سفينة إتش إم إتش إس بريتانِك، الشقيقة للسفينة الأشهر آر إم إس تيتانيك، غرقت قرب السواحل اليونانية عام 1916، وذلك بعد أربع سنوات فقط من كارثة غرق التيتانيك، لتنال نصيبها الخاص من الشهرة المأساوية.
وعلى الرغم من أن بريتانِك صُممت في الأساس لتكون سفينة رحلات فاخرة، لكنها لم تُستخدم قط لهذا الغرض. ففي عام 1915، استولت عليها البحرية البريطانية وحولتها إلى أكبر سفينة استشفاء في العالم خلال الحرب العالمية الأولى، فعملت بهذه الصفة لمدة عام تقريبًا.
وفي نوفمبر عام 1916، وفي أثناء إبحارها قبالة جزيرة كيا اليونانية في طريقها إلى ليمونوس، اصطدمت بريتانِك بلغم بحري ألماني وغرقت في أقل من ساعة، ما أسفر عن وفاة 30 شخصًا من بين 1060 راكبًا كانوا على متنها بحسب وزارة الثقافة اليونانية.
الآن، وبعد ما يقارب 110 أعوام، ذكرت وزارة الثقافة اليونانية أنه خلال مهمة استمرت أسبوعًا في شهر مايو، تمكن فريق مكوّن من 11 غواصًا محترفًا من استخراج أول دفعة من القطع الأثرية من حطام السفينة.
Hellenic Ministry of Culture and Sports
ونُفذت عمليات الاستخراج على عمق 400 قدم تحت سطح البحر، حيث زادت التيارات البحرية وضعف الرؤية من صعوبة المهمة، بحسب ما أفادت به وكالة أسوشيتد برس، ما اضطر فريق الغواصين إلى استخدام أجهزة تنفس بدائرة مغلقة.
نُظمت هذه العملية من قِبل المؤرخ البريطاني سايمون ميلز، مؤسس مؤسسة بريتانِك، وأشرفت عليها إدارة تابعة لوزارة الثقافة اليونانية مختصة بعلم الآثار تحت الماء. وقالت الوزارة: "إن الظروف في موقع الحطام كانت شديدة الصعوبة بسبب التيارات البحرية والعمق وضعف الرؤية، إضافة إلى تعذر انتشال بعض القطع بسبب موقعها أو حالة حفظها".
ووفقًا لتقرير أسوشيتد برس، شملت القطع المستخرجة جرس المراقبة الخاص بالسفينة، وصواني مطلية بالفضة من خدمة الدرجة الأولى الفاخرة، وبلاطات خزفية من حمّام تركي، وحوضًا من البورسلين من مقصورات الدرجة الثانية، إضافةً إلى منظار مزدوج العدسات يعود لأحد الركاب.
Hellenic Ministry of Culture and Sports
وتخضع هذه القطع الأثرية حاليًا لعمليات ترميم وحفظ في مختبرات الإدارة المتخصصة بمدينة أثينا، على أن تُعرض ضمن المجموعة الدائمة في متحف الآثار تحت الماء الجديد الذي يجري بناؤه في ميناء بيرايوس اليوناني.
ومن المقرر أن يُفتتح متحف الآثار تحت الماء، الذي ستُعرض فيه مكتشفات سفينة بريتانِك، في عام 2026، بتمويل يشمل نحو 109 ملايين دولار من صندوق التعافي والقدرة على الصمود التابع للاتحاد الأوروبي.
سفينة بريتانِك تُعدّ الثالثة ضمن سلسلة السفن الفاخرة العابرة للأطلسي التي شيّدتها شركة هارلاند آند وولف في بلفاست لصالح شركة وايت ستار لاين. وكانت الأولي هي أوليمبيك التي أبحرت لأول مرة عام 1911، ثم تلتها آر إم إس تيتانيك التي غرقت في عام 1912، لتكتمل الثلاثية ببريتانِك التي جرى تدشينها عام 1914.