيحافظ على طابعه التراثي عبر بلاط التيراكوتا والزجاج المشطوف، فيما يضفي فرن دوّار بمواصفات المطاعم لمسة عصرية عملية. وبذلك يختزل هذا الفضاء جوهر القصر كله: مزيج نادر من التاريخ العريق والوظائف الحديثة.